عبيدات يكتب: تنمّر شعبي!!

3 فبراير 2021
عبيدات يكتب: تنمّر شعبي!!

بقلم الدكتور ذوقان عبيدات

كان الأديب المعروف خالد الساكت منذ السبعينات يقول: أنا متأكد من أن السلطة (خربانة) ولا شك عندي في ذلك، ولست مندهشًا من هذه الحقيقة، لكن ما يفاجئني حقًا هو أن المواطنين أنفسهم قد مارسوا هذه الصفة ونقلوها عن السلطة، فتعادل المواطن مع السلطة في العنجهيّة والتنمرّ واللامسؤولية.

ومع تقدم أفكار حقوق الإنسان والديمقراطية في نهاية القرن العشرين عاشت الإنسانية تغيرات حاسمة مثل: ضعف السلطة – أي سلطة- فسلطة الدولة أو الشرطي أو الوزير أو المعلم او الأب قد خفت كثيرًا، ولم يعد بإمكان أي منهم أن يمارس سلطة كاملة، ومن المتغيرات أيضًا، أن كل شخص يستطيع التدخل في شؤون أي شخص، وأي دولة يحق لها التدخل في شؤون أي دولة، لأن سيادة الفرد وسيادة الدولة أصبحت ناقصة بما يسمح بالتدخل فيها، أما التغير الأكثر أهمية فهو زيادة قيمة الفرد الناتجة عن زيادة معرفته وقدرته على الوصول إلى المعرفة من مصادر متعددة!!

هذه هي أبرز التغيرات: ضعف السلطة، نقص السيادة، زيادة قيمة الفرد هي التي قلبت الموازين وصرنا نشاهد تنمّرًا شعبيّا على أصحاب السلطة!! وأنا بطبعي لم أقف يومًا مع صاحب سلطة لأنني أعتقد أن كل صاحب سلطة يمكن أن يتجاوز ويتنمرّ!! ولكني أتحدث اليوم عن صاحب السلطة الجديد وهو المواطن!

لقد تنمّر المواطن الأردني ومنع وزراء في الحكومة السابقة من إقامة ندوات ولقاءات رسمية في عدد من المحافظات، كما تعرض وزراء حاليون وشخصيات مهمة إلى تنمر شديد، فتحدثوا دون معلومات عن رواتب خيالية، وصمتوا عن رواتب أكثر خيالية لبعض المسؤولون: قالوا يسقط! وقالوا حرامي، وتجاهلوا قصيدة الأمير السعودي عبدالرحمن بن مساعد:

احترامي للحرامي          صاحب المجد العصامي

صبر مع حنكة وحيطة        وابتدى بسرقة بسيطة

وبعدها سرقة بسيطة، بعدها تعدى محيطه، صار في الصف الأمامي

هذه حقيقة، فالحرامي مبجّل وله مكانة، ويجب أن يكشف!! لكن لم يتنمّر أحد ضد الحرامية بل ضد أشخاص غالبًا ما اتسموا بالنزاهة وبذل الجهد، تنمروا ضد من ليس له غطاء رسمي أو       أو عشائري، لم أسمع هتافًا بسقوط حرامي بل بسقوط من قاموا بجهد قدر المستطاع، حيث يرونهم أهدافًا سهلة!! المهم أن لا تخضع الدولة لتنمّر بعض الأفراد والجهات وتقدمهم قرابين، في حين يُحمى الفاسدون الحقيقيون!!

لا معلومات عندي عن أفراد بل عن سلوكات شائعة.

رحم الله خالد الساكت، كان أول من كشف تنمّر بعض الأفراد!!