وطنا اليوم:بعد مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب في السودان، قالت مصادر محلية في جميع أنحاء البلاد لموقع Middle East Eye البريطاني، يوم الخميس 29 فبراير/شباط 2024، إن الناس في السودان يموتون جوعاً كل يوم، يأتي ذلك فيما تدهورت الأوضاع الإنسانية في السودان إلى حال مروعة؛ إذ تتبادل القوات المسلحة السودانية، وميليشيات “قوات الدعم السريع”، الاتهامات بعرقلة إيصال المساعدات وقطع سبل الوصول إلى الإنترنت في البلاد.
وأوردت “المنظمة الدولية للهجرة”، في نهاية يناير/كانون الثاني 2024، أن 10.7 مليون شخص نزحوا بسبب الصراعات في السودان، منهم 9 ملايين داخل البلاد، وتفوق احتياجات السكان حجم التمويل المتاح للمساعدات الإنسانية؛ إذ تقول وكالات الأمم المتحدة إن السودان يحتاج إلى مساعدات بقيمة 2.7 مليار دولار هذا العام، إلا أن المانحين لم يقدموا حتى الآن سوى أقل من 4 % من هذا المبلغ، في ظل إن الناس في السودان يموتون جوعاً.
لم تستطِع الوكالات الدولية أن تجمع العام الماضي سوى 43 % من التمويل الذي كان مخططاً للبلاد، وقالت مصادر متعددة لموقع MEE إن السودان يواجه مصاعب جمة في اجتذاب الاهتمام الدولي بالقياس إلى الاهتمام المتوجه إلى النزاعات في أوكرانيا وغزة.
في غضون ذلك، يفتك سوء التغذية بأطفال السودان، وتفشت بين السودانيين أمراض شتى، أبرزها الكوليرا، التي بلغ عدد المشتبه في إصابتهم بها أكثر من 10 آلاف شخص. وزاد من وطأة الأمر تعرُّض الأطباء والمستشفيات والعاملين بالطوارئ في الأحياء للهجوم والاعتداء. وقد فشل موسم الحصاد بسبب اضطراب الأمطار وانعدام الأمن ، ما تسبب في أن الناس في السودان يموتون جوعاً.
وتوشك الحكومة (المتحالفة مع الجيش) على الإفلاس، وقد جعلها ذلك عاجزة عن تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، كما اتُّهمت قوات الدعم السريع بمنع المساعدات من الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها.
ويقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن “ما لا يقل عن 25 مليون سوداني يعانون تحت وطأة ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية”، و”يُكابد سوء التغذية 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة”.
قالت مصادر متعددة في جميع أنحاء السودان لموقع MEE إن أطفالاً يموتون من الجوع كل يوم، وقال ثلاثة أعضاء في الشبكة الوطنية لمجموعات المساعدة المتبادلة المعروفة باسم “غرف الاستجابة للطوارئ”، إن الناس في الخرطوم يموتون بصمتٍ في منازلهم بسبب الجوع.
وقال ناشط يعمل بغرف الطوارئ إنهم عثروا في حي الكلاكلة جنوبي الخرطوم “على 3 أشخاص ماتوا جوعاً داخل منزلهم. ودفنهم جيرانهم في صمت. ويبدو أنهم لم يكن لديهم طعام ولا مال، وخشوا الخروج بسبب القصف المستمر”. وقال عاملون آخرون في غرف الطوارئ إن الناس في مدينة أم درمان يواجهون الأمر نفسه.
وقال طبيب في ولاية كسلا بشرق السودان إن “الأطفال في المناطق النائية في تلكوك وغيرها من قرى الريف يموتون بسبب سوء التغذية”، “ولما وصل بعضهم إلى مستشفى كسلا وجدناهم مصابين بسوء تغذية حاد، وعجزنا عن إنقاذ حياتهم”.
ورجَّح المراقبون أن تكون الأحوال أشد سوءاً في منطقة دارفور التي تعد قاعدة قوات الدعم السريع، إذ يمكث السودانيون النازحون إلى هناك في مخيمات متهاكلة، ويعانون المجاعة وسوء التغذية وغير ذلك من الأخطار الجسيمة.
