وطنا اليوم:نشر “معهد الحرية والمسؤولية” في جامعة “رايخمن”، وصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبريّة، الثلاثاء، نتائج استطلاعٍ للرأي أجراه، بين أنّ “مشاعر القوة ما زالت تسيطر على الإسرائيليين، ولكنهم لا ينامون في الليل، وليس لديهم ثقة على الإطلاق بالحكومة”، ويظهر الاستطلاع أن أن 98 في المائة من المصوتين في الوسط واليسار ليست لديهم ثقة بهذه الحكومة؛ لكن أيضاً في أوساط اليمين يدور الحديث عن نحو 66 في المائة لا يثقون بالحكومة، وأنّ نحو خُمس السكان يقولون إنهم فكروا بترك البلاد، ولدى مصوتي الوسط واليسار زادت النسبة بقليل.
وكشف تقرير نشره موقع “أوريان” الفرنسي، بعنوان “من تل أبيب إلى حيفا.. هل تعتقد أنها نهاية إسرائيل؟”، عن غضب الإسرائيليين من “البلاد”، وأجمع جل المستجوبين على وصف دولة الاحتلال بأنها “بلد قذر”، فيما كشف دبلوماسي غربي للموقع على رقم غير مسبوق بخصوص رغبات المغادرة.
في نص التقرير، نقل المراسل الخاص للموقع الفرنسي في فلسطين والاحتلال، مجموعة من الشهادات التي تؤكد أن الوضع داخل دولة الاحتلال أصبح أكثر سوءاً من ذي قبل، ولم تجد من عبارة للتعبير عن ذلك سوى بكلمة “بلد قذر”.
“بلد قذر”
رد “موكي”، الذي يبلغ من العمر 54 عاماً، وهو إسرائيلي من لينينغراد، وهاجر إلى إسرائيل عام 1997 وشارك في الحرب على لبنان عام 2006، ويعمل في محل تنظيف جاف، عن سؤال الصحفي الفرنسي عن الوضع في إسرائيل، قائلاً: “بلد قذر”.
قبل ذلك بيوم، وفي مطعم عصري في تل أبيب، التقى الصحفي الفرنسي بـ”حنا”، 27 عاماً، وهو شاب روسي ولد في سانت بطرسبورغ ولينينغراد، وقد وصل قبل عامين هرباً من روسيا بسبب الحرب مع أوكرانيا.
يقول “حنا”: “المفارقة المأساوية في هذه الرحلة تجعلك تبتسم، ها أنا أواجه نفس الشيء، إنه بلد قذر”، كما عبر “حنا” عن رغبته الشديدة في مغادرة دولة الاحتلال.
يرغبون في المغادرة
وفق الموقع الفرنسي، فإن رغبة “حنا” لن تكون هي الوحيدة، إذ يشرح دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى “أن طلبات الحصول على جوازات السفر تتزايد بشكل حاد في القنصليات الغربية، أي أكثر بـ5 مرات من العام الماضي في نفس الوقت”.
كما كشف أن “5 ملايين إسرائيلي لديهم بالفعل جواز سفر ثانٍ، أي نصف عدد السكان”.
من جهتها، وصفت غابرييلا، إسرائيل بأنها “بلد قذر”، كما أنها وصفت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ”حكومة الخاسرين”.
وتشارك غابرييلا في فعاليات “مدينة الخيام” بالقدس المحتلة منذ الأول من أبريل/نيسان 2024، والتي أقيمت في الشارع حيث الكنيست والمحكمة العليا.
كما عبرت عن غضبها الكبير على “حكومة الخاسرين” التي قالت إنها عاجزة عن تحرير الرهائن والانتصار في “هذه الحرب الرهيبة” التي بدأتها.
“حكومة الخاسرين”
كذلك، نقل التقرير الفرنسي، شهادة “ماريانا” المشاركة في إحدى المظاهرات ضد حكومة نتنياهو بتل أبيب وهي تقول: “يجب أن يرحلوا، إنهم خاسرون! هذه الحرب لن توصلنا إلى أي مكان”.
في السياق، يقول دبلوماسي أوروبي، مستنكراً “الأخطاء المنهجية الفظيعة” التي ارتكبها بنيامين نتنياهو وحكومته: “لقد فشلت الحكومة كثيراً لدرجة أنها لا تستطيع الخروج منها إلا من خلال المبالغة في غضبها”.
بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب، وصل مستوى الكراهية تجاه نتنياهو إلى مستوى لم يسبق له مثيل في إسرائيل.
