المجالي لحكومة الخصاونة: لا مجال للتجريب فـ”الخطأ جريمة لا تغتفر”

4 فبراير 2021
المجالي لحكومة الخصاونة: لا مجال للتجريب فـ”الخطأ جريمة لا تغتفر”

حسين هزاع المجالي

كتب وزير الداخلية و مدير الأمن العام الأسبق، حسين هزاع المجالي، مقالاً حمل عنوان “الأردن بعد مخاض كورونا”، تحدث فيه عن الظروف التي تحيط في المملكة جراء هذه الجائحة التي تؤثر على العالم، وتالياً نص المقال:

لا شك أن الجميع يعي الظروف التي تمر بها بلدنا وما أصابها كبقية دول العالم من تداعيات وأثار الفيروس، غير أنه والحال أصبح على ما نحن عليه من بوادر بشائر بانتهاء هذه الجائحة ووصول اللقاح لينعم به كافة أبناء شعبنا ومن هم مقيمون على أرضنا.

جائحة كورونا عمقت وفاقمت ما كنا نعانيه من أزمة اقتصادية رفعت نسب الفقر والبطالة وساهمت في إلحاق الضرر بالمؤسسات والشركات الخاصة وهو ما انعكس حتماً على الدولة وخزينتها التي باتت مرهقة.

هذا الواقع يحتاج إلى منهج عمل مختلف عن السابق، يحتاج إلى خطط واستراتيجيات واقعية قابلة للتطبيق والتنفيذ وبعيدة عن التنظير حتى نكون قادرين على تلمس الإنجاز بما يسهم في تسريع عملية الشفاء مما لحق بنا من أضرار اقتصادية و اجتماعية وثقافية ونفسية.

فالجائحة تركت دون أدنى شك أثراً نفسياً لدى الغالبية ممن فقد مصدر رزقه أو تهشمت مصالحه أو فقد عزيزا بفعل الفيروس.

الصحة والاقتصاد، أثبتا في الجائحة أنهما يسيران في خط متوازٍ لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وهو ما يجب أن يكون على المدى المنظور بالنظر إلى القطاعات التي تضررت وإلى تلك التي ما زال غير مصرح لها بالعمل، إذ أن الحال لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه، وإلا سنكون أمام تداعيات أكثر إيلاما يصعب بعد ذلك تدارك حلها.

كل هذا يجب أن يكون في قناعات الحكومة، التي عليها أن توازن وتدرس خطواتها جيداً وألا تتسرع في اتخاذ القرارات فما آلت إليه الأوضاع بعد الجائحة أكد أنه لا مجال للتجريب بما يعني أن الخطأ جريمة لا تغتفر.

ليس القطاع الصحي أو الاقتصادي الذي تضرر فحسب، وبالتالي يجب أن لا يكون الجهد منصبا عليهما على أهميتهما القصوى بل لا بد أن يظل الإصلاح السياسي أولوية قصوى ، فهو السبيل إلى تطور ممارساتنا السياسية التي لا بد أن تشهد تغييراً نوعياً ونحن الذين دخلنا للتو المئوية الثانية من عمر الدولة.

والإصلاحات يجب أن تنصب على تطوير قانون الانتخاب وقانون الأحزاب وغيرها من القوانين الناظمة للعمل السياسي، فنحن اليوم أمام جيل جديد متسلح بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا، وهذا العقلية الجديدة تحتاج إلى ممارسات سياسية وقوانين تتواءم مع تطور وتغير التكنولوجيا والتقدم العلمي والوعي المجتمعي.

إن مداومة عملية الإصلاح السياسي هو السبيل الوحيد لتطور مجتمعنا ويعزز من قيمه وإرثه الذي بناه الأوائل مدماكاً مدماكا، غير أن هذا أيضا يحتاج دون أدنى شك إلى تطور منظومتنا الثقافية لتتناسب مع معطيات العصر الراهن شريطة أن تكون متصلة غير منفصلة عن تاريخنا وإرثنا الحضاري الضارب في التاريخ.

ثمة تغير سياسي تشهده المنطقة، وقد يكون لذلك التطور تداعيات علينا في الأردن، وهذا ما يتطلب من الحكومة قراءة المشهد بشكل واعٍ وعميق للتعامل معه للحفاظ على منجزنا أولا وعلى مبادئنا التي دفعنا في سبيل حمايتها دما روى أرضنا الطاهرة وأرض فلسطين العزيزة.

على عاتق الحكومة أعانها الله مسؤولية وعبء ثقيل في ادارة الملفات التي نتجت جراء تداعيات كورونا، فالقدرة الشرائية تراجعت وأحوال الناس أصبحت صعبة ،وهذا يحتاج إلى كد بالصخر منها من أجل أن نلمس نتائج ذلك

كما أن مداومة تأهيل وتطوير الكوادر بالبشرية العاملة في القطاع الخاص أصبح ضرورة ملحة لتطوير الأداء، وهذه الكوادر التي كنا نفاخر بها دول المنطقة تحتاج إلى ما يعيدها إلى سابق عهدها.

كما أن على الحكومة أن تفكر وبالتعاون مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني كيف يمكن إيجاد اسواق فرص عمل لخريجي الجامعات وأن تعمل بجد لتطوير التعليم وأن تتواءم مخرجات التعليم مع سوق العمل وهذا يتطلب معرفة احتياجات السوق لفرص العمل المتاحة

الجائحة أكدت على ضرورة تطوير التعليم المدرسي بايجاد منهجا يجمع بين التعليم الوجاهي وعن بعد، غير أن هذا يحتاج إلى دراسة معمقة بحيث يصبح الالكتروني جزءا من المنهاج.

لقد أثبتت الجائحة مبدأ الاعتماد على الذات وأهمية اللجوء إلى التصنيع الغذائي والتكنولوجيا الزراعية والصناعات الدوائية لتكون النواة التي ننطلق منها في سبيل اعتمادنا على ذاتنا ، فتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بصورة فعلية وحقيقية على ارض الواقع ، هي مفتاح العبور للمرحلة القادمة بما يفضي الى تقليص مشكلتي الفقر والبطالة وتوسيع دائرة مظلة الأمن الاجتماعي .