كنب الدكتور عطا أبو الحاج:
يعد الخنوع والتقديس الفكري من الأمور المرفوضة عقلا وشرعا، فالأساس في الإتباع الصائب لفكر ما هو قوة الحجة والدليل والبرهان والأثر العلمي، فالخنوع لفكر معين والانخراط في تبجيله دون محاكمة يعتبر من أكبر المصانع التي تنتج لنا الجهل والتخلف وتوزعه لما فيه من تعطيل للقدرات العقلية وشلها، ووضع هالة من القدسية حول أي فكر كيفما كان تجعل نقده عملية محظورة بل من المحرمات، فكل فكرة إلا ولها حقها من الإحترام والتقدير، غير أنها تتراوح بين الصواب والخطأ، لأن فكرنا البشري غير معصوم؛ الشيء الذي يعني أنه دائما محل نقد وتقييم وتقويم.
والذي ينبغي معرفته أن الخنوع الفكري لا يحصل دائما لضعف الخانع، بل قد يكون اختيارا شخصيا من دون أي إكراه، فلربما يمارس فقط طمعا فيما سيجنى منه من ثمار وفيرة والتي لا تجلب إلا المستعبدين فكريا، في حين أنها تظل فاسدة بلا طعم ولا فائدة في نظر أصحاب الفكر الحر، إن هذا الخنوع المرتبط بالتفكير ما هو إلا نوع متخف من التخلف، فلا قيمة لتبني الأفكار الجاهزة والمعلبة التي تعطل بها ملكة التفكير المستقل والحر والعمليات العقلية؛ سواء كان لقصور مرتبط بعوامل خارجية تأثيرها أحادي وموجه لا وجود لمسألة الاختيار الحر معها أو لرضا وقبول من الخانع الذي يرغب في ذلك بإرادته التامة لنيل ما يبتغيه من أطماع بخنوعه لفكر ما.
فكثير من الأفكار التي يحملها البعض هي من معارف غير يقينية وتشكل الوعي الزائف واشباعها بالاسئلة السابرة والاشتباك معها من المسافة صفر يقد يراوحك ما بين الانغماس والانكماش والانغماس الشرارة الأولى التي تضع المرء على تخوم الوعي الحقيقي والإستهداف والنأي عن دياجير الحناديس بالمناديس وتزداد وتيرة الإشتباكات