وطنا اليوم ـ عربي دولي
تبدو سياسات الهجرة علامة فارقة بين إدارتين أميركيتين، فالرئيس الحالي دونالد ترمب حرص في آخر أيامه على تفقد جداره الحدودي الذي يعتبره أبرز إنجازاته، ورمزاً لقيوده الصارمة على دخول البلاد، فيما يؤكد الرئيس المنتخب جو بايدن أنه سيبدأ أيامه الأولى في البيت الأبيض بنقض سياسات الهجرة التي أرساها سلفه.
وسيصدر الرئيس الأميركي الجديد، في أول 10 أيام من توليه المنصب العشرات من الأوامر التنفيذية بشأن خطة تحفيز للاقتصاد، وإلغاء حظر السفر من دول ذات أغلبية مسلمة، والذي سبق أن فرضه ترمب.
وأعد فريق بايدن، بحسب مذكرة لكبير موظفي البيت الأبيض رون كلاين مجموعة من المراسيم التي يمكنه إصدارها بناءً على سلطته الخاصة بعد التنصيب يوم الأربعاء المقبل، للبدء في الارتداد عن بعض سياسات الرئيس ترمب.
وفي المذكرة قال كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة بايدن المقبلة رون كلاين، إن الرئيس المنتخب سيرسل في أول يوم له بالبيت الأبيض قانوناً للهجرة إلى الكونغرس، ويبدأ العمل على إعادة لم شمل العائلات التي تم تفريقها على الحدود، فضلاً عن الانضمام إلى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ.
وكان الرئيس بايدن وعد، يوم الجمعة الماضي، بنقض سريع لسياسات الهجرة التقييدية التي شرعتها إدارة سلفه الرئيس دونالد ترمب، لكن مع ذلك، فإن الإصلاحات التي تعهد بها تتطلب الكثير من الوقت للتنفيذ، خاصة تلك التي ترفع السقف عالياً، حينما غرد في يونيو الماضي، بأنه سيقدم في يومه الأول كرئيس قانوناً للكونغرس يرسم “خارطة طريق واضحة لنيل الجنسية الأميركية”، لأكثر من 11 مليون شخص يعيشون في البلاد بشكل غير شرعي.
عود كبيرة تقدمها إدارة بايدن في هذا المجال، لكن لسنوات فشل المشرعون في تمرير “قانون كبير للهجرة”، وإن كانت الفرصة مواتية هذه المرة للرئيس الديمقراطي بعد أن منحت جولة الإعادة في جورجيا مطلع يناير الجاري حزبه السيطرة على الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب.
أولى التحديات التي ستواجهه إدارة بايدن والديمقراطيون في إصلاحات الهجرة هي تلك المتعلقة بـ”اللجوء واللاجئين”، فقد انتقد الرئيس دونالد ترمب عند تسلمه الرئاسة ما اعتبره “ثغرات” في نظام اللجوء، وعمل على وضع سياسات متداخلة للحد من طلبات اللجوء إلى الولايات المتحدة.
من بين هذه السياسات التي اعتمدها ترمب، ما يعرف ببرنامج “بروتوكولات حماية المهاجر (MPP)” والذي أجبر عشرات الآلاف من طالبي اللجوء على الانتظار في المكسيك من أجل جلسات استماع في محكمة الهجرة الأميركية.
وخلال حملته الرئاسية، أعلن بايدن أنه سينهي هذا البرنامج في يومه الأول بالبيت الأبيض، وإن كان فريقه الانتقالي أشار إلى أن تفكيك هذا البرنامج، وإعادة قوانين حماية اللجوء الأخرى سيستغرق الكثير من الوقت.
وتعهد بايدن، بحسب مذكرة كبير موظفي البيت الأبيض في إدارته، بإعادة تفعيل قوانين اللجوء لتعمل على النحو الذي صُممت من أجله، وهو حماية الذين فروا من الاضطهاد، وأولئك الذين لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم.
كما تعهد بإنهاء سياسات إدارة ترمب في الحد من عدد الأشخاص الذين يتم السماح لهم يومياً بتقديم طلبات اللجوء، وهو ما أرغم طالبي اللجوء على الانتظار في الشوارع، وفي البلدات المكسيكية الخطيرة على الحدود قبل السماح لهم بتقديم الطلبات.
