وطنا اليوم:أكد رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان، أن الحكومة ستعمل على تخفيض نموّ الدين العام للناتج المحلي الإجمالي من خلال استبدال الدين مرتفع الكلفة بالقروض الميسرة بدعم من دول شقيقة وصديقة ومؤسسات تنموية.
وقال خلال تقديمه للبيان الوزاري للحكومة امام مجلس النواب اليوم الأحد”: ندرك تماماً ضرورة ضبط نموّ الدين العام للناتج المحلي الإجمالي، الذي وصل إلى 90 بالمئة، ونهدِف إلى تخفيض هذه النسبة، لتصل إلى ما يقارب 80 بالمئة في عام 2028″.
وتاليا البيان الوزاري لحكومة الدكتور جعفر حسَّان
مقدَّم لمجلس النوَّاب العشرين
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيم
والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمد، النبيِ العربيِ الهاشميِ الأمين،
سعادةَ رئيسِ مجلسِ النواب،
السَّيداتُ والسَّادةُ أعضاءَ مجلسِ النوَّاب الموقَّر،
أقفُ والفريقُ الوزاريُ أمامَ مجلسِكم الموقّر، في هذا الاستحقاقِ الدستوري، الذي نقدِّمُ فيه بيانَ الحكومةِ لطلبِ ثقة نوَّابِ الأمَّة، لنحملَ وإياكم وبعونِ الله، شرفَ خدمةِ الوطنِ والملكِ والشعب الأردني الأبيِّ، الذي يستحق منَّا كلَّ جهدٍ مخلص.
وبعد أنْ استمعنا لخطابِ العرش السامي، في افتتاح أولى دوراتِ هذا المجلس الكريم؛ فإنني أرفعُ أسمى معاني الإخلاصِ والوَلاءِ والتقدير والعرفان، لصاحبِ الجلالة الهاشميَّة الملك عبدالله الثاني المعظَّم، ونحنُ نحتفلُ بمناسبةِ اليوبيل الفضِّي لتولِّيه أمانةَ المسؤوليَّةِ، التي يحملُها بكلِّ عزم.. مُحدِّثاً لبُنى الدولةِ ومؤسساتِها، محافظاً على قِيَمِها الأصيلة ورسالتها النبيلة، ومعززاً لمصادرِ قوَّةِ الأردنِ ومكانَتِهِ الكبيرة بين الأُمم، وعلى يمينه ولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين حفظه الله وحماه.
وجلالة الملك هو الذي يعلِّمنا دوماً، أن الانتماء للأردن أساسُهُ الإخلاصُ والجديةُ والمسؤوليةُ، وروحُ المبادرةِ والمثابرة، وأن العملَ الوطنيَ، هوَ ما يمكن قياسُهُ بالإنجازِ، وبالأثرِ المتحقِّقِ في المجتمعات، وأن التواجد مع المواطن في كلِّ مواقِعِهِ هو الطريقُ نحو تعزيزِ الثقةِ وتوجيهِ الأولويات، وأن العملَ العام واجبٌ وخِدمةٌ وجهدٌ وصبرٌ وتصميم.
نقفُ اليومَ، أيها السَّيداتُ والسَّادةُ النواب، بعد الانتخاباتِ النيابيَّةِ الأخيرة، ملتزمينَ بالتوافقِ الوطنيِ على منظومةِ التحديث السياسي، التي شكَّلتْ مَحَطةً مَركزيةً على طَريقِ ترسيخِ النموذجِ الديمقراطي الأردني الشاملِ والمسؤول، برؤيتِهِ الاستراتيجية لمستقبلِ هذا البلد وأجيالِه القادمة، تزامناً مع مطلعِ المئوية الثانية من عمرِ دولتنا المديد.
والهدفُ الأساسُ للتَّحديثِ السياسي هو تعزيزُ دورِ هذه المؤسَّسةِ الدستوريَّةِ التي نقفُ فيها، وتدعيمُ بُنيانِها، ودورُ أحزابِها وأعضائها.
إنَّ أحدَ أهم مرتكزاتِ تطبيقِ دستورنا العتيد هو تقاسمُ المسؤولياتِ بين السلطات، ضمنَ مبدأِ الفصلِ المتوازن، والقائمِ على تكاملِ الأدوار والتعاونِ بَينهَا، وليس التَعارضَ أو التداخُلَ أو التعطيل، فكلُّنا أمامَ مَهمةٍ وطنيةٍ لا تحتملُ التأخير.
ونحنُ جميعاً، تحتَ هذه القُبَّةِ اليوم، يجمعُنا قَسَمٌ أمام ربِّ العالمينَ بالإخلاصِ والخدمةِ والأمانةِ للوطنِ والملكِ والأمة والحفاظِ على الدستور.
سعادة الرئيس،
السيدات والسادة النواب،
جاءت هذه الحكومةُ بتكليفٍ ملكي سامٍ ومُلزم؛ لنحملَ شرفَ خِدمةِ الأردنيين في مختلفِ مناطقهم، والتواجدِ بينهم، لإيجادِ الحلول وتوسِعةِ الفرص وتعزيزِ الإمكانياتِ والقدرات، والاستماعِ إلى أبناءِ وطننا وبناته في مختلفِ الميادين، ومن مواقِعِهم لا من مواقعنا فقط.
وقد بدأنا هذا النهج منذ تشكيلِ الحكومة، ومستمرون فيه ضمنَ إطارٍ مؤسسي، نبني وننفِّذُ من خلالهِ رؤىً تنمويَّةً، وبرامجَ تنفيذيَّة، تشملُ أولوياتِ العملِ والإنجاز، بالتعاون مع المجالسِ المنتخبة في المحافظات، وترتكزُ عليها برامجُ عملِنا وأولوياتِنا، وموازناتِنا القطاعية، ضمنَ الأسسِ العلميةِ الموضوعية والقدراتِ المتاحة، والإمكانياتِ المتوفرة. وهو نهجٌ نتطلَّعُ فيه كحكومة للعملِ معكم؛ لخدمةِ مجتمعاتِنا في مختلفِ أنحاءِ المملكة.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
والحكومةُ وهي تضعُ بيانها الوزاري بين أيديكم اليوم، فلا بدَّ من التأكيدِ على جملةٍ من القِيَمِ الوطنية، التي نؤمنُ بها ونعملُ في إطارها، التزاماً وطنياً لا حيادَ عنها.
إن الأردنَّ القويَّ المنيعَ والمحصَّن هو غايتُنا وهدفُنا الأسمى، ليبقى على الدوامِ وطناً شامخاً كريماً عزيزاً بأرضِهِ وأهله.. وعَلَمَهُ هو الأعلى.. وطناً تسودُ فيهِ قيمُ الوطنيةِ والعملِ والإنجاز، وترى أجيالُ المستقبلِ فيهِ الخيرَ والعطاء، وتُرَسِّخُ في أركانِهِ تاريخَها الزَّاهر، وتبني في ساحاتِهِ مستقبلَها العظيم بإذن الله.
والدولةُ الأردنيةُ بناءٌ متواصلٌ منذ فجرِ الإِمَارَة، ومملكةٌ أردنيَّةٌ هاشميَّةٌ محصَّنةٌ بقيادةٍ حكيمة، وشعبٌ ملتفٌّ حولَ العرشِ المفدى.. مملكةٌ متمسِّكةٌ بمبادئَ لم تتغير، وعقيدةٍ لن تتحوَّل؛ فالأردنُّ أرضُ الصمودِ، في وجهِ كلِّ الصِّعابِ والصدمات التي توالتْ حولَنا طيلةَ مسيرةِ هذا البلدِ العظيم، وقد واجهناها أجيالاً فأجيال بحكمةِ قيادَتِنا الهاشميَّةِ وبعزمِ الأردنيينَ والأردنيات؛ لتُصنَعَ هذه المعجزةُ رغمَ كلِّ المُعيقات وكلِّ المُستحيلات.
والقواتُ المسلَّحةُ الأردنية – الجيشُ العربي والأجهزةُ الأمنيَّةُ الباسلة، هي صاحبةُ الفعلِ عبر تاريخٍ من البطولاتِ والتضحيات، ولجيشنا العربيِ نصيبٌ من اسمه، فهوَ الذي قدَّمَ الشهداءَ في سبيلِ الأمةِ وفلسطينَ والقدس، وهو درعُ الوطنِ وحاميه، وهو الذي أرسى من عقيدتِهِ، بالإيمان بالله.. وبالوطن.. قيمَ البذلِ والعطاءِ والتضحية، متمسكاً بمبادئِ الثورةِ العربية الكبرى انتصاراً لقوميتنا.. وحمايةً لإرثنا العربيِ الإسلامي والمسيحي من محاولاتِ المساسِ والتشويهِ والفتن.
وسيبقى الجيشُ العربيُ وأجهزتُنا الأمنية، أولَ مدارسِ تعليمِ قيم الإخلاصِ والإيثارِ والشجاعة، ولها الدورُ الكبيرُ في بناءِ الوطن والعديدِ من قطاعاتِهِ ومؤسساتِهِ طيلةَ مسيرةِ الأردنِ العزيز.