وتذهب تقديرات منظمة “أطباء بلا حدود” الإغاثية إلى أن مخيم زمزم في شمال دارفور يشهد وفاة طفل كل ساعتين، ووفاة نحو 13 طفلاً كل يوم.
وقالت كلير نيكوليه، مسؤولة شؤون الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، إن “الناس الذين يعانون سوء التغذية الحاد، ومن لم يموتوا بعدُ بالجوع، معرضون بشدة لخطر الوفاة في غضون 3 إلى 6 أسابيع إذا لم يحصلوا على العلاج. ويُمكن علاجهم إذا ذهبوا إلى منشأة صحية مناسبة، لكن كثيرين منهم لا يتمكنون من ذلك”.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: “في الوقت الحالي، يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص في السودان نقصاً حاداً في الأمن الغذائي، منهم ما يقرب من 5 ملايين يعيشون على حافة المجاعة (المستوى الرابع في تصنيف طوارئ الأمن الغذائي)”.
انخفاض في إنتاج الغذاء بالسودان
قالت “منظمة فكرة للدراسات والتنمية” السودانية، في بيان صحفي، إن إنتاج الغذاء المحلي في السودان انخفض انخفاضاً حاداً بسبب الحرب، إذ “قلت نسبة الأراضي الزراعية في السودان إلى نحو 37 % فقط بالقياس إلى ما كانت عليه في السنوات السابقة”، و”انخفض إنتاج السودان من القمح بنسبة 70 %”.
وفي محاولة لحشد مزيدٍ من الدعم الدولي للسودان في هذه المحنة، أطلقت منظمة “فكرة للدراسات والتنمية” نداءً لوكالات الإغاثة العالمية بالإعلان عن وقوع السودان في براثن المجاعة، وقالت المنظمة: “لقد تدهور الوضع الإنساني في السودان، وخاصة في الخرطوم، تدهوراً حاداً بعد انقطاع الاتصالات”، و”المطابخ الجماعية التي تديرها غرف الطوارئ توقفت عن عملها بسبب شح المواد الغذائية”.
وقالت المنظمة: “يبدو أن المجتمع الدولي فقد الاهتمام بمساعدة السودان، لذا دعونا في هذه اللحظة نرفع أصواتنا لنقول إن السودانيين لا يموتون بالرصاص فحسب، بل يموتون كذلك تحت وطأة الجوع والأمراض”.
اتهامات للدعم السريع بمهاجمة القرى
في سياق متصل، اتهمت لجان مقاومة سودانية (ناشطون)، الخميس، قوات الدعم السريع بمهاجمة 53 قرية في ولاية الجزيرة (وسط) وارتكابها انتهاكات بحق مدنيين.
وقالت لجان مقاومة مدينتي “ود مدني” و”الحصاحيصا” بولاية الجزيرة، في بيانين منفصلين، إنه “مع استمرار انقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت لمدة تتجاوز 3 أسابيع، مارست ميليشيا الدعم السريع أبشع أنواع الانتهاكات من إرهاب وسلب ونهب بحق مواطني ولاية الجزيرة”.
وذكرت أن 53 قرية تعرضت خلال 3 أسابيع لانتهاكات “الدعم السريع”، التي لم يصدر عنها أي تعليق فوري بهذا الخصوص.
والثلاثاء، قال تقرير للمرصد المركزي لحقوق الإنسان بالسودان (مستقل) إن قوات الدعم السريع هاجمت 39 قرية خلال فترة انقطاع الاتصالات والإنترنت بالولاية منذ 3 أسابيع، أسفر ذلك عن مقتل 46 مدنياً وإصابة 90 آخرين.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2023، سيطرت “الدعم السريع” على عدة مدن بالجزيرة بينها “ود مدني” مركز الولاية.
وفي سياق آخر، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الخميس، أن حوالي 8.1 مليون شخص نزحوا من ديارهم داخلياً وخارجياً منذ اندلاع القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إن “6 ملايين و326 ألفاً و416 شخصاً نزحوا داخلياً، ونحو مليون و884 ألفاً و909 عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة”.
وذكر البيان أن نحو 46٪ من النازحين داخلياً لجأوا إلى إقليمي دارفور (غرب) وكردفان (جنوب)، و53٪ نزحوا إلى الولايات الشمالية والشرقية والوسطى.ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حرباً خلّفت أكثر من 13 ألف قتيل ونحو 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.