وقالت حملة بايدن، إنه سيعمل على تخصيص الموارد اللازمة من أجل ضمان معالجة طلبات اللجوء على نحو قانوني، وبكفاءة، مع إيلاء معاملة خاصة وحساسة للأطفال والعائلات.
معركة أخرى تنتظر إدارة بايدن بشأن برنامج “القرار المؤجل للواصلين أطفالاً (DACA)”، المعروف بـ”الحالمين” وهو عبارة عن سياسة هجرة بدأها الرئيس السابق باراك أوباما عام 2012، للسماح لبعض الأفراد الذين دخلوا الولايات المتحدة في عمر الطفولة، وبقوا فيها بشكل غير قانوني، بالتمتع بفترة تأجيل قرار ترحيل قابلة للتجديد مدتها عامان، كما تتيح لهم أهلية الحصول على تصريح عمل كذلك.
البرنامج الذي يؤمن حالياً لنحو 645 ألف شخص، حماية من الترحيل، تعرض لحملات شديدة من إدارة ترمب التي حاولت إنهائه، ولا يزال يواجه تحديات قانونية في محاكم ولاية تكساس.
بايدن تعهد خلال حملته، بأنه سينشئ حماية دائمة للمهاجرين اليافعين تحت برنامج (DACA)، فيما قالت نائبته كمالا هاريس إن إدارة بايدن ستسعى لتمكين المشمولين بالبرنامج من الحصول آلياً على الإقامة الخضراء، دون أن توضح الطريقة التي يمكن أن يتم بها إنجاز هذا المسعى.
وقالت حملة بايدن إن الرئيس المنتخب، سيحرص أيضاً على ضمان حصول المشمولين بالبرنامج على المساعدات الفيدرالية التي تقدم للطلاب.
كما سيسعى الرئيس المنتخب جو بايدن، وفقاً إلى إنقاذ برنامج “الحالة المحمية المؤقتة TPS” الذي يتيح لمواطني بعض البلدان المتضررة من النزاع المسلح أو الكوارث الطبيعية، بالعيش والعمل في الولايات المتحدة لفترات محدودة، والذي عمل الرئيس دونالد ترمب على سحبه وتعطيله عملياً.
ويدخل ضمن أولويات إصلاح الهجرة عند إدارة بايدن، حسبما ورد في مذكرة كبير موظفي البيت الأبيض في إدارته، إنهاء حظر السفر إلى الولايات المتحدة، الذي فرضه ترمب على عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، ورأى فيه نقاده “حظراً على المسلمين”، فبمجرد قدومه إلى الرئاسة في 2017 فرض ترمب الحظر الذي واجه تحديات قانونية عدة، وانتهى المطاف بإقرار نسخة معدلة منه في 2018 ومنذ ذلك توسع ليشمل 13 دولة.
وتعهد الرئيس المنتخب بايدن بأنه سيعمل من اليوم الأول على إبطال هذا الحظر عبر إصدار أوامر تنفيذية، في خطوة يرى خبراء قانونيون، أنها لن تواجه معارضة كبيرة.
ووصفت حملة بايدن، هذا الحظر بأنه إساءة استخدام للسلطة من قبل الرئيس ترمب، معتبرة أنه يضر بالقيم الأميركية ويعطي المتطرفين ذرائع يحتجون بها.
كما تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن، في الأيام الأولى لتوليه المنصب، بإنهاء ما يعرف بـ”الطوارئ الوطنية” وهو البرنامج الذي اعتمدته إدارة الرئيس ترمب لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، من أجل التصدي للهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
وقال فريق بايدن، إن الرئيس المنتخب سيعمل على توجيه الموارد الفيدرالية إلى بعض جهود إنفاذ القانون الأخرى لدى الحدود، مثل الاستثمار في تحسين قدرات الفحص والتصوير في الموانئ الأميركية.
وتعهد فريق بايدن الانتقالي، بتشكيل فريق عمل فيدرالي لإعادة لم شمل الأطفال الذين تم فصلهم عن أهاليهم عند الحدود خلال إدارة ترمب، في واحد من أكثر سياسات الرئيس الجمهوري إثارة للجدل.
وعلى الرغم من أن الرئيس ترمب أنهى هذه السياسة رسمياً في 2018 إلا أن نشطاء يشيرون إلى وجود نحو 600 طفل حتى الآن مفصولين عن عوائلهم.