بسام سعيد عرار
لطالما كان وسيبقى للمثقف الدور الفاعل والمهم، والمساهمة الإيجابية في التنمية، ونشأة الضمير والوعي الجمعي، والسعي من أجل بناء مجتمع الثقافة والعلم، والنهوض بالمشهد الحضاري والإنساني، كذلك التمييز بين المفاهيم في الماضي والحاضر والمستقبل، والبحث عن الهوية الثقافية والحضارية والشخصية، والتشابك مع الأحداث والمستجدات والأزمات، والوقوف على اللحظة الفارقة والمصيرية ومآلاتها، ودوره المائز إزاء القضايا الكبرى ومدى تحقيق الأهداف العليا والتحولات، والجهد التراكمي والإبداعات الواعدة على ذمة الدهر، وكل ما يهم الإنسان والمجتمع والأمة والإنسانية مع أهمية استيعاب المعرفة، وطرح الرؤى والحلول، واستشراف المستقبل، وبناء المشروع الثقافي والوطني بكل أبعاده وتجلياته نقداً وتطويراً قولاً وعملاً مظهرًا ومخبرًا.
وإزاء ما يشهده الواقع المائز والصعب من حالة الخلط والتداعيات إلى التحديات بكل مفارقاتها… يستدعي كلّ هذا بالضرورة البحث عن الفرص والحلول، وعن أنجع السبل والأشكال والآفاق الأرحب لواقع يفوق واقعه للذي سوف يجيء، ومنها:
– ما يتطلب الدفاع عن قيم الحرية والعدل والكرامة الإنسانية، مع كشف الزيف والباطل ومواجهة القوى الظلامية، وإبراز الحس الوطني والإنساني، وتطلعات الشعب بعيدا عن الفساد والطغيان والظلم، والانتصار للحق والنور الذي يشق ظلمات الحياة…
– إضافة إلى مشاركة هموم الوطن والأمة والإنسانية، ومتابعة الويلات والنكبات والكوارث والمفاجآت؛ والعمل على تقديم العون والمساعدة…
– كذلك النزاهة والشفافية وأداء الواجب، وتقديم النافع والمفيد، بعيدا عن النفاق والتعالي والتلطي خلف التفاهات، مع أهمية الخروج من دائرة الجمود والنمطية والسطحية وشرنقة التقوقع وردات الفعل… والانتقال إلى دائرة الشغف وحب المعرفة والإلهام الثقافي الفعلي، والتعامل مع تحديات الواقع، وولوج المسارات الفاعلة والناجزة والريادية، وأمداء التطور المعرفي الممتدة…
– إضافة إلى التفاعل الحضاري والإنساني والثقافي المفعم بالوعي والنضج والمحبة والسلام، والحوارات البناءة والتعرف على الآخر، والاستفادة من التجارب وعدم التخلف عن العالم…
– كذلك الدور التشاركي في إبداء الرأي، وإيصال صوت الشعب للمعنيين، ومد الجسور بين الثقافة والمجتمع، وتقريب المسافة بين المثقف الحقيقي وصناع القرار…
– إضافة إلى أهمية استيعاب المفهومات وأدوات التكنولوجيا والتقنيات الحديثة؛ وتطويعها بما يحقق الأهداف المنشودة، مع استيعاب فكرة التقدم…
– كذلك تشخيص الواقع والحوارات البينية، وبيان السلبيات والايجابيات وأوجه القصور، والتأثير الايجابي، وحضور العقل النقدي لدحض المغالطات والشائعات ونبذ الخرافات، إضافة لطرح الأولويات ووضع الخطط للبناء والعمل والنظر للمستقبل…
وإذا كان من ضعف أو تردد يتعلق بدور المثقف إزاء الراهن والمستقبل، وإن لم يكن لهذا الدور قدم السبق بمنظومة فكرية متكاملة تساهم في بناء وصون البلاد والإنسان… فهذا من الدروس والمراجعات التي يجب التوقف عندها من قبل جميع المعنيين، وإعادة النظر بمفهوم المثقف وتوجيه أدواره.
يظل المثقف الحقيقي قيمة إضافية لبلاده وللإنسانية يحدوه التفاؤل ويسعى للارتقاء والتقدم والقيام بدوره عن جدارة واستحقاق، فما زال قائما في الفكر والقلب والروح لا يسود المطلق نوره وظلامه، خيره وشره، في سنن التكوين والتجدد…