أنفسنا والغير

منذ 3 ساعات
أنفسنا والغير

وطنا اليوم_كتب الدكتور عطا أبو الحاج _نخدع أنفسنا نحن العربَ كما نشاءُ،ولا ضيرَ من أن نردد بدم باردٍ في كل مناسبة :أننا أصحابُ تراثٍ وأصحابُ حضارةٍ تضربُ بجذورها في أعماقِ التاريح السحيق ،ولكن هل يمكننا أن نقنع غيرنا بذلك الترديد الذي لا جدوى في تأثيره؟!!

أظن أننا فشلنا في إثبات ذلك مرات عديدة حينما سنحت لنا الفرصة على مر التاريخ ؛ ويعود العجز في إثبات ذلك ـ في نظري المتواضع ـ أننا حاولنا أن نثبت ذلك من خلال التاريخ نفسه والغوص فيه؛ لنخرج كما نتصور بأدلة وبراهين تاريخية نظن أنها كفيلة بإثبات هذا الوجود واستحقاق هذا الحاضر..

والحق أن تلك البراهين التاريخة لا تتعدى كونها براهين نظرية لا قيمة لها في نظرالعقل المعاصر،

وأرى أن خير إثبات يتلافى قصور البراهين النظرية سالفة البيان ،هي البرهين العملية الواقعية المتمثلة في محاولة بناء حضارة عربية إسلامية حاضرة “قوامها الإنسان المسلم المعاصر” صاحب الفكر النقدي والنظرة العميقة للأمور وليس صاحب النظرية السطحية صاحب النظرة الانهزامية ، إن ذلك الإنسان الذي يعيش بعقلية الماضي في حاضره، بل “بعقلية الحاضر في حاضره” هو ذلك الإنسان الذي انكفأ على نفسه وأغلق كل الأبواب حوله ؛ فلا هو يسمع من حوله ولا الذين هم من حوله يسمعونه،ومثل هذا الإنسان إن كان يدعي بأنه في غنى عمن هم حوله ؛فإن من حوله عنه أغنى.

إن البرهان الوحيد القادر على إثبات ذاتيتنا وإثبات قدرتنا على أننا قادرون على التنفس ونستحق هواء هذه الأرض وماءها هو البرهان العملي،فالتغني بالتاريخ لن يغنى عنا في ضائقتنا شيئًا.

ذلك هو البرهان الوحيد الذي يحظى بالقبول لدى العقل المعاصر ، أما إذا استمررنا في محاولة البرهنة من داخل أعماق التاريخ ذاته دون النظر إلى محاولة الإثبات من خلال الواقع والحاضر بل والنظرة المنهيجة المرسومة للمستقبل ؛فأتصور أننا سنصبح عبأً على التاريخ ذاته ومساهمين أصليين في تشويه صفحات التاريخ الإسلامي العظيم على مر العصور ؛ إذ إن العالم أصبح ـ مع الأسف ـ يستدل على الإسلام وتاريخه بوجودنا المشوه .