مصر تتخذ هذه الإجراءات العاجلة لتسهيل السفر من غزة

21 يناير 2024
مصر تتخذ هذه الإجراءات العاجلة لتسهيل السفر من غزة

وطنا اليوم:بعد تصاعد شكاوى الفلسطينيون في قطاع غزة من المعاملات “القاسية والاستفزازية” من قبل بعض المسؤولين المصريين على معبر رفح البري وتعقيد عمليات السفر، يبدو أن الجانب المصري قد بدأ فعليًا بإجراءات جذرية وهامة لمعالجة هذه الأزمة التي تزيد وتثقل من معاناة الآلاف الراغبين في السفر والهاربين من جحيم الحرب التي يعيشون بويلاتها منذ أكثر من 106 يومًا.
عملية السفر عبر معبر رفح كانت قبل أحداث الـ7 من شهر أكتوبر الماضي، تتم وفق الطرق المتبعة من الجانبين الفلسطيني والمصري لسنوات طويلة من خلال الكشوفات المتبادلة، ولكن بعد اشتعال الحرب وخاصة في الأسابيع الأخيرة شهدت هذه العملية تعقيدات كبيرة عطلت السفر وتركت الآلاف من الفلسطينيين عالقين تحت رحمة الحرب.
وتواردت أنباء من غزة بان أسعار التنسيقات الأمنية المصرية للسفر قد تجاوزت حاليًا الـ 10 آلاف دولار للشخص الواحد، مقابل مرورك فقط 100 متر باتجاه الأراضي المصرية، وهذا الرقم يعتبر خياليًا مقارنة بالتنسيقات السابقة التي كانت تتراوح بين 200- 10000 دولار، فيما لم تخرج أي تصريحات رسمية من القاهرة حول هذه الأرقام لتؤكدها أو تنفي.
وفي ظل استمرار الحرب بغزة وتفاقم الوضع الإنساني، يواصل آلاف السكان النزوح بحثا عن مناطق أكثر أمانا. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد نزح ما لا يقل عن 100 ألف شخص إلى رفح، على الحدود مع مصر في جنوب غزة خلال الأيام الأخيرة.
وفقا تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية، يدفع الفلسطينيون اليائسون لمغادرة غزة رشاوى لسماسرة تصل إلى 10 آلاف دولار لمساعدتهم على الخروج من القطاع عبر مصر.

تجار الدم
وفق المصدر، لم يتمكن سوى عدد قليل جدا من الفلسطينيين من مغادرة غزة عبر معبر رفح الحدودي، لكن أولئك الذين يحاولون إدراج أسمائهم على قائمة الأشخاص المسموح لهم بالخروج يوميًا يقولون إنه يُطلب منهم دفع “رسوم تنسيق” كبيرة من قبل شبكة من السماسرة والسعاة على صلات مزعومة بأجهزة المخابرات المصرية.
ونقلت “الغارديان” عن رجل فلسطيني في الولايات المتحدة إنه دفع 9000 دولار قبل ثلاثة أسابيع لإدراج زوجته وأطفاله في القائمة. وقد لجأت الأسرة إلى المدارس منذ هجمات 7 أكتوبر الماضي، وفي يوم السفر، قيل له إن أسماء أطفاله غير مدرجة وسيتعين عليه دفع مبلغ إضافي قدره 3000 دولار.
وأضاف أن السماسرة “يحاولون المتاجرة بدماء سكان غزة”.
وأوردت الصحيفة تقديرات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن 85% من سكان غزة أصبحوا الآن نازحين. معظم هؤلاء النازحين يتكدسون في مدينة رفح جنوب القطاع حيث تدفعهم الهجمات الجوية والبرية الإسرائيلية إلى الخروج من الأجزاء الوسطى والشمالية من المنطقة.
وبحسب الغارديان، توجد شبكة من الوسطاء مقرها في القاهرة تساعد الفلسطينيين على مغادرة غزة وتمارس نشاطها قرب رفح منذ سنوات، لكن الأسعار ارتفعت منذ بداية الحرب من 500 دولار للشخص الواحد إلى آلاف الدولارات.
وتقول الصحيفة إنها تحدثت إلى عدد من الأشخاص الذين قيل لهم إنه سيتعين عليهم دفع ما بين خمسة إلى عشرة آلاف دولار لكل منهم لمغادرة القطاع، وأطلق البعض حملات تمويل جماعي لجمع الأموال.
وقيل للآخرين إن بإمكانهم المغادرة عاجلاً إذا دفعوا أكثر.
وقال جميع من أجرت معهم الصحيفة المقابلات إنهم تواصلوا مع وسطاء من خلال اتصالات في غزة وإن الدفع يتم نقداً وأحيانًا من خلال وسطاء يقيمون في أوروبا والولايات المتحدة.
يقول مهند صبري، الخبير في شؤون شبه جزيرة سيناء ومؤلف كتاب “سيناء: محور مصر، شريان الحياة في غزة، كابوس إسرائيل”، إن الوسطاء “يستهدفون الأشخاص الأكثر ضعفاً”. ويضيف “إذا كان لدى الأسرة أحد أفرادها مصاب أو مريض ولا يستطيع الانتظار، فهؤلاء هم الضحايا المثاليون؛ يمكنهم الضغط على أي مبلغ وعلى الأسرة أن تحضر المال. إنه مضرب كامل.” تخطي ترويج النشرة الإخبارية السابقة.

