على هامش قمة الرياض .. إستدارة استراتيجية نحو تكتل اقليمي شرق اوسطي

11 نوفمبر 2024
على هامش قمة الرياض .. إستدارة استراتيجية نحو تكتل اقليمي شرق اوسطي

جميل النمري
المؤتمر العربي الاسلامي في الرياض اليوم يستطيع بقرارات مناسبة ان يشكل اداة ضغط ضخمة لفرض وقف اطلاق النار في غزة ولبنان.
لكن حتى وقف الحرب اليوم لن يكون كافيا لأن الخطة الاسرائيلية لما بعد وقف النار لا تصنع تسوية بل ترتيبات معينة كما لو ان اسرئيل حققت نصرا كاملا، ترتيبات تديم احتلال قطاع غزة عسكريا في الشمال وامنيا في الجنوب ورقابيا في لبنان.
الهوة الضخمة بين الرؤية العربية – الاسلامية والرؤية الاسرائيلية للسلام الممكن غير قابلة للتجسير اطلاقا في ظلّ القيادة اليمينية العنصرية المتطرفة وهي تذكر حرفيا بالنازية الألمانية التي دعمها الألمان في حينه كما يدعم الاسراىيليون نازيتهم اليوم ولن يعيدهم الى صوابهم الا فشل سياسي حاسم للعربدة العسكرية الراهنة.
وكيف يحدث ذلك ؟! قال عمر موسى في آخر مقابلة معه انه من المستحيل تصور دولة صغيرة مثل اسرائيل بتكوينها الشاذ تفرض نفسها واجندتها على قوى اقليمية تاريخية عريقة عربية واسلامية، ويطرح عمرو موسى فكرة “تحالف شرق اوسطي بمنظور عربي” بديل لمشروع التحالف الشرق اوسطي الاستراتيجي ( mesa ) الذي طرحه ترامب في ولايته الأولى ويواجه ما وعد بل توعد بها نتنياهو بعد 7 اكتوبر بأن الردّ لن يستهدف القضاء على حماس فحسب بل تغيير وجه الشرق الأوسط برمته.
. يقترح موسى مدّ التحالف الذي يضم مصر والسعودية والاردن والخليج الى القرن الأفريقي (ربما برؤية استراتيجية لضفتي البحر الأحمر على طريق الحرير الجديد مع شرق آسيا باتجاه اوروبا عبر مصر وليس اسرائيل) ولعل فكرة الامتداد بهذا الاتجاه لصيقة بهاجس الدور المركزي لمصر لكن كما ارى فالاقتراح يهرب بعيدا عن الامتداد الصحيح الى القوتين الأقليميتين الكبريين في قلب الصراع وهما ايران وتركيا.
كانت خطة ترامب في ولا يته الأولى هي فرض تحالف عربي عسكري امني سياسي ضد ايران والتطرف والارهاب والدوس كليا على حقوق الشعب الفلسطيني وشطب حل الدولتين مقابل حلول اقتصادية. وكان يفترض ان يضم التحالف الذي اطلق عليه اسم الناتو العربي السعودية والخليج ومصر والأردن. وقد طوي المشروع ومعه صفقة القرن مع رحيل ترامب من البيت الأبيض
فما العمل الآن مع عودة ترامب ؟!
الحل هو بقلب الطاولة رأسا على عقب والتجروء على استدارة استراتيجية نحو ايران وتركيا معا .. جوارنا الشرق اوسطي الاسلامي السني والشيعي. والمؤتمر العربي الاسلامي اليوم في الرياض مناسبة عظيمة لكي يتم بحث الأمر على هامش المؤتمر وهو سيجد ترحيبا عربيا واسلاميا اكيدا.
ادارة ترامب التي تتعامل ببراجماتية فجّة تتجاهل التاريخ والجغرافيا والسياسة والثقافة وترى فقط حقائق القوة العسكرية والاقتصادية. لا يمكن التعامل مع هذه الادارة بالسياسات التقليدية بل بفرض حقائق جديدة على الارض واعظم حقيقة جديدة تطيح بكل البناء السياسي الأمريكي في المنطقة هي ان تجد ان ايران لم تعد العدو ومصدر التهديد المركزي بل هي جار طبيعي امكن التفاهم معه على الملفات الخلافية وأمكن التفاهم معه ومع الجارة تركيا. ولنترك تعبير التحالف ونتحدث عن تكتل اقليمي مثل كل التكتلات الأقليمية التي نشأت في كل مكان فوق التباينات الجيوسياسية والعقائدية والمصلحية الضيقة .
لماذا هذه المنطقة من دون اقاليم العالم يجب تبقى موطنا للصراعات والاقتتال العقيم بعيدا عن مصالح الشعوب الحقيقية في السلم والتعاون والبناء. ان اكثر الأمور منطقية وطبيعية هي بناء منظومة اقليمية للتعاون حتى بوجود ملفات عالقة مثل الوجود العسكري الايراني في لبنان وسوريا واليمن والعراق والدور العسكري التركي في الشمال السوري والعراقي. فالتكتل سيكون مدخلا لتسويات عقلانية لهذه الملفات التي بدأت تستنزف ايران وتكشفها عسكريا وامنيا بصورة خطيرة كما ظهر في المواجهات الاخيرة.
وماذا عن اسرائيل في هذه المنظومة ؟ بالضبط هذا بيت القصيد. اسرائيل دولة احتلال واجرام خارجة على القانون الدولي لا مكان لها الا اذا اعتدلت واصبحت دولة عادية لا تحتل ولا تعتدي والا فإن الشرق الاوسط الكبير ينبذها وببقيها كما نبذت افريقيا برمتها وبإختلاف انظمتها نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
التكتل الاقليمي الجديد هو الصدمة الاستراتيجية للعسكريتاريا النازية الاسرائيلية ولادارة ترامب الجديدة والجواب الممكن الذي تتشارك فيه وبالضبط مصالح الجميع ايران وتركيا والسعودية ومصر والاردن وحتى اوروبا التي سيغدرها.