وطنا اليوم:بات الحصول على خدمة الإنترنت في قطاع غزة مخاطرة، بجانب الحاجة لتكاليف مادية كبيرة نتيجة وقف عمل الشركات الفلسطينية، واضطرار السكان للذهاب إلى مناطق حدودية معرضة لإطلاق النار.
ودمّر القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي على مختلف مناطق القطاع البنية التحتية، وتسبّب في خروج نحو 70% من مصادر الإنترنت عن الخدمة، ما يعني فقدان معظم سكان القطاع لتلك الخدمة، علاوة على القطع المتعمّد للخدمة لأكثر من مرة.
ومع الأيام الأولى للحرب، دمّر الجيش الإسرائيلي المبنى الرئيسي لشركة الاتصالات الفلسطينية، والتي تعتبر المزوّد الرئيسي لخدمة الإنترنت بغزة، كما أن الحرب أوقفت جميع الشركات الخاصة المزودة للخدمة بالقطاع.
بدائل للخدمة
مع غياب خدمة الإنترنت الفضائي، يلجأ سكان القطاع إلى بدائل للحصول على الإنترنت، أبرزها الشرائح الإلكترونية، وشرائح شركات الاتصالات الإسرائيلية، وهذه البدائل لا تعمل إلا من خلال إرسال شركات المحمول الإسرائيلية؛ ما يشكل مخاطرة كبيرة، لأن الراغب في الخدمة يضطر للذهاب إلى المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل أو شاطئ البحر أو المناطق المرتفعة؛ وهي مناطق ترتفع فيها احتمالات التعرض للهجمات.
ويقول محمد أبو قمر، أحد النازحين من شمال القطاع لوسطه، إنه بسبب انقطاع خدمة الإنترنت عن المنازل اضطر للبحث عن بدائل لتوفير الخدمة من أجل التواصل مع أقاربه الموجودين في شمال القطاع وخارج غزة.
ما لجأ إليه أبو قمر، حسبما يوضح، أنه اضطر لشراء هاتف محمول متطوّر من النوع الذي يدعم الشرائح الإلكترونية، وشريحة إلكترونية للتواصل مع أقاربه.
ويواصل: “يحتاج مني الأمر إلى أن أتواجد في مناطق خطيرة للوصول إلى الخدمة؛ فالحدود الشرقية قريبة من آليات الجيش الإسرائيلي، وشاطئ البحر على مقربة من الزوارق الحربية، ونتعرض أحيانا لإطلاق النار”.
نجاة من الموت
من ناحيته، قال حسن علوان، من مدينة رفح جنوب القطاع، إنه نجا في إحدى المرات التي حاول فيها الاتصال بالإنترنت من الموت خلال وجوده قرب المناطق الحدودية، وذلك بعد قصف إسرائيلي لعدد من السكان.
ويضيف علوان، أنه كان قريبا من المناطق الحدودية للاتصال بالإنترنت عبر شبكة الاتصالات الإسرائيلية مع مجموعة من المواطنين حين باغتهم الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي، ما أدى لإصابة ومقتل عدد منهم.
لكن علون ومن معه يعاودون الذهاب لهذه الأماكن، معللا ذلك بقوله: “نضطر للمخاطرة بحياتنا من أجل التواصل مع العالم الخارجي، ومعرفة أخبار التهدئة والقصف، خاصة أننا معزولون عن وسائل الإعلام؛ بسبب انقطاع الكهرباء والخدمات العامة نتيجة الحرب”.
كمتخصّص ومسؤول في هذا المجال، يعطي مدير عام شؤون الاتصالات في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، مراد الزيتاوي، صورة عن حال قاطع الاتصالات بعد 4 شهور ونصف الشهر من الحرب.
وقال الزيتاوي إن “قطاع الاتصالات تكبد خسائر فادحة، شملت جميع المدن ومختلف شركات الاتصالات، ويمكن اعتبار غزة منطقة منكوبة تكنولوجيا، ويصعب حصر الخسائر الآن، وإن كان التقديرات الأولية تشير إلى أنها تفوق مئات الملايين من الدولارات”.
إضافة لذلك، فإن إسرائيل “ترفض منح شركات الإنترنت التنسيقات اللازمة لإعادة الخدمة على ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر الماضي، كما أنها تواصل استهداف الطواقم الفنية، ما أدى لإصابة ومقتل عدد منهم”.
وفي حالة انتهاء الحرب، يتوقع المسؤول الحكومي أن تحتاج شركات الاتصالات والإنترنت إلى عدة أشهر لإعادة الخدمات للسكان؛ بسبب الدمار الذي لحق بالبنية التحتية.