ويشعر الإسرائيليون بالغضب عندما يعلمون أن ابنه يائير لجأ إلى ميامي تحت حماية اثنين من رجال “الموساد”، في حين أن سارة، زوجة رئيس الوزراء، لديها صالون لتصفيف الشعر في مقر إقامة المسؤول حتى لا تضطر بعد الآن إلى مواجهة الحشود الغاضبة حول منزله.
العنوان المفضل في تل أبيب هو: “ليس لدى نتنياهو أي أفكار أخرى سوى إنقاذ زوجته وابنه وأحبائه”.
في الجهة المقابلة، نقل التقرير الفرنسي، شهادات من فلسطينيين يعيشون يومياً تجارب القمع والعدوان الإسرائيلي المتواصل.
يخشى فلسطيني آخر من سكان حيفا، مثل كثيرين آخرين، من إظهار التضامن مع شعب غزة خوفاً من رؤية حياته محطمة بسبب القمع، إذ يستطيع الإسرائيليون التعبير عن غضبهم، لكن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يصمتون.. الشارع للبعض، والعصي للبعض الآخر.
الهزيمة تهدد مستقبل إسرائيل
ونقل الموقع الفرنسي، تصريحاً لأحد الدبلوماسيين قال فيه إن الإسرائيليين “قاموا بإبادة غزة بدافع الغضب وليس بدافع الضرورة”، وشدد على أنه “ما زال من الممكن أن يحدث أي شيء”.
من جهته، يقول المؤرخ الليبرالي يوفال نوال هراري: “يواصل نتنياهو وعد الإسرائيليين بـ”النصر الشامل”، لكن الحقيقة هي أننا على بعد خطوتين من الهزيمة الكاملة. بالنسبة له، أظهر رئيس الوزراء “الفخر والعمى والانتقام” تماماً مثل شمشون.
ومع ذلك، فإن استحضار “هذا البطل المغرور”، بحسب هراري، يوضح ما هو واضح: أن النموذج الحالي للبلاد، القائم على العنف والسيطرة، قد انتهى. الهزيمة تهدد مستقبل إسرائيل. يتحدث الجميع عن ذلك، على انفراد، مع العائلة، مع صديق عابر. ويتعين على اليسار الإسرائيلي، الذي مزقته المسألة الاستعمارية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، أن يعيد تشكيل نفسه أيضاً، في حين تشن الحكومة حرباً شاملة ضد الفلسطينيين في غزة، وتضايقهم في المناطق، وتهدد حرياتهم”.
هل هي نهاية إسرائيل؟
يقول التقرير إن هذا هو السؤال الذي يطرحه معظم الإسرائيليين بصوت عالٍ -سواء كانوا يهوداً أم مسيحيين أم مسلمين، مؤمنين أم لا- لأنفسهم بقدر ما يطرحونه على الصحفي العابر.
يقول مهندس معماري من تل أبيب: “لقد تصور الكثير من الأشخاص الذين أرادوا السلام مستقبلاً مشتركاً، لقد مررنا بالفعل بأيام مظلمة، وهجمات”.
وأضاف: “لكن هناك… من الصعب جداً التحدث”. “الجميع في حالة سيئة، الجميع في حالة سيئة، حتى الأشخاص الذين يزعمون أنهم في حالة جيدة”.
ثم زاد: “نحن لا نتحدث كثيراً عن هذا الخوف، بل إن البعض يقول إنهم أعادوا اكتشاف الفخر بكونهم إسرائيليين”، لكنهم يشاركونهم هذا القلق من النهاية.
“الخروج من المأزق”
إن الخروج من المأزق المميت هو جوهر عمل أورلي نوي، التي ولدت في إيران، وهي صحفية ومترجمة، وتبلغ من العمر 54 عاماً، وقد تولت للتو منصب رئيسة منظمة “بتسيلم”، أقوى منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان في إسرائيل، والتي تطورت بشكل عميق على مدى السنوات العشر الماضية في توصيف الفصل العنصري الإسرائيلي.
ساهمت العين الثاقبة لهذا الناشط منذ فترة طويلة في نجاح المجلة الإلكترونية +972، وهي مصدر الاكتشافات المرعبة حول استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي في غزة.
بالنسبة لها، فإن جريمة 7 أكتوبر/تشرين الأول “بغيضة” و”غير مبررة”، ولكنها لا يمكن أن تجعلنا ننسى “سنوات الاحتلال والحصار والإذلال والقمع القاسي للفلسطينيين، في كل مكان، وخاصة في غزة”.
موقف أورلي نوي أثار خروج البعض من منظمة بتسيلم، إلا أنها لم تتخلَّ عن التضامن مع الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة.