كتب زهدي جانبيك:
في 444 صفحة يكشف بوب وودوارد في كتابه هذا جهده الاستقصائي لما وراء الكواليس لثلاث حروب: أوكرانيا والشرق الأوسط والصراع من أجل الرئاسة الأمريكية.
ويتحدث فيه عن التعقيد غير العادي ونتائج دبلوماسية الكواليس والقنوات الخلفية في زمن الحرب وصنع القرار لمنع استخدام الأسلحة النووية والانزلاق نحو الحرب العالمية الثالثة.
من 77 فصلا، لم يهتم القاريء العربي الا بالجزء المتعلق بغزة حيث خصص الكاتب اقل من ثلث الفصول تقريبا للحرب الاسرائيلية على غزة وتأثيرها بالشرق الاوسط .
خطورة هذا الكاتب تكمن في انه قام بتأليف أو شارك في تأليف 21 كتابًا، كانت جميعها من أكثر الكتب غير الخيالية مبيعًا على المستوى الوطني. بينما خمسة عشر كتابا منها كان من أكثر الكتب مبيعًا (خيالية وغيرها)على المستوى الوطني.
وبذلك فهو يعتبر من اكثر المؤلفين تأثيرا في تغيير الرأي العام الامريكي.
ما ورد في هذا الكتاب سينتشر انتشار النار في الهشيم وخاصة الجزء المتعلق بجرائم حماس المزعومة يوم 7 اكتوبر، هذا الجزء من الكتاب سيتبناه الصهاينة وماكينتهم الاعلامية وسيتم نشره بشكل واسع جدا لتغيير التوجه الايجابي الشبابي المتعاطف مع الفلسطينيين.
وفي نفس الوقت ستتبناه الغالبية من الشعوب العربية الغاضبة والمحبطة من ضعفها وتقصيرها في الانتصار لغزة والوقوف معها، وتقوم بالتالي بتعليق فشلها على قادتها الذين لخص بوب وودورد مواقفهم من الحرب على غزة بالعبارات التالية التي نقلها على لسان وزير الخارجية الامريكي بلينكن:
أقوال السلطات العربية التي التقاها بلينكن:
• “قلنا لهم (اي العرب قالوا لاسرائيل) ألا يقتربوا من حماس. حماس هي الإخوان المسلمون”.
• “يجب القضاء على حماس”.
• “لكننا نؤيد هزيمة حماس وعلى إسرائيل أن تهزم حماس”.
• “لا ينبغي لإسرائيل أن تدخل دفعة واحدة (الى غزة). عليها ان تتراجع قليلا ، وتنتظر حتى يخرجوا الى السطح (من الانفاق) ويقطعوا رؤوسهم،”
• “يمكننا أن نعطي إسرائيل مساحة لتدمير حماس، ولكن على إسرائيل أن تعطينا مساحة. دعوا المساعدات الإنسانية تدخل. إنشاء مناطق آمنة للتأكد من أنهم لا يقتلون المدنيين. السيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية”.
• وأضاف بلينكن مخاطبا نتنياهو: “منذ أن رأيناك آخر مرة ، سافرنا في جميع أنحاء المنطقة”. “قابلنا أصدقائك والأشخاص الذين ليسوا أصدقاء ، لكنهم ليسوا معادين لك. والشيء الوحيد الذي سمعناه مرارا وتكرارا:
هو أنهم يدعمون ما تفعله.
إنهم يؤيدون هزيمة حماس.
لا يمكنهم جميعا قول ذلك علنا في الوقت الحالي لكنهم يدعمونك في القيام بذلك.
وهذه بعض المختصرات من لقاءات بلينكن مع الحكومة الصهيونية:
• قال بلينكن: “نريد منكم السماح بدخول المساعدات الإنسانية”.
“لا، بالتأكيد لا”، قال نتنياهو. ثار نتنياهو، رافضا ذلك، رفضه تماما. “لن يتسامح شعب إسرائيل مع تقديم المساعدات لهؤلاء النازيين إذا لم ندمر حماس بالكامل”.
• ذهب بلينكن للقاء وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت. بعد يومين من 7 أكتوبر/تشرين الأول، قال جالانت:
“لقد أمرت بحصار كامل لغزة. لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك”.
• “أوه لا، لا”، قال بيبي. “لا يمكن أن يكون لدينا شاحنات تدخل الى غزة. لا يمكننا السماح بدخول الشاحنات”.
قال بلينكن:
“ماذا تقصد أنه لا يمكنك السماح بدخول الشاحنات؟” “كيف سنحصل على المساعدة للناس؟ “
فقال رون ديرمر (وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي) مازحا ، “ربما عربة حمار سيفعلان ذلك.”
• اختلف شكري (مصر) والصفدي (الاردن) معنا وقالا:
“ما لم، وما لن، تكن هناك خطة واضحة ل “اليوم التالي بعد اليوم التالي” – والتي يقصدون بها إنشاء دولة فلسطينية مستقلة – فلن يتحدثوا عن “اليوم التالي” في غزة.
• كان جميع وزراء الخارجية العرب تقريبا متفقين: لا يمكن أن يكون هناك نقاش لما بعد الحرب ما لم تكن هناك خطة سياسية للتعامل مع حماس في غزة.
النتيجة :
أما أنا فأرى ان هذا الامر بحاجة الى تدخل جامعة الدول العربية اعلاميا وتوضيح ما جاء في الكتاب من اتهامات بحق الدول العربية، وبالتنسيق مع وزراء الاعلام في الدول المعنية ، فهذا الكتاب ليس تقريرا في موقع محلي يمكن تجاهله ومن المتوقع ان يكون له اثرا مدمرا على الدعم العالمي للقضية الفلسطينية ومساعي الدول العربية للوصول الى اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة.
يجب دحض ما جاء بالكتاب قبل ان تعتبره الاجيال حقائق ثابتة …