وعلى ذلك، وكما أمرنا جلالةُ القائدِ الأعلى المفدَّى؛ فإنَّ دعمَ الحكومةِ للجيشِ والأجهزةِ الأمنية، مطلقٌ وعلى رأسِ أولوياتنا، ليبقى الأردنُّ محمياً مصاناً من تقلباتِ المنطقةِ وفوضى الحروبِ العبثية، ومن أعداءِ الاعتدال والحكمةِ والعقل.
وستظلُّ فلسطينُ قضيتُنا المركزية. وسيبقى الأردنُّ السندَ لفلسطين، يقدِّمُ كلَّ ما يستطيعُ من أجلِ إنهاء احتلالِها ورفعِ الظُّلمِ والقَهْرِ عن شعبها الشقيق، وتَلبِيَةِ حقوقِهِ المشروعة، وفي مقدمتِها حقَّهُ في الحريَّةِ والدولةِ المستقلَّةِ ذاتِ السيادةِ على خطوطِ الرابعِ من حزيران لعامِ 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقيَّة.
وستستمرُّ المملكةُ في بذلِ كلِّ جهدٍ ممكن من أجلِ وقفِ العدوانِ الإسرائيلي على غزَّةَ وإنهاءِ الكارثةِ الإنسانيةِ هناك، وستظلُّ تتصدى للإجراءاتِ الإسرائيليةِ اللاشرعيَّةِ في الضفَّةِ الغربيَّةِ المحتلَّةِ، التي تقوِّضُ كلَّ فُرَصِ تحقيقِ السَّلامِ العادلِ والشَّامل.
ثوابتُنا راسخةٌ لا تتزحزح.. مواقفُنا صلبةٌ لا تتغيَّر.. وجهودُنا متواصلةٌ لا تنقطع، يقودها جلالةُ الملكِ عبدالله الثاني نُصْرَةً لفلسطينَ وشعبها في كلِّ المحافلِ الدولية، وكما يؤكِّدُ جلالةُ الملك دائماً:
المُقَّدساتُ الإسلاميةُ والمسيحيةُ في القدسُ خطٌ أحمر، ونقفُ بكلِّ صلابةٍ ضدَّ كلِّ محاولاتِ تغييرِ الوضعِ التاريخي والقانوني فيها.
تهجيرُ الفلسطينيينَ من وطنِهِم أيضاً خطٌ أحمر، وسنواجِهُ بكلِّ ما أوتينا أيَّ محاولةٍ لتهجيرِ الشعبِ الفلسطيني من الضفةِ الغربيةِ المحتلة.
حلُّ القضيةِ الفلسطينيةِ، في فلسطين، وسبيلُهُ الوحيدُ تجسيدُ الدولةِ الفلسطينيةِ المستقلةِ على الترابِ الوطنيِ الفلسطيني.
فلاءاتُ جلالةِ الملك واضحةٌ، ولن يكونَ الأردنُّ وطناً بديلاً لأحد.. هو وطنُ الأردنيينَ الذي سيبقى شامخاً عزيزاً قوياً بعزيمةِ شعبنا، وحكمةِ قيادتِنا الهاشميَّة.
وسيظلُّ الأردنُّ صوتَ الحقِّ والسلامِ العادل، يوظِّفُ شبكةَ العلاقاتِ الدوليةِ الراسخةِ التي كرَّسها جلالةُ الملك من أجلِ خدمةِ مصالِحنا الوطنية وقضايانا العربية والإسلامية.. يحشدُ الدَّعمَ الدَّوليَ للحقِّ الفلسطيني.. يحذِّرُ العالمَ من التَّبِعاتِ الكارثيَّةِ لاستمرارِ استباحةِ الحقِّ الفلسطيني وغيابِ آفاقِ تحقيقِ السلامِ العادلِ والشَّامل، ويدعو إلى وقفِ ازدواجيَّةِ المعاييرِ في تطبيقِ القانونِ الدولي.
كما أن علاقات الأردن الدولية قائمةٌ على الاعتدال والوسطية والتعاون، والسعيِ نحو السلام، ونبذِ العنفِ والتطرُّف، واتفاقياته مع الجميع أساسُها حفظُ مصالِحِهِ الوطنيَّةِ وأمنه واستقراره قبل كلِّ شيء.
لم يغيِّرْ الأردنُّ ثابتاً ولن يُغيِّر.. وكما أكَّدَ جلالةُ الملك في خطابِ العرش.. مستقبلُ الأردنِّ لن يكونَ خاضعاً لسياساتٍ لا تلبِّي مصالِحَهُ أو تخرُجُ عن مبادئِه.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
لا بدَّ من التأكيد على أنَّ الحرياتِ العامةَ محصَّنةٌ بالحقِّ الدستوري، وعلى قاعدةِ الممارسة الوطنيَّةِ المسؤولة، وسقفُها القانون، دونَ التجاوزِ أو التعدي على الحقوقِ العامَّةِ والخاصَّة والمؤسساتِ.
وسيادةُ القانون هي الأداةُ لتعزيزِ العدالةِ الاجتماعية، وبها نحمي الحرياتِ العامة وحقوقَ الإنسان، ولذلك لا يمكنُ القبولُ بمقايضاتٍ أو سياساتٍ استرضائية، على حسابِ القانون ومصالحِ المواطنينَ وسلامتِهم وحقوقِهم.
والمسارُ السياسيُّ الذي تؤمنُ به الحكومة هو ذلك الذي يُفضي إلى تعزيزِ الحوارِ الوطنيِ حولَ أولوياتنا.. حوارٌ صادقٌ وصريح، يُعرِّفُ الاختلافَ، ويتجاوزُ تأزيمَ الخلافات، ولا يقبلُ بالحلول التسكينيَّة لمعالجةِ التحدِّيات.. حوارٌ لا إقصاءَ ولا تهميشَ فيه، يقبلُ الآخر، ويبني التوافقاتِ الممكنةَ ضمنَ برامِجِنا الوطنية، بالاستنادِ إلى المعلومةِ والحقيقةِ والواقعية، مبتعدينَ عن التأجيجِ الانتهازي، والتحشيدِ غير المسؤول.
وسيكون هذا نهجُنا في العلاقةِ معِ الكُتَلِ الحزبية في مجلسِكم الكريم، وكذلك مع القوى السياسيةِ دونَ استثناء.. علاقةٌ عِمادُها مصلحةُ الأردنِ والأردنيين.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
الشأنُ الوطنيُ هو مسؤوليتُنا الأولى، وعليه، فإنَّ برنامجَ الحكومة، هو المُضيُّ بعزمٍ في التحديثِ الشاملِ سياسياً واقتصادياً وإدارياً؛ لأنَّه مشروعُ الدولةِ للمستقبل.. وقد بُنِيَ بالتوافقِ الوطني، والرؤيةِ الواضحةِ التي تحتاجُ إلى جهودٍ استثنائيةٍ حقيقيةٍ لتنفيذها وتطويرها والبناءِ عليها.
وقد شكَّلتْ الانتخاباتُ الأخيرةُ مرحلةً مهمة في تحقيقِ أهدافِ التحديثِ السياسي، واستفتاءً على نجاحِه، رغمَ الأزماتِ التي تحيطُ بنا، وهي خطوةٌ أولى للمُضيِّ في مراحلِ المشروعِ التَّحديثي لتشكيلِ البرلماناتِ الحزبية خلالَ العَقدِ المقبل.
وها نحنُ نشهدُ ولأولِ مرةٍ في تاريخِ مجالسِ النواب هذا الحجمَ لتمثيلِ المرأة، ما يضعُنا أمامَ مسؤوليةِ توسيعِ حضورِها في كلِّ المؤسساتِ والقطاعات، وتمكينِ دورِها في سوقِ العمل وفي المجالِ الاقتصادي كما السياسي والمجتمعي.
والحكومةُ مكلفةٌ بتهيئةِ البيئةِ لضمانِ تقدُّمِ مسارِ التحديثِ السياسي، وسَنحرِصُ على علاقةِ تعاونٍ أساسُها الدستور مع مجلسِ الأمّةِ والأحزاب، وإدامةِ قنواتٍ للتّواصل معَ جميعِ الكتلِ النيابية، واحترامِ دورِ الأحزاِب المحوري في عمليَّةِ التَّحديث؛ لِبِناءِ حياةٍ حزبيّةٍ برامجيّةٍ ضمن الرُّؤية الملكيَّةِ السَّامية.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
وكما تعهدنا في الردِّ على كتابِ التَّكليف السَّامي، نلتزمُ خلالَ العام المقبل بإطلاقِ حوارٍ وطنيٍ لمراجعةِ التَّشريعاتِ النَّاظمة لعمل البلديَّات ومجالس المحافظات تحضيراً للانتخاباتُ المقبلة.
