الوطن الغالب: صرخة القلب المثقوب ومجد الأوطان العظمى

17 نوفمبر 2024
الوطن الغالب: صرخة القلب المثقوب ومجد الأوطان العظمى

إبراهيم السيوف

“أنا لا أنظر من ثقب الباب إلى وطني بل أنظر من قلب مثقوب وأُميّز بين الوطن الغالب والوطن المغلوب” بهذه الكلمات التي خطّها الدكتور خالد الكركي انطلقت صرخة تتجاوز حدود الكلمات لتُصبح نبراسًا لكل من يحمل وطناً في قلبه إنها ليست مجرد عبارة بل إعلان حرب على الخذلان وغضب المثقف الذي رأى بأم عينيه كيف تُختزل الأوطان في ثقوب الأبواب الضيقة حيث النظرة العاجزة والرؤية القاصرة التي لا ترى سوى المصالح الفردية واللحظات العابرة

الوطن الغالب ليس وطناً يُمنح ولا وطناً يُولد من الفراغ الوطن الغالب فكرة تتجسد على أرض الواقع بفعل أبنائه الذين يحملونه في قلوبهم كإرث خالد وأمانة ثقيلة الغلبة ليست حالة طارئة ولا انتصاراً عابراً بل هي فعل يومي يُصنع بالإيمان والجهد والتضحية الغلبة هي أن يبقى الوطن فوق المِحن أن يظل رافع الرأس شامخاً كجباله عصيّاً على الانكسار قادراً على صناعة مستقبله بيديه

أما الوطن المغلوب فهو الجرح النازف في قلب أبنائه الوطن الذي تكالبت عليه الأزمات من الداخل والخارج الوطن الذي خذله بعض أبنائه فتركوه يواجه المصير وحده المغلوبية ليست قدراً محتوماً بل هي عارٌ يُمحى بالإرادة والعمل الوطن المغلوب لا يُهزم إلا عندما يخون أبناؤه الفكرة الكبرى عندما تُختزل قضاياه في حسابات ضيقة ورؤى قصيرة النظر وعندما يُنظر إليه من ثقوب الأبواب المغلقة لا من عيون مفتوحة على رحابة المجد

القلب المثقوب الذي تحدث عنه الدكتور الكركي هو القلب الذي يعيش وجع الوطن بكل تفاصيله إنه القلب الذي لا يهرب من مواجهة الحقيقة ولا يغض الطرف عن الجراح لكنه في الوقت نفسه يرفض الاستسلام من قلب مثقوب يرى الإنسان كل شيء يرى الأزمات والأمل معاً يرى الغصة والغلبة في آن واحد القلب المثقوب هو منبع الحب الحقيقي للوطن الحب الذي لا يخشى المواجهة ولا يُغلق عينيه عن العيوب لكنه يظل حاملًا للرسالة الكبرى أن الوطن يستحق الأفضل وأن الغلبة ممكنة مهما كانت التحديات

الوطن الغالب ليس شعاراً يُرفع في المناسبات ولا أغنية تُرددها الجماهير في الاحتفالات الوطن الغالب هو حلمٌ يتحقق بسواعد أبناء يعرفون معنى المسؤولية إنه وطن يقف على أكتاف من يؤمنون بأن العمل أبلغ من القول وأن الأمل أقوى من اليأس الغلبة ليست قوة السلاح فقط بل قوة الفكرة وقوة التعليم وقوة الوعي هي أن نبني وطناً لا يهتز أمام العواصف ولا ينحني تحت وطأة الأزمات

يا أبناء الوطن لا تنظروا إلى وطنكم من ثقوب الأبواب فثقوب الأبواب تُضيق الرؤية وتحبس الأمل وتُغذي اليأس انظروا إليه بقلوب مثقوبة قلوب تحس بوجعه وتنبض بحبه قلوب تحمل فيه أمانة الجدود وطموح الأجيال القادمة الوطن لا يصنعه المتفرجون ولا يرفعه من يكتفون بالنقد السلبي الوطن يصنعه من يؤمنون بأن الغلبة قدر مستحق لا يأتي بالتمني بل بالعمل المستميت الذي يزرع الأمل في كل زاوية

يا أردنيون يا من تحملون إرث المجد في عروقكم هذا وطنكم هذا الأردن الذي لا يقبل أن يكون مغلوباً أبداً هذا الأردن الذي حمل رايات المجد رغم كل العواصف وكتب اسمه في تاريخ الكرامة بأحرف من نور لا تتركوه وحيداً لا تختزلوه في مشهد واحد أو أزمة عابرة اجعلوا من قلوبكم المثقوبة نوراً ينير له الطريق اجعلوه دائماً غالباً شامخاً عصيّاً على الانكسار

الوطن الغالب هو رسالة كل أردني أصيل رسالة لكل عربي يحمل في روحه شموخ أمته اجعلوا من الغلبة واقعاً تعيشونه لا حلماً تنتظرونه وكونوا دائماً أهلاً لهذا الوطن لا عبئاً عليه حينها فقط سيظل الوطن شامخاً غالباً يُكتب له المجد وتُروى حكاياته للأجيال القادمة بفخر وعزيمة