بقلم: الدكتور محمد طالب عبيدات
إبان فترة السماح بالدعاية الإنتخابية لمرشحي البرلمان نرى الشوارع والجدران مليئة بالصور والشعارات الإنتخابية للمترشحين؛ وبالطبع حجم الدعاية الإنتخابية يتواءم والملاءة المالية للشخوص المترشحين؛ بالرغم أنه لا يوجد علاقة وطيدة بين حجم الدعاية الإنتخابية ونجاح المترشحين؛ ومع ذلك بعض المترشحين يطرح شعارات برّاقة وبعضهم يكتفي بعرض الصور فقط؛ لكننا نؤكد بأن الناخبين باتوا يعلموا الغثّ من السمين في شعارات المترشحين فيما إذا كانت قابلة للتطبيق أم لا؛ فالشعارات الإنتخابية المستندة على برامج متكاملة للمترشحين وقوائمهم تكون جاذبة لكن الشعارات الرنانة غير قابلة للتطبيق تكون واضحة كالشمس بسلبيتها عند الناخبين الواعين:
١. معظم مترشحي البرلمان يستعرضون بصورهم فقط في الشوارع والأماكن العامة؛ وهذا مؤشر أن الناخبين لا يؤمنون كثيراً بالشعارات بقدر إيمانهم بإستحقاق الشخوص للإنتخاب وهذا موضوع شائك في ظل غياب الأحزاب وبرامجها في مناحي الحياة كافة.
٢. الشعارات التي يطرحها المترشحون الواعون والوازنون ويقبلها الناخبون تكون قصيرة الوتيرة ولا تتعدى كلمات؛ والسبب في ذلك أننا أمة لا تقرأ وترى ضرورة التعجيل في كل شيء؛ لذلك نريد كلمات سريعة معبّرة دون التعمّق أو الإسهاب فيها؛ وهذا النوع من الشعارات مقبول عند الناخبين لضرورة تفاعلهم معه.
٣. الشعارات المبنية على وثائق برامجية تكون قليلة أو شحيحة إلا من رحم ربي؛ حيث البرامجية الحزبية شبه معدومة؛ وإن وجدت هذه البرامج تكون مكررة وغير قابلة للتطبيق العملي بسبب عدم واقعيتها لعدم قناعة هيئاتهم العامة بها؛ وربما تكون كتابة شخص واحد والبقية لا يؤمنون بها.
٤. بعض المترشحين تكون شعاراته غير قابلة للتطبيق وربما فضائية؛ وبالطبع هذا النوع من المادة الدعائية تعمل ضد صاحبها عند الناخبين الواعين؛ لا بل يتم إتهام المرشح بعدم إحترام ذهنية ناخبيه؛ ولهذا فالأفضل أن تكون الشعارات واقعية وعملية تصدر عن لجنة حكماء تعمل مع المترشّح.
٥. الناخبون يستطيعون تمييز كل الشعارات الإنتخابية ويصنّفونها وفق مصداقية أصحابها ودرجة واقعيتها وملاءمتها للظروف والمناخ السياسي والإقتصادي السائد هذه الأيام؛ فالشعارات المتطرّفة في طروحاتها تكون مثار إستهزاء وتعليقات كل الناخبين، والشعارات الواقعية القابلة للتطبيق تضمن إحترام الناس للمترشحين حتى وإن لم ينتخبوهم.
٦. الشعارات الإقتصادية والإستثمارية تروق هذه الأيام للناخبين حيث توفير فرص العمل ومحاربة بؤر الفقر والتعامل مع فئة الشباب العاطل عن العمل وطَرْق قضايا تنموية وإقامة مشاريع إقتصادية وفق الميزة التنافسية في المحافظات والمناطق؛ بيد أن الشعارات السياسية كثير من الناس لا يرغبونها سوى أهل السياسة والحزبيين حيث أن مجتمعنا عشائري بإمتياز.
٧. مطلوب شعارات إنتخابية تعكس جوهر المترشّح وتطلعاته وبواقعية وكذلك تعكس حاجات الوطن والتحديات التي يواجهها وخصوصاً التحدي الإقتصادي وربطه مع جائحة كورونا وكيف سيتصرّف كل من القطاعين العام والخاص تجاه ذلك.
٨. مطلوب أيضاً شعارات تحاكي لغة العصر دونما إستفزاز لذهنية المواطن؛ شعارات تحترم عقليات الناخبين وغير متطرفة؛ شعارات تبني على التشاركية بين السلطات الثلاثة وعدم تغوّل إحداها على الآخر؛ وشعارات في خندق الوطن وتخدم المواطن وتقدّم له ما يصبو إليه؛ وشعارات منصفة ووازنة ووسطية.
بصراحة: شعارات المترشحين تتأرجح بين صور المترشحين لتتكلم لوحدها حتى الفضائية الرنانة غير القابلة للتطبيق؛ والناخبون حيارى بين هذا وذاك؛ ولهذا فالواقعية دون أحلام يقضه يجب أن تكون شعار وديدن المترشحين للظفر بنتائج طيبة بحول الله تعالى؛ ولعل إستخدام الكلمات القليلة والبسيطة في الشعارات الإنتخابية من قبل المترشحين يكون أفضل لهم.
صباح الوطن الجميل