وسيتمُّ ذلكَ بالاستنادِ لمخرجاتِ اللَّجنةِ الملكيَّةِ لتحديثِ المنظومةِ السياسية والتوصياتِ ذات العلاقة، وبما يضمنُ توسيعَ صلاحيَّات هذه المجالس ويمكِّنَها من القيامِ بمسؤوليَّاتها مع وضعِ آليَّاتٍ للرَّقابةِ والتَّقييمِ؛ فلا صلاحيَّاتٌ دونَ مساءلة، وبما يضمنُ أفضلَ الممارساتِ التي تخدمُ أولويَّات المواطنين وتعزِّزُ مشاركتهم.
وبموازاةِ ذلك، ستتخذُ الحكومةُ الإجراءاتِ اللازمة لحوكمةِ قطاعَ الإدارةِ المحليَّةِ، ورفعِ كفاءةِ كوادرها، وأتمتةِ الخدماتِ لتحسينِ خدماتها الضروريَّةِ للمواطنين.
ومن ناحيةٍ أخرى، فقدْ بدأنا منذُ الأسابيعِ الأولى لهذهِ الحكومةِ بعقدِ لقاءاتٍ مع النقاباتِ المهنية، فهي بيوتُ خبرةٍ وكفاءةٍ وطنيةٍ عريقة، ساهمتْ في مسيرةِ بناءِ الوطن، ونحنُ حريصونَ على تمكينِها في إطارِها المهني، والاستفادةِ من خِبراتِها وتجاربِها في برامجنا وخططِنا ومشاريعِنا الحاليةِ والمستقبلية؛ لنكونَ شركاءَ في تعزيزِ قدراتِ قطاعاتِنا المختلفة وتنافسيتها.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
تلتزمُ الحكومةُ بدعمِ الجهازِ القضائي وتعزيزِ استقلاليتِهِ ورفدِهِ بكامل الإمكانيات؛ من خلال تطويرِ البُنى التحتيةِ والفنيةِ في المحاكم، ورفدِها بما يلزمُ من كوادرَ بشريةٍ وموظفينَ مؤهلين، والمضي قدماً في رقمنةِ إجراءاتِ التقاضي، والتوسُّعِ في تطبيقِ إجراءاتِ المحاكمة عن بُعد والربطِ الإلكتروني مع الجهاتِ ذات العلاقة.
كما تسعى الحكومةُ، وبالتعاون مع المجلس القضائي، إلى إجراءِ كلِّ ما يلزمُ للتوسُّعِ في تطبيقِ العقوباتِ البديلةِ عن العقوباتِ السالبةِ للحرية، من خلال الخدمةِ المجتمعية وتوسعةِ برامجها.
ولذلك، ستقدِّمُ الحكومةُ مشروعَ قانونٍ معدِّلٍ لقانونيّ العقوبات وأصولِ المحاكماتِ الجزائية؛ للتوسُّعِ في حالاتِ اللجوءِ إلى الخدمةِ المجتمعية كبديلٍ عن العقوباتِ السالبةِ للحرية، بالإضافةِ إلى إرساءِ مبدأِ العدالةِ التصالحية، لتعزيزِ فُرصِ التَّصالحِ بينَ أطرافِ الدعوى ضمنَ إطارِ سيادةِ القانون.
سعادة الرئيس
السيدات والسادة النواب،
إنَّ تنفيذَ رؤيةِ التَّحديثِ الاقتصادي أساسٌ وضرورةٌ لتعزيزِ الاستقرار والأمنِ المجتمعي، وتأمينِ حياةٍ كريمةٍ وفرصٍ عادلةٍ للأردنيينَ كافَّة، وضمانِ مستقبلِ الأجيال القادمة. ونجاحُ تنفيذِ الرؤية الاقتصاديِّةِ أساسٌ في تعزيزِ دورِ الأردنِّ المستقلِّ بقراره، والمحوري في استقرارِ منطقتنا.
ولا مجالَ أمامَنَا للتباطؤِ أو التردُّدِ، أو إعادةِ إنتاجِ الخططِ وتأجيلِ القرارات؛ لأنَّ الوقتَ يداهمُنا، ولا بدَّ أن نقدِّمَ فرصاً حقيقيةً لتوسِعَة قطاعتِنا الاقتصادية، لنضمنَ مستقبلاً كريماً لكلِّ شابٍّ وشابة، وفرصَ عملٍ تُحقِّقُ طموحاتِهِم.
ولذلك فإنَّ الحكومةَ والقطاعَ الخاصَ اليوم أصحابُ مشروعٍ واحد فيما يتعلَّقُ بتنفيذِ هذه الرؤية. ولنتذكَّرَ أنَّ القطاعَ الخاصَ الأردني شيَّدَ طيلةَ مسيرةِ الدَّولة المؤسَّساتِ والمصانعَ والشركاتِ التي ساهمتْ في تمتينِ أركانِ الاقتصادِ الوطني، ودورُنا حمايتُهُ وتمكينُهُ بالقرارات الداعمةِ والتشريعاتِ المستقرَّة والمحفِّزة، ليقودَ مسيرةَ البناءِ والتنميةِ الاقتصادية، وليكونَ الشبابُ ثروتَنا الأولى والأعظمَ والموردَ الأهمَ لاقتصادِ المستقبل.
ومنذُ تشكيلِ هذه الحكومة، اتَّخذنَا مجموعةً من القراراتِ البسيطةِ والضَّروريَّةِ للتخفيفِ عن المواطنين، وتحريكِ عجلةِ الاقتصاد، وتقديمِ حلولٍ لقضايا تخدمُ المستثمرينَ والمواطنينَ، من بينها: إعفاءاتٌ وتسوياتٌ ضريبيَّةٌ وجمركيَّةٌ واسعة، ومجموعةٌ من الإجراءاتِ التحفيزيةِ الجديدة لتنشيطِ قطاعِ العقار، ودعمُ قطاعاتٍ حيويةٍ مثلَ: الزراعةِ والصناعةِ والسِّياحةِ والمشاريعِ الصغيرةِ للشبابِ والمرأة.
وبموازاةِ ذلك، فإنَّ الحكومةَ مؤمنةٌ بضرورةِ رفع الحدِّ الأدنى للأجور مع مراعاة نسبةِ التضخُّم للأعوام السَّابقةِ؛ وذلك من أجلِ تمكينِ ذوي الدَّخل المحدودِ وزيادةِ جاذبيَّةِ فرصِ العملِ، والحفاظِ على تنافسيَّةِ قطاعاتنا الإنتاجيَّةِ كذلك.
وسنستمرُّ على هذا النهجِ في قرارتِنا، التي كان جزءاً منها نتيجةَ تواصُلِنا الميداني مع المواطنينَ والمزارعينَ ورجالِ الأعمالِ والشَّباب، والآخرَ جاءَ مكمِّلاً لما بدأتْ بهِ الحكوماتُ السَّابقة، واستكمالاً لسياساتٍ مستقرَّةٍ نبني عليها، ورؤيةُ تحديثيَّةٍ تُحدِّدُ مسارَنا.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
تتابعُ الحكومةُ يومياً جدولَ تنفيذ المشاريعِ الكُبرى التي تُشكِّلُ رافعاً حقيقياً للنموِ والتنمية وتوفيرِ الفرصِ الاقتصادية والتشغيلية.
وعلى رأسِ هذهِ المشاريع، الناقلُ الوطنيُ للمياه، الذي يُعَدُّ ثالثَ أكبرِ مشروعٍ مائيٍ في المنطقة، فالحكومةُ ماضيةٌ في تنفيذِ مراحلِه، وسيتمُّ السيرُ في إجراءات توقيعِ اتفاقيةِ الإغلاقِ المالي للمشروعِ العام المقبل، ليبدأَ التَّنفيذَ قبل نهاية العام بعونِ الله؛ على أنْ يُنجزَ بعدَ أربعِ سنواتٍ، بهدف تأمينِ 300 مليونِ مترٍ مكعبٍ من المياه المُحلَّاةِ من العقبة، تعزيزاً لأمننا المائي.
وبالتوازي مع ذلك، مستمرونَ بالعملِ على تحسينِ كفاءة استخدامِ المواردِ المائية، وتقليلِ نسبةِ الفاقد من المياه وصولاً إلى توفير 5 – 7 مليون متر مكعب سنوياً خلالَ السنوات الأربع المقبلة.
وستشهدُ مشاريعُ الحَصَادِ المائي والحفائر خلالَ العامين المقبلين توسُّعاً بإنشاءِ حفائرَ وسدودٍ ترابيةٍ بسعةِ مليون و250 ألف متر مكعب، وكذلك آبارٍ تجميعيةٍ لمياه الأمطار في محافظات الجنوب للوصول إلى توفير 3 ملايين متر مكعب خلال السنوات الأربع المقبلة.
ونعملُ على التوسُّعِ في مشاريعِ وخدماتِ الصرفِ الصحي من خلال تنفيذ وتأهيل ثمانيةَ عشرَ مشروعاً لهذه الغاية، في مختلفِ محافظات المملكة، بدءاً من العام المقبل ولمدَّة أربع سنوات، وبكلفٍ تصل إلى 280 مليون دينار، بالإضافةِ إلى تأهيلِ وبناء محطات تنقيةِ مياه عادمة جديدة وبكلف تتجاوز 350 مليون دينار، حيث من المتوقَّعِ أن ترتفعَ كميَّاتُ المياهِ المعالجةِ نتيجة التوسُّع في خدماتِ الصَّرفِ الصحِّي خلال السَّنوات الخمسِ المقبلةِ لتصل إلى 260 مليون متر مكعب.
سعادة الرئيس
السيدات والسادة النواب
أما مشروعُ سكك الحديد الوطنية التي ستربطُ ميناءَ العقبة بمناجم الفوسفات في الشيديَّة البري من جهة، ومنطقة غور الصافي ومصانع البوتاس من جهةٍ أخرى، فيهدف إلى تعزيز تنافسيةِ ميناءِ العقبة وصناعتنا، وفتحِ مجالاتٍ تنموية في الأغوار ومحافظتي معان والعقبة، كمرحلةٍ أولى.
ونعملُ على ربطِ ميناءِ مَعان البرِّي بشبكة السِّككِ للعقبة كذلك، وإعادةِ هذا المشروعِ التَّنموي لمسارهِ الذي توقَّفَ قبلَ أعوام، وهو مشروعٌ تنمويٌ على رأسِ أولوياتنا اليوم.
وبخصوصِ النقل العام، فإنَّ الحكومةَ تعملُ على مشاريعَ حيويةٍ لتحسين البنية التحتية لهذا القطاع وتسهيلِ حركةِ التنقُّل الآمن والمريح للمواطنين.
وفي هذا الصدد، نعملُ على زيادة مسارِ حافلاتِ التردد السريع، الذي نجحَ نموذجُهُ في عمَّانَ والزرقاءَ ليشملَ مساراتٍ أخرى في العاصمة، فضلاً عن إجراء دراساتٍ ستُنجَزُ مطلعَ العامِ المقبلِ لمشاريعَ استراتيجيَّةٍ في هذا المجال، لرفعِ سويَّةِ النَّقلِ العام بين العاصمة والمحافظات، وسيُعلنُ عنها خلالَ الأشهرِ المقبلة.
سعادة الرئيس،
حضرات النوَّاب،
وبالنسبةِ لقطاعِ التعدين ومشاريعِ الطاقةِ المتجدِّدةِ والخضراء، فإنَّها تشكِّلُ مِحوراً حيوياً في الرؤيةِ الاقتصادية، والحكومةُ ملتزمةٌ بتسريعِ هذه المشاريع، مثلما تعملُ على تعزيزِ استخداماتِ الطَّاقةِ البديلة في القطاعينِ التجاري والصناعي.
ونعملُ على استكمالِ الدراسات الخاصة بإنتاجِ الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء خلال العامين المقبلين، وإعدادِ خارطةِ طريقٍ لاستخدامِهما وإنتاجِهما، بالتوازي مع متابعةِ مذكرات التفاهم الموقَّعةِ مع شركاتٍ إقليمية وعالمية لاستكمالِ تنفيذِ هذه المشاريع.
وبرامجُنا الحاليةُ تتضمنُ البدءَ بطرحِ عطاءاتٍ لتنفيذِ مشاريعَ للطاقة الشمسية باستطاعة 200 ميجاواط عام 2026، و100 ميجاواط لطاقةِ الرياح عام 2027، وهدفُنا أن ترفعَ هذه المشاريعُ استطاعةَ أنظمةِ الطاقة المتجدِّدةِ إلى 3000 ميجاواط في نهاية عام 2027، وتشكل ما نِسْبَتَهُ 28 بالمئةِ في انتاج الكهرباء.
وقد بدأنا بأعدادِ قانونٍ جديد للغازِ الطبيعي يتناسبُ مع التطوراتِ العالمية في هذا المجال سنقدمه لمجلسِكم الكريم العام المقبل.
والحكومةُ تبذلُ جهوداً، ضمنَ المواردِ المتاحةِ، للتَّنقيبِ عن الغازِ والنفطِ والثَّرواتِ الطبيعية، في مختلفِ مناطقِ المملكة، خصوصاً في حقلِ الريشة، وقد أعلنَّا في وقتٍ سابقٍ أنَّ كمياتِ الغازِ الموجودةِ فيهِ تدعو للتفاؤلِ، وسنعملُ على توجيهِ ما يلزَمُ من استثمارٍ لاستغلالِ هذهِ الكميَّاتِ خلال السَّنوات الأربعِ المقبلة لمضاعفَةِ الإنتاج؛ لدعمِ قطاعاتِنا الصِّناعيَّةِ، وقطاعِ الطَّاقةِ، في إطارِ الجدوى الاقتصاديَّةِ والنَّموذجِ الأمثلِ لذلك.
ولجهةِ دعمِ الصناعةِ الوطنية، سننهي العملَ في مشروعِ إيصالِ الغاز الطبيعي لمنطقةِ القويرة الصناعية العامَ المقبل، على أن نبدأ العملَ في العام ذاتِهِ على تنفيذِ مشروعِ إيصالِ الغازِ الطبيعي لمدينتيّ الروضة في معان والموقَّر الصناعيتين والانتهاءِ منهُ في عام 2027، حيثُ من المتوقَّع أنْ يضاعفَ ذلكَ عددَ المصانعِ التي ستنشَأُ للاستفادة من هذه الميزة.
كما سنستمرُّ بالعملِ على إيجادِ حلولٍ تمكِّنُنا من تخفيضِ كُلَفِ الطَّاقةِ للمناطقِ التنمويَّةِ والصِّناعيَّةِ في المحافظات، والتي بدأنا بمعالجةِ بعضها.
ونعملُ حالياً لتوقيعِ 4 اتفاقياتٍ تنفيذيةٍ لاستغلالِ خاماتِ النحاسِ والذهبِ والفوسفات والعناصرِ الأرضية النادرة تمتدُّ حتى نهاية عام 2027.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إن القطاعَ السياحيَ هو أحدُ أكبرِ القطاعات الرافدةِ للاقتصاد الوطني والمولِّدةِ لفرص العمل للأردنيين، وقد أثبتَ منعتَهُ ومرونتَهُ العالية رغم الأزمات في السنواتِ الأخيرة.
وجهودنا منصبَّةٌ ليستعيدَ هذا القطاعُ عافيتَهُ، واغتنامَ الفرصِ التي يوفِّرُها، وزيادةَ نِسَبِ مساهمتِهِ في الناتجِ المحلي الإجمالي من 13.3 بالمئة حاليَّاً لتصلَ إلى 15 بالمئة، على الأقل، بحلولِ عام 2029.
والحكومةُ ملتزمةٌ بدعمِ هذا القطاعِ والمتضررينَ من الفئاتِ والمناطقِ الأشدِّ تأثُّراً بالانخفاضِ الذي شَهِدَهُ وضِمن إمكانيَّاتِنا، والاستمرارِ في برامجِ تحفيز الطيران المنتظم والمنخفضِ التكاليف والعارض خلال العام المقبل.
وتعملُ الحكومةُ على تطويرِ المنتج السياحي وتنويعِهِ من خلالِ التركيزِ على أنماطِ السياحةِ المختلفة، واستهدافِ أسواقٍ جديدة. واتخذتْ الحكومةُ قراراتٍ لتنشيط السياحةِ العلاجية، وسنتوسَّعُ في هذهِ الخطوات لفتحِ أسواقٍ جديدة في العالم.
وبأملِ أن تشهدَ المنطقة انفراجاً واستقراراً خلال العام المقبل، فإن هذه الجهودَ تستهدفُ استقبالَ خمسة ملايين ونصف المليون سائح، وتحقيقَ إيراداتٍ في الدخلِ السياحي بقيمة خمسةِ ملياراتٍ و500 مليون دينار، بإذنِ الله.
ولتعزيزِ مواقعنا السياحية بمرافقَ إضافية، فإنَّنا سنقومُ العامَ المقبلَ ببدءِ تنفيذِ مِرفَقٍ سياحي جديدٍ وجاذب في مدينةِ جرش الأثريَّة، حيث ستقوم الحكومة بالتَّعاون مع الجمعيَّةِ الملكيَّةِ لحمايةِ الطَّبيعةِ بإنشاءِ منتجعٍ بيئي متكامل المرافق سيُنجَزُ في عام 2026 ويضمُّ فندقاً بيئياً ومرافقَ للعائلات على مساحة 210 دونمات، ويبرِزُ هويةَ المنطقةِ وطبيعتها الفريدة. كما يتمُّ الآن بناءُ فندقٍ سياحي مميَّز في منطقة أم قيس، وتطويرُ مشروعِ موقع مشهد معركة مؤتة في المزارِ الجنوبي ليسردَ للأجيالِ والعالم تاريخَنا وتراثَنا الإسلاميَّ الرَّاسخ.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إنَّ ما نعملُ عليه لتطويرِ قطاعِ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يستهدفُ البناءَ على ما حقَّقهُ هذا القطاعُ من إنجازاتٍ وصدارةٍ ميَّزت الأردنَّ وكفاءاتِهِ في المنطقةِ والعالم خلال العَقدينِ الماضيين، بفضلِ رؤيةِ جلالةِ الملكِ المبكِّرةِ لهذا القطاع.
