بقلم الصحفي: بسام الياسين
انا والكلب ؟
ليلة البارحة شدني نباح كلب.عواء متقطع قبل آذان الفجر،مزق استار الظلام و قَطّع نياط القلب.تمنيت ان اترجم لغته،افك شيفرة وجعه.تُرى هل يعاني من جوع،وجع،برد،ظلم،وحدة،عشق،فقدان عزيز ام هي المربعانية القارسة ؟!. مرت بذاكرتي حكايا كثيرة عن الكلاب،لكن اكثرها علوقاً “لطيفة من لطائف الحسن البصري رحمه الله” التي انصف فيها الكلب حيث وصفه :ـ ” انه دائم الجوع، وذلك من صفات الصالحين . و إذا حضر الأكل وقف ينظر من بُعد، وذلك من أخلاق المساكين،و يرضى من الدنيا بأدنى يسير،وذلك من إشارات المتواضعين.و لا ينام من الليل إلا قليلا، وذلك من صفات المحسنين.و اذا مات لا يترك ميراثاً، وذلك من اخلاق الزاهدين”.
يعني ان الكلاب مخلوقات من مخلوقات الله،وامم مثلنا، متعددة الاجناس.قدمت لنا خدمات جليلة،منها كلاب الصيد،كلاب للعواء من اجل التهويش،كلاب الحراسة،كلاب شم ما تحت الركام من احياء ما بعد الزلازل ،كلاب لكشف المخبوء من المخدرات،كلاب تنام على الحرير و تلحس العسل في فيلات راقية،كلاب تعيش في الحاويات،كلاب تعمل كمخبرين للشرطة في ـ قص الاثر ـ، كلاب تسهر على القطعان اذا نام الرعيان،كلاب لا يعرف جلدها الماء الا في الشتاء،كلاب تستحم يومياً بالماء الدافيء و الشامبو.كلاب تعيش فوق مستوى البشر.وبشر يعيشون دون عيشة الكلاب
” حميـــــــــــــــــــــــــــ
الحمار العربي يستخدم للاشغال الشاقة دون رحمة. فقد كابد في الوطن العربي، اعلى اصناف الاهانة.لم يحصل على حقوقه كمخلوق ولا شروطه الاساسية كحيوان خدوم، اسوة بالحيوانات المدللة كالخيول،الكلاب،القطط المنزلية.فقد تم التعامل معه بدونية،رغم خدماته الجليلة في بناء حضارة ما بين النهرين،والحضارة المصرية، كما دلت الحفريات الأثرية .فالحمار اقدر المخلوقات على اجتياز الاماكن الوعرة و الاكثر تحملاً للظروف الصعبة،ومع هذا لا يشكو،كأن لسانه مقطوع وسيفه مكسور.لذا تعرض للقهر،ولم يفكر في الحد من شقائه،فبدلاً من الثورة على مستعبديه، تكيف مع اوضاعه،و صب رؤاه الفلسفية في حكمة الصبر على الاذى والزهد بالحياة،لإن الدنيا عنده لا تساوي بعرة…
مسالم حتى السكينة، لم يطالب يوماً بدعم الشعيرلانه بالكاد يحصلعليه،ولا ببطاقة تأمين صحي للحد من امراضه.سجلاته الامنية في الاقطار العربية، تؤكد انه لم يشارك في مظاهرة،ولم يدخل في مشادة ،و لم يقف وقفة احتجاجية هاتفاً ضد من ظلمه.مسيرته الاستسلامية دفعته للبقاء في الظل و جعلته اقرب ما يكون في افكاره الى توجهات “حزب الكنبة “،فانخرط مع الاغلبية الصامتة،لهذا خسر نفسه، ولم يخرج من حمرنته،عكس حمار الحزب الديمقراطي الامريكي الذي تحول بسبب عناده الى ايقونة سياسية،وفاز مؤخراً بمقعد رئيس الجمهورية لانتصاره على البغل ترمب
في البلاد العربية، الصورة مقلوبة.في سن الشيخوخة او اصابة العمل يُستغنى عنه، ويُطلق سراحه ليهيم على وجهه كي يلتقط رزقه من المزابل . الاخطر في مصر ، نُفذت بحقه مجازر ،حيث قام بعض الجزارين بذبحه،وبيع لحمه باسعار.فيا حسرة على حمير الامة.