جولة رئيس الوزراء

20 نوفمبر 2024
جولة رئيس الوزراء

وطنا اليوم _ولنا في جعفر حسان قدوة، الإطار والرسالة التي تحويها جولة رئيس الوزراء هي علم يُدرّس في كتب المقبلين على تولي المناصب في مؤسسات الدولة، هذه الشخصية التي أثارت الجدل منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئيس الوزراء، لا زال يبهرنا ويثير الجدل فيما بيننا، فهو يعتبر حالة أردنية جميله (هكذا تم وصفه شكلا)، ولكن الذي زاد جمال خلقته إبهاراً هو جمال خُلقه ونهجة السلوك الإداري المسؤول كأعلى هرم إداري في الدولة، فهو بهذا النهج والسلوك يسطّر أفضل معاني الإدارة، فدولة جعفر حسان تعامل مع الإدارة كإجرائي تطبيقي، ذلك أننا نراه خلال زياراته الميدانية ماشياً على قدمية، يقترب من الموظفين البسيطين والمراجعين كطلبة او مرضى الخ، يستمع لمطالبهم، يستمع لمن هم حقيقين في الميدان، يتلمس المشاكل والهموم، براحبة الصدر والاهتمام وبعزيمة إيجاد الحلول، ولا يكتفي بسؤال المسؤولين أو من ينوب عنهم من الإداريين المرافقين حوله، فهو يخترق الحاشية الملتفة حوله ليصل بسلاسة الى قلب الحدث المواطن (الموظف البسيط او المراجع للمؤسسة) فإذا كانت زيارته لمستشفى فهو لا يكتفي بالاستماع الى الكادر الإداري والطبي، بل نجده يقترب ويتجوّل بين المرضى، يتحدث معهم ويستمع لهمومهم ومعاناتهم بكل اهتمام بلا مرافقين او محيطين يعرقلون هذا الاقتراب. وفي الوقت الذي نسمع ونشاهد من تجاربنا ومتابعاتنا لطبيعة الجولات الميدانية لبعض المسؤولين في بعض المؤسسات، فترة توليهم المناصب المختلفة، تلك الجولات التي لا تعدو كونها شكلاً من أشكال بريستيج المنصب أولاً، ومادة إعلامية لهم غنية ثانيا، ثم ما نلبث أن نفتقد أثرها، ويختفي علينا وهج بريقها بعد الجولة مباشرة، فننسى متى تمت وكيف تمت والأهم: ما الغاية منها أصلا؟ الأمر مغاير تماما في زيارات جعفر حسّان مما ينبئ عن شخصية فذة تعمل بفعالية وصمت دون جلبة أو ضجيج. وعند النظر إلى زيارات جعفر حسان منذ توليه رئاسة الوزراء نجد أنها تختلف في نوعها ومضمونها وغايتها عن زيارات البعض من المسؤولين في المؤسسات المختلفة، فهي تختلف في شكلها وبروتوكول تنفيذها، حيث أن الزيارات الميدانية في معظم الأحيان تأتي على شكل مرور استعراضي سريع على مرفقات المؤسسة والأماكن التي حددها له المسؤولون والقائمين عليها، مع غياب أو ضبابية تصل إلى حد السرّية أحيانا للهدف الذي تمّ على أساسه جدولة الزيارة، إلى الحد الذي يجعل البعض يظن أن بعض هذه الزيارات إنما تسعى للظهور الإعلامي أولا أو لاصطياد أخطاء بعض الموظفين ثانيا.

توجّه زيارات دولة جعفر حسان لمثل هؤلاء المسؤولين رسائل توجيهية تدعو إلى تغيير نمط الإدارة القديم المتمثّل في الزيارة التقليدية التي لا زال الكثير منهم للأسف يتوشح بجلبابها البالي، كما تدعو إلى الانطلاق الى الأساليب الرائدة في الإدارة والترفع عن سفاسف الأمور، فالمسؤول في مؤسسة حكومية منوط به مهام أكبر من تفقّد الغبار على سطح مكتب موظف ما، أو ملاحقة الموظّف الذي يتناول القهوة في مكتب زميله، بل إن بعض المسؤولين في زياراتهم التفقدية لا يزالون يتغطرسون ببعض الممارسات التي تدل على عنجهية وتكبّر واغترار بالمنصب، فنجد بعضهم تأخذه العزة بالإثم فيتمنع عن طرح السلام أو ردّه على الموظّفين أو المارة من المراجعين، ونراه حينا يدير ظهره استعلاء على بعض صغار الموظفين الذين يهبون للترحيب به لحظة دخوله المفاجئ لمواقع عملهم، ويمتنعون عن الاستماع إلى مطالبهم أو شكاويهم. فلماذا هذا الاستعراض أيها المسؤول ما دمت لا ترغب في الحديث مع الموظفين أو المراجعين أو البحث عن مشكلات أو عراقيل حقيقية تعيق العمل لتقف عليها وتعمل على حلها. إما ان تتعلم أصول الإدارة الحديثة بالمثال الحي امامك، او أن تبقي في مكتبك الفاره وتستريح، واترك الـ show؟.