وطنا اليوم:يتوقع مزارعون ومعنيون، أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تأخر مواعيد الزراعة في وادي الأردن، مشيرين إلى أن ارتفاع درجات الحرارة وتأخر الهطول المطري وانعكاساته على الوضع المائي سيعيق خطط المزارعين للموسم المقبل.
هذا التحدي بالإضافة إلى التحديات الأخرى كاستمرار الإنتاج في المناطق الشفوية وارتفاع الكلف ونقص السيولة وغياب التمويل ونقص العمالة أدى إلى تراجع كبير في الزراعات المبكرة التي كان من المفترض أن تبدأ بالإنتاج حاليا.
ويرى مزارعون أن تلك العوامل دفعتهم إلى تأخير الموسم الزراعي في وادي الأردن خلال السنوات الأخيرة، موضحين أنها أسهمت كذلك في إطالة عمر الإنتاج في المناطق الشفوية إلى وقت متأخر، ما اضطر مزارعي الوادي إلى تأخير مواعيد إنتاجهم لتفادي تضاربها مع مواعيد الإنتاج الشفوي.
ووفق المزارع وليد هاشم المرازيق، فإن التغيرات المناخية فرضت حالة من التردد في زراعة الأراضي، ما أدى إلى تراجع كبير في الزراعات المبكرة، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة بالتزامن مع شح مياه الري، ونقص السيولة وغياب الدعم اللازم لبدء الزراعة، حتما سيؤدي إلى تأخير الزراعة للعروة التشرينية شهرا على الأقل.
وأضاف المرازيق، “أن المخاوف من نقص المياه في ظل تراجع معدلات الهطل المطري وتراجع مخزون السدود واستمرار تراجع الأوضاع التسويقية، إضافة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ونقص العمالة الزراعية الكافية، جميعها عوامل تشكل تحديات تواجه المزارعين للموسم المقبل”، مشيرا إلى “أن بدء زراعة الأراضي يبقى مرهونا بتحسن الأجواء وتوفر كميات مياه كافية لري الأشتال”.
أما المزارع محمد العجوري، فيقول، “إن غالبية المزارعين سيحجمون عن زراعة أراضيهم خوفا من عدم كفاية المياه اللازمة للري في ظل ارتفاع معدلات التبخر جراء ارتفاع درجات الحرارة”، لافتا إلى “أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة يزيد من فرص إصابة الأشتال بالأمراض الفطرية والآفات الحشرية، مما يقلل من فرصة نجاح نموها”.
وقال العجوري، “إن زراعة الأرض في ظل هذه التحديات تعد مغامرة، إذ إن المزارع سيجد نفسه مرغما على تحمل كلف طائلة لمكافحة الآفات الزراعية التي يمكن تلافيها مع تساقط الأمطار”، متوقعا في الوقت ذاته “أن تتأخر مواعيد الزراعة إلى فترة أطول إذا ما استمرت الأوضاع المناخية السائدة”.
وينقسم الموسم الزراعي بوادي الأردن إلى قسمين: الزراعة المبكرة التي تبدأ خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، وتزرع هذه الفترة عادة بالباذنجان، في حين تبدأ زراعة العروة التشرينية من منتصف أيلول (سبتمبر) وحتى منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، وتزرع بالمحاصيل الحقلية كالفلفل والخيار والكوسا والبندورة والبطاطا والمنتجات الخضرية الأخرى.
ومن وجهة نظر الخبير الزراعي المهندس عبدالكريم الشهاب، “فإن تأثير تغير المناخ على الزراعة يتشعب ليشمل تغيير مواعيد زراعة المحاصيل، إذ إن ارتفاع درجات الحرارة وتذبذب معدلات الهطول المطري يزيد الحاجة إلى تكييف مواعيد الزراعة لتتناسب مع التغيرات المناخية”.
وأضاف الشهاب، “تقلبات الطقس يمكن أن تؤثر سلبا على الإنتاج كما ونوعا وجودة، ذلك أن التغيرات المناخية بات لها أثر واضح على معدلات سقوط الأمطار وتوزيعها الجغرافي، والذي يؤثر على التربة وقابليتها لزراعة الأصناف النباتية”.
وأوضح، أن “التغير المناخي عادة ما يتسبب بزيادة الظواهر الجوية المتطرفة كالفيضانات أو الجفاف، إلى فقدان المحاصيل وتدهور الظروف الزراعية, إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة والذي يؤثر على مواعيد الإزهار والنضوج”.
وأشار الشهاب أيضا، إلى “أن التغير المناخي يتسبب غالبا بتأثيرات كبيرة على النظم البيئية والتوازن البيئي في المناطق الزراعية وانعكاساته على توفر الموارد الحيوية للمزارع وانتشار الأمراض والآفات الزراعية التي تشكل تحديا أمام المزارعين”, مشددا في الوقت ذاته، على “ضرورة العمل على استدامة الزراعة في وادي الأردن بإدخال التقنيات الزراعية اللازمة واللجوء لزراعة أصناف نباتية متكيفة وإيجاد حلول عاجلة لشح الموارد المائية واستخدام تقنيات ترشيد الاستهلاك المائي وتطبيق ممارسات زراعية مبتكرة توازن بين احتياجات الإنتاج الغذائي والحفاظ على البيئة”.
من جهته، يعدد المهندس الزراعي عواد البليلات العوامل التي تؤدي إلى تأخر مواعيد الزراعة مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص مياه الري وارتفاع الكلف ونقص العمالة، بالإضافة إلى التغير المناخي الذي تسبب باختلال واضح في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها، إذ أسهم في ترحيل مواعيد الزراعة خلال العشر سنوات الأخيرة لمدة شهر تقريبا.
وأوضح البليلات، أن تجهيز الأرض لزراعة النبات يحتاج إلى كميات مضاعفة من المياه لتقليل حرارة الأرض، وما يتوفر حاليا من حصص مائية لا يكفي لسد حاجة النبات، لافتا إلى أن استمرار الإنتاج الوفير من الخضار في المناطق الشفوية يلعب دورا مهما في تأخير الموسم الزراعي في وادي الأردن، إذ إن أي تضارب في الإنتاج الشفوي والغوري سيؤدي حتما إلى وجود كميات كبيرة في الأسواق وبالتالي انخفاض حاد في أسعار بيعها.
وأشار كذلك، إلى أن غياب الأسواق التصديرية وتراجع الطلب محليا على الخضار يعد أحد أهم الأسباب التي تدفع المزارعين إلى تأخير مواعيد الزراعة، داعيا المزارعين إلى التريث في زراعة أراضيهم لحين تحسن الأجواء لضمان الوصول إلى بيئة مناسبة لنمو النبات وتلافي تحمل كلف إضافية.