غزة.. الإسناد والدعم حيث يجب أن يكون

منذ ساعتين
غزة.. الإسناد والدعم حيث يجب أن يكون

وطنا اليوم_بقلم: ‏نسرين الصبيحي

 

تتخطى الحرب على قطاع غزة عامها الأول تاركة خلفها نحو 42 ألف شهيد، غالبيتهم من الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، وأكثر من 100 ألف جريح جلّهم لن تعود حياتهم الطبيعية كما كانت. وفي الوقت الذي يزداد به جنون اليمين الإسرائيلي من إبادة جماعية بحق أهل غزة وتهجير من تبقى منهم، وفي محاولة للبحث عن طريق لوقف إطلاق النار يقفز السؤال الإنساني: كيف يمكن أن نساعد أهل غزة وما الذي يطلبه منا الأطفال والنساء والشيوخ هناك بالضبط؟

 

الدولة الأردنية، وتنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، لم تنتظر الإجابات على تساؤلات الواقع الإنساني في قطاع غزة، بل صنعتها وكانت الدولة الأولى التي كسرت الحصار الجوي على القطاع ونفّذت إنزالات جوية تحمل مساعدات إنسانية وغذائية وطبية في شمال وجنوب غزة، من ضمنها إنزال شارك به شخصياً جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، تحوّل فيما بعد إلى جسر جوي مستدام يعكس الموقف الثابت للدولة الأردنية وقيادتها الهاشمية الحكيمة وجيشها وأمنها وشعبها تجاه غزة وأهلها.

 

ووفق بيان صادر عن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي– في شهر أيار الماضي، بلغ عدد الإنزالات الجوية التي نفّذها الجيش العربي وحده 93 إنزالاً، إضافة إلى 242 إنزالاً بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة.

 

حدود الإسناد الحقيقي لدعم صمود أشقائنا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، لم تقف عند هذا الحد، فقد عملت القوات المسلحة وأيضاً ضمن توجيهات جلالة الملك حفظه الله وولي عهده الأمين، طيلة زمن الحرب دون ضجيج وبعيداً عن الشعبويات في تأدية الواجب العروبي والوطني والإنساني، وأسست مستشفيات ميدانية عسكرية في القطاع، كان أولها المستشفى الميداني الأردني غزة/76 في شمال غزة الذي يشهد قصفاً جوياً وبرياً مستمراً، والمستشفى الميداني الخاص/2 جنوبي خان يونس، الذي أشرف على تجهيزاته ومعداته ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله.

 

هذا الواجب الذي يتقنه العسكري الأردني بشرفٍ وانتماءٍ حقيقي كان له ثمناً أيضاً، فقد تعرّض المستشفى العسكري الميداني جرّاء الحصار الإسرائيلي للقطاع الصحي إلى نقصٍ في الإمكانيات، كما أصيب 7 من أبطال الجيش العربي في استهداف تعرض له المستشفى. إلّا أن إصرار الأردن على دعم الشعب الفلسطيني على كافة المستويات دفع القوات المسلحة نحو ضرورة ديمومة عمل المستشفيات.

 

الجغرافية الفلسطينية كلها ضمن أولويات القيادة الأردنية وجيشها العربي، وثوابت الأردن واضحة فيما يتعلق بدعم الشعب الفلسطيني على أرضه وقيام دولته الفلسطينية. وفي السياق نفسه، أرسل الأردن مستشفى ميدانياً إلى نابلس سبقها محطتين علاجتين في رام الله وجنين. وفي شهر أغسطس الماضي، أطلقت الخدمات الطبية الملكية بدعمٍ من جلالة الملك مبادرة “استعادة الأمل” لدعم مبتوري الأطراف في غزة، ويجري اليوم تحضير مستشفى خداج لإرساله إلى غزة خلال أسابيع. ناهيك عن أطباء أردنيين ذهبوا للتطوّع في قطاع غزة ومصابين صدرت توجيهات ملكية باستقدامهم للعلاج في مدينة الحسين الطبية في العاصمة عمان.

 

يجسد كل ذلك بوضوحٍ الموقف الأردني الراسخ ومنظومة القيم والمبادئ الثوابت التي تحملها مؤسسات الأردن العسكرية، بقيادة هاشمية مسؤولة، والتذكير بما يقوم به الأردن على أرض الواقع دون فوضى الشعارات الساخنة، ليس سوى تأكيد على أن الأردن يعرف ما يريد وماذا يجب أن يقدم وهو يخوض مواقف الدفاع عن فلسطين في جبهات متعددة على المستوى الدبلوماسي الذي توّج بها الملك موقف الأردن في كلمته الأخيرة في الأمم المتحدة، وعلى المستوى الإنساني الذي تترجمه أفعال وممارسات الشرف والكرامة لأبطال جيشنا العربي.