الدكتور محمد الهواوشة يكتب: لماذا يمتنع الكثير من العرب والمسلمين عن التصويت في أمريكا؟ وكيف يمكن أن يحدث صوتهم فرقًا؟

منذ ساعتين
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: لماذا يمتنع الكثير من العرب والمسلمين عن التصويت في أمريكا؟ وكيف يمكن أن يحدث صوتهم فرقًا؟

كتب الدكتور محمد الهواوشة :

في الولايات المتحدة، يتمتع المواطنون بحقوق متساوية، بما في ذلك الحق في التصويت والتعبير عن آرائهم السياسية. ومع ذلك، نجد أن شريحة كبيرة من العرب والمسلمين الأمريكيين يمتنعون عن المشاركة في الانتخابات، سواء من خلال التصويت أو الترشح. هذه الظاهرة تحمل أبعادًا ثقافية واجتماعية ونفسية تجعل من الضروري تسليط الضوء على أسبابها وكيفية التغلب عليها.

أسباب امتناع العرب والمسلمين عن التصويت:

1. الإحساس بالمواطنة من الدرجة الثانية: يشعر العديد من العرب والمسلمين في أمريكا بأنهم يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، سواء من خلال تجارب شخصية أو من خلال تمييز مجتمعي أو إعلامي. هذا الإحساس ينمو مع الوقت ويؤدي إلى انعدام الثقة بالنظام السياسي والشعور بعدم الأهمية، مما يجعلهم يعتقدون أن صوتهم لن يُحدث فرقًا أو لن يُسمع.

2. الخوف من التمييز والمراقبة: بعد أحداث 11 سبتمبر، ازداد الخوف بين الجاليات العربية والإسلامية من أن الانخراط السياسي قد يؤدي إلى مراقبتهم أو استهدافهم بشكل خاص. هذا التخوف لم يأتِ من فراغ، بل هو مبني على قصص وتجارُب لأفراد عانوا من إجراءات رقابية، مما جعل البعض يتجنب المشاركة لتجنب التبعات السلبية المحتملة.

3. الافتقار إلى التوعية السياسية: العديد من العرب والمسلمين في أمريكا يفتقرون إلى التوعية السياسية الكافية حول أهمية التصويت وآلية الانتخاب. هذا الافتقار يعود جزئياً إلى التحديات اللغوية أو الثقافية، وأحياناً إلى تهميشهم من قبل الأحزاب السياسية الكبرى التي لا تبذل جهوداً كافية للتواصل مع هذه الشريحة وتوعيتهم بأهمية المشاركة.

4. التحفظات الثقافية والدينية: لدى بعض العرب والمسلمين توجهات ثقافية ودينية تجعلهم يرون السياسة كموضوع مرفوض أو مجال غير مرغوب فيه. ينشأ هذا التصور من تقاليد وتراث سياسي واجتماعي في بلدانهم الأصلية حيث يعتبر العمل السياسي خطيراً أو غير مُرحب به، مما يؤدي إلى ميلهم للابتعاد عن السياسة.

5. الاعتقاد بعدم التأثير: يشعر العديد من العرب والمسلمين بأن أصواتهم ليست ذات تأثير فعلي، خاصةً عندما يشعرون أن قضاياهم لا تلقى اهتماماً كافياً من الأحزاب السياسية. هذا الشعور يؤدي إلى الاستسلام وعدم الرغبة في المشاركة، مما يزيد من عزلتهم السياسية.

أهمية المشاركة السياسية وتأثير الصوت العربي والإسلامي:

1. التغيير يأتي من الداخل: من المهم أن يدرك العرب والمسلمون أن التغيير يبدأ من الداخل، وأنّ المشاركة السياسية هي الوسيلة الأهم لتحقيق هذا التغيير. عندما نشارك بأصواتنا، نعزز من قدرتنا على التأثير في سياسات الحكومة المحلية والفيدرالية، سواء فيما يخص قضايا التعليم، الصحة، أو الأمن المجتمعي.

