بقلم : سهل الزواهره
السائرُ في مكانهِ سيتعَب و يُتعِب غيره، سيرهق الأبصار وسيملُّه أشدُ الناس إيمانًا بهِ .
هذه الصورة برَعت الحكومات في تجسيدها بأشد صورها رتابةً، فالنهجُ مُستَنسخ و الكلام قُتِل تكريرًا وسُحِق اجترارا حتى حفِظه مَيتُ الذاكرة و وَعاهُ عديمُ النباهة و تنبأ بهِ أضعفنا منطقًا .
حكوماتٌ احترفت ركل الكُرات الى ملاعب الغير، فإن كان الأمرُ إحسانًا فالفضلُ لعبقرية الحكومات السابقة لزمانها و إذا كان السوءُ فالمواطن الكَنود هو المسوؤل عن الفشل، و الأمثلة على هذه الصورة شتّى تبغتنا ليلًا نهارًا، فانتشار الوباء اللعين يتحملُ المواطن مسؤوليته باستهتارهِ أمّا الحكومات فقد جاءت بطرقٍ واخترعت مصفوفات ومراحل تكاد ملائكةُ السماء تحسُدها عليها .
وإذا تضعضع الاقتصادُ وارتفعت المديونيّة وتفشّت البطالة واستوطن الفقرُ فالمسؤول قطاعٌ خاص مُنهَك ومواطنٌ اعتنقَ ثقافةَ العيب مذهبًا حتى انقض الغريبُ والمُغترب على رزقهِ ورزق عياله .
وإذا جاءت انتخابات بأرقامٍ مُخجلة ومخرُجات واهية فالُملام وعي المواطن ونقص انتمائهِ و تخبُّط خياراته أمّا الحكومات و هيئاتها فهي أنصاف آلهة حاشاها الزلل!!!
و إذا تقهقر التعليمُ و تردَّت مُخرجاته فالجاني مُصطلحات مُغبرّه كالأجنده الخارجية والإستقواء وربمّا العمالة أحيانًا، و إذا تراجعت الحُرّيات وغاب العقلُ عن سياسة الناس فالسببُ أشباحٌ تريد جرّ الوطن إلى الفوضى والخراب وعندئذ يَبرُز التضييق ولو على النوايا !!.
لماذا لا تستقيم الأمور وتُطبَّق أبسط أبجديات العمل النافع و السياسة الحكيمة بأن تقوم هذه الحكومات فقط بدورها دون مِنَّة أو مُيوعة، لماذا لا تكف عن التفنُن بالإختباء، تارةً خلف عباءة الملك و أخرى خلف شُح الموارد وثالثة خلف الوضع الإقليمي و ربما رابعة خلف منخفض جوي ، نحن نريد فقط حكوماتٍ وطنية مسؤولة تُخطط وتفعل دون التفاتات المُرتبك الخائف من كل شيء ومن لا شيء ، حكومات لا تحابي فلان و لا تكافىء علان .
لقد أتعبتنا حكومات دومًا تُحمّل الضحية وِزرَ الإخفاق، و أرهقتنا و هي تمارس النْدّية مع المواطن و مؤسساتهِ وهيئاتهِ، وزادتنا رهقا بأنها كانت مجرد صيّاد مُتأهب للإنقضاض على الجيوب جبايةً أو على الآراء تكميمًا أو على الآمال مُصادرةً .
نريد حكومات يكون هاجسها تحسين حياة الإنسان و تعظيم كرامتهِ، و يكون هذا الإنسان همُها الأول والأخير، لأنَ الإنسان الحُر المُكتفي بالضرورة يعني وطنًا حُرا مكتفيًا .
لا نريدُ حكوماتٍ خطابية مُغرقة بالإنشاء ركيك اللغة كثير الأرقام عديم الأثر، لأنَ الكلام الكثير إستنفاذ للطاقة والتبرير المّستميت دليلٌ على إدراك غائب و حُجة مُفلسة مكشوفة .