وطنا اليوم_ كتب الدكتور عطا أبو الحاج _في يوم من الأيام، قرر أحد السعادين الصغار التشبه بالبشر، بعدما سمع من جده الذي كان قد جاب البلدان واكتسب علماً وخبرة عن العلاقة بين السعادين والبشر. التحق هذا السعدان بمدرسة لتعليم السعادين، وأظهر ذكاءً لافتاً وسرعة فهم، ما جعله محط إعجاب أستاذه. ومع أنه كان قريبا من أن يصبح عريفاً للصف، إلا أن ميله لإثارة الخلافات بين زملائه حال دون ذلك.
بعد إنهاء دراسته، استخدم السعدان مهاراته للحصول على وظيفة كاتب، وتمكن من الترقية في عمله بسرعة بفضل قدرته على خدمة البشر، وتذكر أسمائهم وأسماء عائلاتهم بدقة. كان يسهل الأمور ويساعدهم في إنجاز معاملاتهم، حتى أنه أحياناً يوصل المعاملات إلى المنازل، متبنياً فلسفة “قرضة ودين” في حياته.
تزوج السعدان من قريبته وأنجب عشرين سعداناً، وحرص على تعليمهم، حتى أن بعضهم التحق بالجامعات وحصل على شهادات مميزة. قبل وفاته بعامين، عاش السعدان مطمئن البال، فرحاً بنجاح أبنائه الذين لم يجدوا صعوبة في الحصول على وظائف، حيث كان يكفيه طلب المساعدة من زملائه القدامى.
خلال حياته، كان السعدان يتصدر مجالس السعادين، متحدثاً عن حب العمل والعدالة وتكافؤ الفرص، مردداً مقولته الشهيرة: “لو تجري جري الوحوش، غير رزقك ما تحوش”.