إجراءات صارمة
الحديث المتزايد عن التنسيقات المصرية لسفر الفلسطينيين عبر معبر رفح البرّي الواصل بين مصر وقطاع غزة، أدى إلى اتخاذ الأجهزة السيادية المصرية قرارات عاجلة عدّة، في محاولة للقضاء على الشكوى من حالة فوضى سادت معبر رفح خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت مصادر مصرية، إن التجارة في سفر الفلسطينيين المضطرين لمغادرة قطاع غزة عبر المنفذ الوحيد المتمثل في معبر رفح البرّي، ووصول ثمن سفر أي شخص عبر المعبر إلى 10 آلاف دولار أميركي، أي ما يفوق نصف مليون جنيه مصري، من قبل أشخاص في الجانبين المصري والفلسطيني، أدى إلى اتخاذ قرار سيادي باستبدال عدد كبير من العاملين في المعبر من بعض الأجهزة، بشخصيات أخرى منتدبة من القاهرة لمتابعة عمل المعبر والتأكد من استمرار سفر المضطرين للمغادرة من المرضى والجرحى وأصحاب الجوازات الأجنبية والمصرية.
وأضافت المصادر ذاتها أنه منذ أيام، تم إيقاف كشوف التنسيقات المصرية (لوائح يومية بأسماء المسافرين) التي كان جلّها مواطنين فلسطينيين اضطروا لدفع مبالغ مالية طائلة لتجاوز المعبر والدخول إلى مصر، لا سيما من المرضى أو الطلبة أو أصحاب الإقامات في الخارج، في ظل عدم قدرتهم على السفر ضمن الفئات التي يتم تسهيل سفرهم منذ بداية عمل المعبر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأشارت إلى أن قرار وقف التنسيقات المصرية سيستمر لعدة أسابيع إلى حين ترتيب آلية سفر المضطرين لمغادرة قطاع غزة بشكل عاجل، مع استمرار تسهيل سفر المرضى والجرحى المحولين بواسطة وزارتي الصحة المصرية، والفلسطينية.
وشدّدت المصادر، وفق “العربي” على أنه تمّ كشف تورط عدد من العاملين في المعبر، ما أدى إلى ارتفاع أسعار التنسيقات حتى وصلت إلى مبلغ 10 آلاف دولار أميركي في بعض الحالات، ما استدعى تحركاً عاجلاً من قيادة جهاز الاستخبارات العامة وبالتحديد مسؤولي الملف الفلسطيني، الذين وصلت إليهم شكاوى من مسؤولين فلسطينيين، حول عملية الابتزاز وضرورة إنهائها بشكل كامل، حتى لا يصبح المعبر ممراً لتهجير المواطنين مقابل دفع مبالغ مالية.
وكان رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان، قد ناشد قبل أيام، الفلسطينيين في حال تعرضهم للابتزاز أو الضغط في معبر رفح من أيّ متربح بقضيتهم، الإخطار الفوري للجهات الأمنية المصرية المتواجدة في المعبر، لاتخاذ الإجراءات القانونية الحاسمة والفورية تجاه هذه الوقائع والقائمين عليها.
فمن المسؤول عن تجارة الحرب واستغلال معاناة أهل غزة؟ ومن المتهم بتسهيل عمل السماسرة الدم؟