والحكومةُ تعملُ على تعزيزِ نموِّ هذا القطاع بمعدَّلٍ سنوي يصلُ إلى 13 بالمئة؛ لزيادةِ مساهمته في الناتجِ المحلي الإجمالي من 2.9 بالمئة وصولاً إلى 4.7 بالمئة بعد خمسِ سنوات.
واتخذتْ الحكومةُ قراراً يمتدُّ لعشرة أعوامٍ لإعفاءِ أرباح الصادرات لخدماتِ قطاعِ تكنولوجيا المعلومات من ضريبةِ الدخل، كما وتستمرُّ الحكومةُ بمنحِ مجموعةٍ من الحوافزِ الضريبية للشركاتِ المستثمِرةِ فيه، تتضمنُ إعفاءَ خدماتِها من ضريبةِ المبيعات، واحتسابِ ضريبة الدَّخلِ بنسبة 5 بالمئة بدلاً من 20 بالمئة على أرباحِ الخدمات المباعة محلياً، للمساهمةِ في تعزيزِ تنافسيتِها محلياً ودولياً.
أما في محورِ ريادة الأعمال، ستدعمُ الحكومةُ 250 شركةً ناشئة خلالَ السَّنواتِ الخمسِ المقبلة.
وسيقدِّمُ صندوقُ دعم الصناعة، الدَّعمَ لأكثر من 200 شركة صناعية خلالَ العامين المقبلين، لتعزيزِ قدرتها التنافسية، وزيادةِ القيمةِ المحليةِ المضافة، لتحفيزِ النموِ الاقتصادي الشامل، وتعزيزِ الاستدامةِ في القطاع الصناعي.
كما سنقدِّمُ الدعمَ اللازمَ لأكثرِ من 100 شركةٍ صناعية عبرَ محورِ دعمِ الصادرات، بهدفِ تحفيزِ صادراتها خلالَ العامينِ المقبلين، وتوسيعِ نطاقِ دخولِها إلى أسواقَ جديدة، وتعزيزِ حصتِها السوقيةِ في الأسواقِ التقليدية.
سعادةَ الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إنَّ الأمنَ الغذائي وانعكاساتِهِ المهمَّةِ على الاستقرارِ المجتمعي والنموِّ الاقتصادي أمرٌ أساسي، فجهودُنا لتطويرِ قطاعِ الزِّراعةِ وتعزيزِ دوره في الاقتصادِ الوطني تستهدفُ الوصولَ إلى مضاعفةِ مساهمتِهِ في الناتجِ المحلي خلالَ السنواتِ الأربعِ المقبلة، وزيادةِ فرصِ التشغيل عبرَ التَّدريبِ والمشاريعِ الإنتاجيَّةِ والتَّعاونيَّاتِ الزِّراعيَّةِ لعشراتِ الآلافِ من فرصِ العملِ التراكميَّة ما بين عاميّ 2025 – 2028.
ونستهدفُ خلال السَّنوات الأربع المقبلة إنشاءَ أكثرِ من ثلاثينَ مصنعاً للتصنيع الغذائي بواقعِ ثمانيةِ مصانع سنويَّا ًبالتشاركِ مع القطاعِ الخاص، وثلاث روافع للتَّصنيع الزِّراعي تقدِّمُ خدمات التَّبريدِ والتَّعبئة والتَّغليف؛ خدمةً للإنتاجِ الزِّراعي والمزارعين في وادي الأردن.
وبموازاة ذلك، نعملُ على توفيرِ فرصِ تدريبٍ مدفوعةَ الأجر، لقُرابةِ 15 ألفَ متدرِّب ومتدرِّبة على المهنِ الزِّراعية واستخدامِ التكنولوجيا الزراعيةِ الحديثة وتقنياتِ توفيرِ المياه على مدى أربعِ سنوات، بالشَّراكة ما بين وزارة الزِّراعة ومؤسَّسة التَّدريب المهني.
وسنوفِّرُ كذلك نوافذَ تمويليةً عبرَ مؤسسةِ الإقراض الزراعي، التي سنزيدُ حجمَ التمويلِ السنوي فيها من 55 مليون دينار عام 2024 لتصلَ إلى ثَمانينَ مليونَ دينار عام 2028، تشملُ المنحَ والقروضَ الميسَّرة.
كما نتطلَّعُ، إلى إقرارِ التَّعديلاتِ التي اقترحتها الحكومة على قانونِ التَّعاون؛ لما لهُ من أهميَّةٍ في حوكَمَةِ الجمعياتِ التَّعاونيَّة الزراعية، وتأسيسِ صندوقِ التَّنميةِ التَّعاوني، ومعهدِ التَّنمية التَّعاوني لتدريبِ وتأهيلِ الكوادرِ الوطنيَّةِ على إدارةِ التَّعاونيَّات؛ لتعزيزِ قدراتَها وتطويرِ أدائها، وهو متطلَّبٌ أساسي للتوسُّعِ في القطاعِ الزراعي وتخصيصِ الأراضي الزراعيةِ خصوصاً للشباب.
وفي إطارِ زيادةِ الرُّقعةِ الحُرجيَّةِ المزروعة لمواجهة التَصَحُّر، تعملُ الحكومة على زراعة 4 ملايين شجرةٍ حرجيَّة على مدى أربعِ سنوات، بواقعِ مليون شجرة سنويَّاً، لتزيدَ المساحاتُ الحرجية في المملكة، بمقدارِ 110 آلاف دونم. كما نعملُ على رفعِ الطَّاقة الإنتاجيَّة لمشاتلِ وزارة الزِّراعة لتنتجَ ثلاثةَ ملايينَ شجرةٍ سنوياً.
كما أنَّ الحكومةَ مستمرَّةٌ في تقديمِ الحوافز للصناعاتِ الغذائية في المدنِ الصناعية، واستكمالِ إنشاءِ روافعَ صناعيةٍ غذائية في جميعِ مناطقِ الإنتاج الزراعي المُجدي؛ بما يضمنُ الاستفادةَ من فوائضِ الإنتاج وتشغيلِ الأردنيين، وإنتاجِ سلعٍ إحلاليةٍ بديلةٍ عن المستورَدة، وتوسعةَ المناطقِ التنمويَّةِ الصناعيةِ الغذائية؛ لتشملَ الأغوار الوسطى والشمالية.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
إنَّ تنفيذَ برنامجِ التَّغطيةِ الصحيةِ الشاملة، من أولوياتِ عملِ الحكومة في القطاعِ الصحي، وهو جهدٌ يتطلَّبُ عدَّةَ مراحل لتكتملَ مكوناته، وسنبدأُ به العامَ المقبل، بدءاً بتعزيزِ الرعاية الصحيةِ الأوليةِ كمرحلةٍ أولى، عبرَ إطلاقِ صندوقٍ تأميني جديد لمشتركي الضمانِ الاجتماعي من غير الخاضعينَ للتأمين الإلزامي، لتشملَ قُرابةَ مليونيّ مستفيد.
وخلال العامين المقبلين ستضافُ فئاتٌ جديدةٌ من المؤمَّنين بشكلٍ تدريجي، حيثُ سيتمُّ خلال عاميّ 2027 و2028 العملُ على توسيعِ حزمةِ المنافع الموجَّهةِ لخدماتِ الرعايةِ الثانوية والمتخصِّصةِ بعد إجراء الدِّراساتِ الاكتواريَّةِ المطلوبة؛ ليصارَ بعد ذلك إلى دمجِ صندوقِ التأمين الجديد مع صندوقِ التأمينِ الصحِّي المدني، لتكوينِ مظلةٍ تأمينيَّةٍ واحدةٍ منفصلة عن مقدِّمي الخدماتِ الصحية؛ لنصلَ للتغطية الشَّاملة للمواطنينَ خلال خمسِ سنوات.
أما بالنسبةِ للبُنيةِ التحتية للقطاعِ الصحي، فللحكومةِ أولوياتٌ أساسيةٌ ترتكزُ إلى إنجازِ العمل في مستشفى الأميرة بسمة في إربد، ليبدأ باستقبالِ المراجعينَ قبل نهايةِ العامِ المقبل، وبسعة (566) سريراً ويضمُّ عدداً من الاختصاصاتِ الطبية المتنوِّعة كالقسطرة القلبيَّة والجراحيَّة والأورام، إضافةً إلى كونِهِ تعليميَّاً تستفيدُ منه جامعةُ اليرموك.
كما تشملُ هذه الجهودُ بدءَ الدراساتِ الخاصة بتوسعةِ مستشفى جرش، مثلما سنبدأُ خلالَ الأشهر المقبلةِ بتنفيذِ أعمالِ توسعةِ وتحديثِ مستشفيات الأمير فيصل في الزرقاء، والأميرة إيمان في البلقاء. وسنعملُ على استكمالِ الأعمال في مستشفياتِ معانَ والمفرق والأمير حسين في البقعة، وتوسعةِ وإعادةِ تأهيل عدّةِ أقسامٍ في مستشفيات البشير والدكتور جميل التوتنجي وعمَّان الميداني.