2. الضغط على الأحزاب لخدمة القضايا ذات الأولوية: مع تزايد عدد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، تصبح هذه الجالية قوة مؤثرة لا يمكن تجاهلها. من خلال المشاركة في الانتخابات، يمكن الضغط على الأحزاب لخدمة القضايا التي تهم العرب والمسلمين، كحقوق الإنسان والسياسات الخارجية والعدالة الاجتماعية.

3. محاربة الصور النمطية السلبية: عندما يتمتع العرب والمسلمون بمكانة سياسية قوية ويشاركون بفعالية في العملية الديمقراطية، يمكنهم محاربة الصور النمطية السلبية والتأكيد على أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع الأمريكي. فالمشاركة في التصويت والترشح هي وسيلة للتأكيد على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.

4. تشجيع الجيل الجديد على المشاركة: إن توجيه رسالة لأبنائنا وبناتنا بأهمية التصويت والترشح يمكن أن يحدث تغييرًا جوهرياً في مستقبل هذه الجاليات. عندما يرى الجيل الشاب قدوة في أمهاتهم وآبائهم يشاركون في بناء المجتمع، سيشعرون بأهمية دورهم ويسعون لتحقيق مزيد من التمثيل والحقوق.

لماذا يجب علينا الترشح؟

بالإضافة إلى التصويت، يجب على العرب والمسلمين النظر بجدية في الترشح للمناصب المحلية والفيدرالية. وجود ممثلين من الجالية في الحكومة يعزز من فرص إيصال صوتهم وطرح قضاياهم على أعلى المستويات. فعندما يكون هناك شخص يعرف جيدًا ثقافتك وقيمك ويعمل بجد من أجل مصلحتك، تصبح الفرصة أفضل لتحقيق تغييرات حقيقية.

1. تقديم منظور مختلف: بترشحنا للمناصب، نتمكن من تقديم منظور جديد يعكس تنوع المجتمع الأمريكي. يمكننا المساهمة في وضع سياسات عادلة ومنصفة تأخذ بعين الاعتبار قضايا العرب والمسلمين وتعكس تنوع الثقافة الأمريكية.

2. بناء الثقة في الجالية: عند رؤية شخصيات من الجالية في مواقع القرار، تنمو ثقة العرب والمسلمين بأنفسهم وبالنظام السياسي، ويشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع. هذا الشعور بالانتماء يعزز من رغبتهم في المشاركة ويقلل من إحساسهم بالتهميش.

3. القدرة على التأثير بشكل مباشر: عندما يكون لدينا ممثلون منا في الحكومة، نستطيع التأثير بشكل مباشر في قضايا تهم الجالية، سواء كانت تتعلق بالتمييز أو التعليم أو السياسة الخارجية. وجودنا في مواقع صنع القرار يعزز من قدرتنا على حماية حقوقنا والمطالبة بتغييرات تخدم مصالحنا.

الخاتمة: صوتك يصنع الفرق

من المهم أن يدرك العرب والمسلمون في أمريكا أن المشاركة السياسية ليست مجرد حق، بل هي وسيلة للتغيير وبناء مجتمع أفضل للأجيال القادمة. يجب أن نتجاوز مخاوفنا ونفكر في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا. نحن ندفع الضرائب، ونعمل بجد، ونسهم في بناء هذه البلاد، لذا من حقنا أن يكون لنا صوت يُسمع ويُؤخذ بعين الاعتبار.

إذا أردنا تغييرًا حقيقيًا وتحقيق تمثيل فعلي، فعلينا أن نشارك بأصواتنا، وأن نفكر بجدية في الترشح. بتكاتفنا وتصويتنا وتفعيل دورنا السياسي، يمكننا اختيار الأفضل وبناء مستقبل مشرق يسوده العدل والمساواة