ونستهدفُ عام 2026 تأهيلَ مبنى العياداتِ الخارجية في مستشفى الكرك، والبدءَ بمشروع مستشفى مأدبا الجديد.
كما سيتمُّ الانتهاءُ من أعمال إنشاءِ 9 مراكز صحيَّة خلالَ العام المقبل، وتوسعةِ وتحديثِ 60 مركزاً صحياً في مختلفِ محافظات المملكة، خلالَ العامينِ المقبلين، بالإضافةِ إلى المُضيِّ قُدُماً في خطَّةِ دمجِ بعضِ المراكزِ الصحيَّةِ الفرعيَّةِ لتصبحَ أوليَّةً وشاملةً.
أما بالنسبةِ للكوادرِ الطبيةِ الضرورية لمتطلَّباتِ التوسعة، فتشملُ خطة الاستقطاب والتعيين في القطاع الصحِّي خلال العامين المقبلين، ما يزيدُ عن (1800) طبيبٍ وممرِّض من مختلف التخصُّصات، إلى جانبِ تدريب أكثر من 27 ألفاً من كوادر وزارةِ الصحة لعام 2025.
سعادةَ الرئيس،
السَّيدات والسَّادة النواب،
إنَّ مشروعَ التحديثِ بشموليته، يركِّزُ على الحمايةِ الاجتماعيةِ الشاملة، خصوصاً للفئاتِ الأشدِّ حاجة، وقدْ رفعتْ الحكومةُ مخصَّصاتِ صندوقِ دعمِ الطَّالب الجامعي بنسبة 50 بالمئة عن مستوى العام الماضي؛ لتبلغَ العام المقبل ثلاثينَ ميلونَ دينار، وزيادة مخصَّصاتِ صندوقِ المعونة الوطنيَّة للعام المقبل؛ لتوسِعَةِ الشمول بإضافة 15 ألفَ أسرةٍ جديدة.
كذلك ستركِّزُ الحكومةُ، ومن خلال صندوق المعونة الوطنية، على برامجِ التمكينِ الاقتصادي الموجَّهَةِ للأُسرِ المُنتَفِعَة منه، عبرَ التوسُّعِ في البرامجِ التدريبيةِ، إذ سيتمُّ العامَ المقبلَ وضعُ برامجَ تدريبيةٍ نوعيِّةٍ لقُرابةِ ألفِ منتفع، تركِّزُ على احتياجاتِ سوقِ العمل، والاستفادةِ من برامجِ التشغيلِ الوطنية، بالإضافة إلى إعطائهم الأولويةَ للاستفادةِ من مشاريعِ تعزيزِ الإنتاجية، التي تقدمها وزارةُ التنميةِ الاجتماعية، وكذلك مراجعةِ التشريعاتِ لتعزيز توجُّهاتِهِم نحوَ التدريبِ والعملِ والإنتاج، دون أيِّ تَخوُّفٍ من الوقفِ المباشرِ للمخصَّصات.
إن إطلاقَ الاستراتيجيةِ الوطنيةِ المحدَّثةِ للحمايةِ والرعايةِ الاجتماعيةِ في الرُّبع الثاني من العام المقبل، يهدفُ إلى توسيعِ نطاقها، وفقَ أفضلِ الممارسات والمعايير، وتعزيزِ برامج التمكينِ الاقتصادي، وزيادةِ كفاءةِ المساعداتِ الاجتماعية.
وتتضمنُ الاستراتيجيةُ التنسيقَ بين الجهاتِ الحكوميةِ والتطوعية والقطاع الخاص المعني وكذلك مؤسسات المجتمعِ المدني، وتوسيعَ نطاقِ الشمولِ والاستهداف، وتحسينَ جودةِ الخدمات المقدَّمةِ من خلالِ تطويرِ التشريعات، وتنظيمَ مهنة العملِ الاجتماعي، وتعزيزَ استجابة الحماية الاجتماعية للأزمات.
ونعملُ على التوسُّعِ في خدماتِ بدائل الإيواء للأشخاصِ ذوي الإعاقة، وافتتاحِ تسعِ وحدات للتدخُّل المبكِّر للأطفالِ ذوي الإعاقة في عددٍ من محافظاتِ المملكة عام 2025؛ لتقدِّمَ خدمات التَّعليمِ والعلاجِ والإسناد، إضافةً إلى وحداتِ تدخُّلٍ مبكِّرٍ متنقلة للوصولِ إلى المناطقِ النَّائية، ومراكزَ خدماتٍ نهاريةٍ دامجة في الأقاليم التي لا تتوافرُ فيها هذه الخدمة بشكلٍ كافٍ.
سعادة الرئيس،
السيدات والسادة النواب،
إنَّ قوةَ الأردن كانتْ وما تزال في التعليم، ومستقبلُنا في بناءِ قدرات شبابنا ورفعِ مؤهِّلاتِهِم.
فما حقَّقَهُ الأردنُ في مئويته الأولى كان نتاجَ تعليمٍ واستثمارٍ حقيقيٍ يواكبُ العصرَ، ويشجِّعُ ثقافةَ الإبداعِ والتميُّز لدى الطلبة.
ومتطلَّباتُ التعلُّمِ للمئوية الثانية حتماً ستواكبُ التطوراتِ العالمية المتسارِعة في تكنولوجيا المعلومات والذَّكاءِ الاصطناعي ومتطلَّباتِ الثورةِ الصِّناعيةِ الرَّابعة؛ لذا، نريدُ أجيالاً مُمَكنّةً بالمعرفةِ التقنيةِ وتطوراتِها السريعةِ ومهاراتها الضرورية، كما هي متمسِّكةٌ بثقافتِها ومبادِئِها الوطنيَّةِ الأردنية.
وما نعملُ عليه خلالَ السنواتِ الخمسِ المقبلة، يستهدفُ بناء أكثر من 500 مدرسةٍ للحدِّ من الاكتظاظِ، والتخلُّصِ من نظامِ الفترتين، والاستغناءِ عن المدارسِ المستأجرة، وصيانةِ آلافِ المدارس. ونسعى إلى التوسُّع في رياضِ الأطفالِ من خلالِ بناءِ ما معدَّلُهُ مئتي غرفة رياضِ أطفالٍ صفيةٍ سنوياً لاستيعابِ قُرابةِ ثلاثين ألف طالبٍ وطالبة.
وفي موازاة ذلك، ولتحسينِ بنيةِ مدارسنا، ستتخذُ الحكومةُ خطواتٍ لتسريع افتتاح ثلاثينَ مدرسةٍ جديدة، وتنفيذِ 50 مشروعاً لإضافات صفيَّة، وبناء 142 غرفةَ رياضِ أطفال العام المقبل؛ لاستيعابِ 22 ألفاً و500 طالبٍ وطالبةٍ جدد، ورصد عشرينَ مليونَ دينارٍ لصيانةِ المدارسِ وفق برنامج موجه بالأولويَّات.
وما نسعى إليه هو بناءُ تعليمٍ يُخرِّجُ الكفاءات ولا يمنح الشهاداتِ فقط، يبني المهاراتِ المهنية والتقنية في المدارسِ والجامعات، ومراكزِ التدريبِ المهني، وبشراكةٍ مع القطاعِ الخاص، وضمنَ مجالات يحتاجُها سوقُ العمل في الزراعةِ والسياحةِ والصِّناعةِ والتكنولوجيا الحديثة وغيرها.
وينبغي أن يؤسَّسَ النظامُ التعليميُ على الإيمانِ بالله، وحبِّ الوطن، والولاءِ للملك. كما لا بدَّ أن يؤسَّسَ الطالبُ للانفتاح على العالم والعلوم والثقافات، واحترامِ حقوقِ الآخر، وعلى قيمَ الاعتدال والوسطية والتعدديةِ، التي تميِّزُ هويةَ الأردنِّ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ الرَّاسخة.
وتشكِّلُ المناهج وتطويرُها المستمرُّ الركنَ الأساسي في تطويرِ التعليم؛ لبناءِ هويةِ أجيالِ المستقبل المبنيَّةِ على هذهِ القيم، والمؤمنةِ أيضاً بقيمِ المواطَنَةِ والتَّعبيرِ عنها سُلُوكاً ونهجَ حياة، تعبِّرُ عن الانتماءِ للوطنِ بالعملِ والإنجاز في كلِّ القطاعات والمؤسسات.
إنَّ الرُّكنَ الأساس الآخر في العمليةِ التعليمية هو المعلِّمُ، الذي نُجِلُّ ونقدر، ويشكِّلُ إعدادُهُ وتدريبُهُ وتمكينُهُ محوراً مركزياً في تحديثِ وتطويرِ التعليم. لذا ستبدأُ الحكومةُ بتدريب اثني عشرَ ألف معلِّمٍ ومعلِّمةٍ في العام المقبل، وسيتواصلُ هذا البرنامجُ للسنواتِ الخمس المقبلة، بحيث يتمُّ تدريبُ ستينَ ألفَ معلِّم ومعلِّمة. وسيرفعُ ذلكَ نسبةَ المعلمينَ الذين يحملونَ درجةَ الدبلوم العالي في إعدادِ وتدريبِ المعلمين إلى حوالي ثمانينَ بالمئة من مجموع المعلِّمين العاملين في وزارة التربية والتعليم.
سعادة الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النواب،
لطالما عانى الأردنُّ من موجاتِ لجوءٍ وهجرةٍ وطفراتٍ في النموِّ السكانيِّ أثَّرتْ على خططِهِ التنمويةِ، وأوجدتْ ضغوطاتٍ على البُنى التحتيةِ ونوعيةِ الخدمات، وهذا الواقعُ جعلَ عملياتِ التخطيطِ العمراني والحضري مستجيبةً للواقعِ ومقتصرةً على التنظيمِ بدلَ التخطيط.
وأمام حقيقةِ أنَّ نحوَ 56 بالمئة من سكانِ المملكة يقطنونَ مدينتيّ عمَّان والزَّرقاء، وهي نسبةٌ مرشَّحةٌ لزيادةٍ طبيعيَّةٍ كبيرة خلال العقودِ الثلاثةِ المقبلة، فإنَّهُ من الواجب والضروري أن نؤسِّسَ لرؤيةٍ مستقبلية، لتخفيفِ الضغط السكاني عنهما، واستدامةِ البُنى التحتية، وتحسينِ نوعيَّةِ الحياةِ للمواطنين فيها.
ولذلك فإنَّ بناءَ مدينةٍ جديدةٍ على مقرُبةٍ من العاصمةِ عمَّانَ ومدينةِ الزرقاء، داخلَ محافظةِ العاصمة، وعلى أراضٍ مملوكَةٍ للدَّولةِ، ضرورةٌ وحاجةٌ قصوى، ومن هذا المنطلق تبلورتْ خلالَ السنوات الماضية فكرةُ إنشائها، إلى جانب توفير خدماتٍ أفضلَ وبنيةٍ قادرة على توفيرِ أعلى مستوياتِ الخدمات، وتخفيفِ الضَّغط السكاني والأزمات المروريةِ وكُلف السكنِ والمعيشة.
والحكومةُ ماضيةٌ في الإعدادِ والتخطيطِ لهذا المشروع الذي يمنحُ فرصاً للشبابِ تلبي طموحاتهم واحتياجاتهم في السكن والعملِ والحياة الكريمة. فضلاً عن أنَّ هذا المشروع يهدفُ لتخفيفِ الضغطِ الحالي والمستقبلي في كُلفِ السَّكنِ والتَّنقُّلِ، وسيوفرُ بدائلَ سكنيةً وخدميةً حديثة، تعتمدُ أحدثَ التقنياتِ البيئية والتكنولوجية، معتمداً على مصادرِ الطَّاقةِ البديلة.
وستعملُ الحكومةُ على تجهيزِ الخطط المتكاملةِ للمراحلِ الأولى من هذهِ المدينة، خلال العامِ المقبل، وتتضمنُ شبكاتِ طرقٍ ووسائلِ نقلٍ حديثة، تُسهِمُ في إرساءِ بيئةٍ حضريَّةٍ نموذجيةٍ ذاتِ أبعادٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ واستثمارية، حاليةٍ ومستقبلية، وذلك من خلال الشَّراكةِ مع القطاعِ الخاصِ المحلي والخارجي؛ لما لهذا المشروعِ من أثرٍ اقتصادي وتنموي مهم لكلِّ القطاعات لتعزيزِ نموِّها، مع التأكيدِ على أن ذلك كلَّه ضمن إطارٍ زمني يمتدُّ للعقدِ المقبلِ في المراحلِ الأولى.
ونتطلَّعُ أنْ يكونَ هذا المشروع أساساً لشراكاتٍ وطنيَّةٍ، خصوصاً معَ قطاعاتِ المهندسين والمقاولين، ويفتحُ فرصاً أمام مشاريعَ إسكانيَّةٍ للموظَّفينَ والمتقاعِدينَ من مختلفِ المجالات.
وفي المقابل، فإنَّ الجهودَ التطويريةَ للعاصمةِ عمَّان مستمرةٌ بكثافة، ونعمل حالياً مع أمانة عمَّانَ على تحديثِ وتوسعةِ منظومةِ النقلِ وتحسينِ مستوياتِ الخدمة فيها؛ لتبقى عمَّانُ عاصمتَنا الجميلةَ الراسخةَ في تاريخها، الغنيَّةَ بتراثِها وتنوُّعها الاجتماعي والثَّقافي منارةَ للأردنِّ ومستقبله.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النوّاب،
أما بخصوص الماليَّةِ العامَّة، فقد قدَّمتْ الحكومةُ لمجلسكم الكريم مشروعَ قانونِ الموازنةِ العامَّة لعام 2025 في موعدِه الدِّستوري، ملتزمينَ بالمضي قُدُماً في النَّهجِ المالي الإصلاحي لتعزيزِ المَنَعَةِ الاقتصادية، والتركيزِ على تعزيزِ إيراداتِنا المحلية، وتحسينِ كفاءةِ الإنفاق، وتنفيذِ برامجَ للحدِّ من التهرُّبِ والتجنُّبِ الضَّريبي والجمركي، أهمُّها توسيعُ نظامِ الفَوتَرَةِ تحقيقاً للعدالةِ بين المواطنين ودونَ المساسِ بالتَّشريعاتِ القائمةِ منذ أعوام.
وحرِصنا أن تكونَ هذه الموازنةُ واقعيَّةً، تخدمُ سعيَنا لتحفيزِ النمو، وتستجيبُ لبرامجِ التَّحديثِ الوطنية، وتمكِّننا من التَّخطيط للمستقبل. وكلُّنا أملٌ أنْ تَشْهَدَ المنطقةُ انفراجاً وظروفاً أفضل، تُسهِمَ في تعزيزِ جهودِنا وتسريعها في مسارِ النمو الذي نطمحُ إليه.
ولغاياتِ ضخِّ السيولةِ في السوقِ المحلية، سيتمُّ وضعُ آليةٍ مناسبةٍ لتسديدِ المتأخراتِ المترتِّبةِ على الحكومة، والتي وصلتْ إلى مستوياتٍ غيرِ مسبوقة، والحدِّ من زيادتها، وبشكل متدرِّجٍ، وحسبَ الأولويات، خلال السَّنواتِ الأربعِ المقبلة.
نُدرِكُ تماماً ضرورةَ ضبطِ نموِّ الدَّينِ العام للنَّاتجِ المحلِّي الإجمالي، الذي وصلَ إلى 90 بالمئة، لذا فإنَّنا نهدِفُ إلى تخفيضِ هذه النِّسبةِ، لتصلَ إلى ما يقارب 80 بالمئة في عام 2028، من خلالِ الاستمرارِ بتنفيذِ برامجِ الإصلاح الاقتصادي، وتبنِّي السِّياساتِ الماليةِ الحصيفة، لضمانِ الاستقرار النقدي، الذي تميَّزَ بهِ الأردنُّ، خلالَ ربع القرنِ الماضي وأكثر، وحيداً مع دولِ الخليج العربي في هذه المنطقة.
أمَّا بالنِّسبةِ للارتفاعِ الذي شَهِدَتهُ نِسَبُ خدمةِ المديونيَّةِ الخارجيَّة خلالَ الأعوامِ السَّابقةِ؛ نتيجةَ ارتفاعِ نسبِ الفوائدِ عالميَّاً، والاعتمادِ على القروضِ التِّجاريَّة إلى حدٍّ كبير، فإنَّ سياسَتنا تقومُ على استبدالِ الدَّينِ مرتفعِ الكُلفةِ بالقروضِ المُيسَّرةِ، بدعمٍ من دولٍ شقيقةٍ وصديقة ومؤسَّساتٍ تنمويَّة، ابتداءً من العامِ المقبل بإذن الله؛ لضبطِ ارتفاعِ كُلَفِ خدمةِ الدِّيونِ الخارجيَّة، ما سيؤدِّي إلى استقرارِ نِسَبِ الفوائدِ من النَّفقاتِ الجاريةِ خلالَ الأعوامِ المقبلة.
وعلى صعيدِ الرَّقابة على المال العام وصَونه، فنحنُ ملتزمونَ بتعزيزِ عملِ وحداتِ الرَّقابة الداخليَّة في جميع الوزارات والمؤسَّسات؛ لضمانِ ضبط أيِّ تجاوزاتٍ بشكلٍ استباقي، إلى جانبِ الاستمرارِ في تصويبِ الاستيضاحات التي يوثِّقها ديوانُ المحاسبة دوريَّاً، وتحويلِ الشُّبهاتِ إلى القضاءِ عبر اللَّجنةِ المختصَّةِ المشكَّلةِ في رئاسةِ الوزراء، مع تأكيدِ حرصِنا على تعزيزِ ودعمِ منظومة النزاهة الوطنيةِ ومؤسَّساتِها، كأساسٍ في عملنا.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النوّاب،
إنَّ تحديثَ القطاع العام هو رافعةُ مسارات التحديث، ما يضعُ الحكومةَ أمام مسؤوليَّةِ الإسراعِ في تنفيذِهِ لتطويرِ المؤسساتِ والدوائرِ والأُطُرِ التشريعيةِ الناظمةِ والممكِّنةِ له، وإيجادِ ثقافةٍ مؤسسيةٍ تستندُ إلى تحقيقِ نتائجَ تنعكسُ على خدمةِ المواطنينَ الذينَ لهم الحقُّ أنْ يجدوا في مؤسَّساتهم خدماتٍ أفضل.
ولأهمية تسهيلِ وتبسيطِ الإجراءات وإنجازِ المعاملات، فإنَّ الحكومةَ تلتزمُ باستكمالِ أتمتة خدماتِها لتصل إلى 80 بالمئة العامَ المقبل، وإلى 100 بالمئة نهايةَ عام 2026، وستُنِشئُ الحكومةُ 10 مراكزَ جديدةً للخدماتِ الحكوميةِ الشاملة العام المقبل؛ لتغطي جميعَ محافظاتِ المملكة، ويصلُ مجموعُها إلى 15 مركزاً.
والتزاماً من الحكومةِ بترسيخِ سيادةِ القانون وإرساءِ مبادئِ الحوكمة، سنعملُ من خلالِ هيئةِ الخدمة والإدارةِ العامة، باعتبارها الجهةَ التنظيميةَ المختصَّة بالرقابةِ على ضمانِ امتثالِ الدوائرِ بالتشريعاتِ والمعاييرِ والسِّياساتِ الخاصة بتحديثِ الإدارة العامة.
وبخصوصِ نظامِ إدارة المواردِ البشرية؛ فإنَّ الحكومةَ تعكفُ حالياً على رصدِ جميعِ الملاحظاتِ الواردة ودراستِها تمهيداً لإجراء التعديلاتِ التشريعيةِ المناسبة على النظام في نهاية العام الحالي، وبما يُعزِّزُ مبادئَ الكفاءةِ في الإداءِ والعدالةِ في الاستقطابِ والتعيين، ومراجعةَ النَّواحي الإشكاليَّةِ بشكلٍ مستمرّ.
وجوهرُ هذا التَّحديثِ هوَ رفعُ سويَّةِ العملِ بمكافأةِ المجتهد، وتحسينُ الأداءِ بالتدريبِ والتأهيل، ومحاسبةُ المقصِّرِ وغيرِ الملتزم بالعملِ وخدمةِ المواطنين، ويكونُ ذلكَ من خلالِ تطويرِ مفاهيمِ التقييمِ الوظيفي وأُسُسِها الموضوعيَّة، بعيداً عن الانطباعات الشخصيَّة والمحاباةِ والواسطة.
وستعملُ الحكومةُ، من خلالِ معهدِ الادارة العامَّة، على تدريبِ قُرابةِ 20 ألفَ موظَّفٍ وموظفة العام المقبل، ضمنَ برامجَ نوعيَّةٍ مخططٍ لها، لرفعِ الكفاءةِ وتعزيزِ الثقافةِ المؤسسيَّة، فَضلاً عن تطويرِ برامجَ نوعيةِ في مركزِ القياداتِ التابعِ للمعهد.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النوّاب،
إنَّ الحكومةَ ملتزمةٌ بتحويلِ مراكزِ الشَّبابِ إلى مراكزَ تزخَرُ بالبرامجِ التدريبيةِ والتثقيفيَّةِ التي تمكِّنُ شبابنا من تطويرِ مهاراتهم وإثراءِ أوقاتهم، وتعزيزِ شعورِهم بالمسؤوليةِ الوطنيةِ، والاستفادةِ من طاقاتِهم وقدراتِهم في خدمةِ المجتمع. ولا نرى حاجةً لزيادةِ المراكزِ بقدر ما تحتاجُهُ من تحديثٍ وتفعيلٍ؛ لتصبح زاخرةً ببرامجِ عملٍ ثقافية وتدريبة، وتوأمةِ العديدِ منها حسب الحاجةِ، وتوسعتها وتعزيزِ قدراتها.
وبرامجُنا بمُجملها بُنِيتْ أساساً لأجلِ الشباب، وضمانِ فرصٍ أفضلَ لهم، ليكونوا أقوى منَّا، وأقدَر منا، وأكفأ منَّا؛ لمواصلة بناء أردن أعظم في مئويته الثانية، إن شاء الله.
سعادةَ الرَّئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النوّاب،
تعكفُ الحكومةُ على إعدادِ تصوُّرٍ للنهوضِ بالإعلامِ وتنميتِهِ وتحديثِهِ وتمكينِهِ في مجالِ التحوُّلِ إلى الإعلامِ الرَّقمي تنفيذاً لكتابِ التكليف السامي.
وفي هذا الصدد، ستستكملُ الحكومةُ خلالَ النصفِ الأولِ من العامِ المقبل، حواراتٍ قطاعيةً مع المؤسساتِ والفاعلين في المشهدِ الإعلامي الوطني؛ لوضعِ رؤيةٍ ممتدَّةٍ لتحديثِ الإعلام، تتضمنُ تشخيصاً للإجراءاتِ الإصلاحيةِ الضروريةِ والممكنة لتنفيذها في هذا المجال.
وبالتوازي مع ذلك، سنعملُ على دعمِ قطاعِ الثقافة، عبرَ تطويرِ مؤسساتِ رعايةِ المواهبِ الفكريةِ والأدبية وتحفيزها، ودعمِ الفن والإبداع والتميز؛ لإبرازِ التنُّوعِ والانفتاحِ الثقافي في الأردنِ، وتكثيفِ إقامةِ الفعالياتِ والمهرجاناتِ الفنيَّةِ والثقافية، وسيشهدُ مهرجانُ جرش العام المقبل توسُّعاً وتنوُّعاً لنشاطاته.
سعادة الرئيس،
السَّيداتُ والسَّادةُ النوّاب،
حذَّرني كثيرونَ أنْ أبتعدَ عن رفعِ سقفِ التوقُّعات، وأقولُ هنا إنَّ توقعاتِنا يجبُ أنْ تكونَ عاليةً بمستوى مسيرةِ هذا البلدِ العظيم، وطموحِ شعبِهِ الكريم، فالأردنُّ يستحقُّ أعلى التوقعات، فالحكومةُ لم تكلَّفْ لإدارةِ التوقُّعات، بلْ للعملِ والمثابرةِ لإطلاقِ الطاقات وتحقيقِ الطموح، وها هيَ تضعُ اليومَ بينَ أيديكُم برنامجَ عملِها الطَّموحِ بكلِّ واقعيةٍ ومسؤولية، لِنعمَلَ على إنجازِه ِونحاسَبَ على أساسِه.
لن يكونَ عملُنا سهلاً، ولكنَّنا لن نتلكَّأَ ولن نتردَّدَ إن شاء الله، وسنعملُ بكلِّ ما أوتينا من قدرةٍ، ليبقى قَدَرُ هذا البلد عظيماً على الدوام.
نحنُ ننظرُ للمستقبلِ بتفاؤل، لأننا مؤمنونَ بقدرةِ هذا البلدِ وعزمِ شعبِهِ، ونعلمُ حجمَ الفرصِ المتاحةِ أمامَنا، مدركينَ تماماً التحديات التي تواجهُنا، ومعظمُها خارجيةٌ، قدْ لا نستطيعُ تجنُّبها، ولكننا بعونِ اللهِ وبعزمِ شعبِنا وحكمةِ قيادتنا سنتمكَّنُ من تجاوزها.
سعادة الرَّئيس،
السيدات والسَّادة النوَّاب.
إنَّ بقاءَ الحكومةِ وعُمرُها، أمرٌ بيدِ الله والملكِ ومجلسِكم الكريم، وأعاهدُكُم، وفريقي الوزاري، بأنْ نعملَ على كلِّ ما أعلنَّاهُ والتزَمْنَا فيه كأنَّه اليومَ الأخيرَ لحكومتِنا، مدركينَ تماماً أنَّ قراراتِ اليومِ لا تؤجَّل، وأنَّ عملَ اليومِ يرسُمُ المستقبل.
وإنَّني إذْ أتقدَّمُ من مجلسِكِم الكريم بطلبِ الثِّقةِ بناءً على البيانِ الوزاريِّ الذي تشرَّفتُ بعرضِهِ عليكم، مُلتَزِمينَ بِكُلِّ ما ورد في كتابِ التكليفِ السامي، لأسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يحفظَ بلدَنَا وشعبَنا وملِكَنَا المعظَّم ووليَّ عهدِهِ الأمين، وأن يوفِّقَنا جميعاً لكلِّ خير.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) – صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته