مروان العمد
مع الاخبار التي ترد من مختلف دول العالم عن ارتفاع اعداد المصابين بفيروس كوفيد ١٩ ووصول عددهم الى ما يقرب المائة مليون انسان ، وتجاوز الوفيات المليوني انسان ، ومع اعلان بريطانيا عن رصدها لسلالة جديدة من هذا الفيروس ورصد سلالات اخرى في مناطق مختلفة من العالم ، فقد قامت الكثير من هذه الدول بتشديد اجراءات الإغلاق لمعظم المنشآت فيها مثل المطاعم والمقاهي والبارات والمولات ونوادي اللياقة وامكان التسلية ، وقام بعضها بفرض حظر تجوال ليلي . وكانت هذه الإجراءات متزامنة مع الاحتفالات بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة في محاولة للحد من انتشار هذا الوباء . ونتيجة لزيادة انتشاره بعد الاحتفالات فقد قامت العديد من الدول بتشديد اجراءات الاغلاق لتشمل اغلاق المدارس والحدود الجوية والبحرية والبرية الا للحالات الاستثنائية والتجارية ولمدة اسبوعين آخرين ثم اعلنت العديد من الدول مد هذه الاغلاقات ما بين شهر وثلاثة ، حيث لا يزال هذا الفيروس يضرب هنا وهناك وفي جميع الاتجاهات ولا يزال العالم عاجزاً عن السيطرة عليه بالرغم من اعتماد عدد من اللقاحات للوقاية منه لأن نتيجة هذه اللقاحات تحتاج الى وقت طويل ليمكن الحكم على نجاعتها من عدمه . ولذا فأنه سوف تبقى وسائل الوقاية الشخصية من لبس الكمامة والقفازات وعمليات التعقيم وتجنب التجمعات والاغلاقات الجزئية او الشاملة هي الوسيلة الوحيدة للحماية الفردية والمجتمعية من هذا الوباء .
وفي الوقت الذي يتجه فيه العالم لاغلاق الابواب امام هذا الفيروس نقوم نحن بفتح الابواب امامه في الوقت الذي لا زالت لدينا الاصابات مرتفعة رغم انخفاضها عما كانت عليه منذ اسابيع . لا اريد ان اقول فيما اذا كان هذا التصرف صائباً او خاطئاً الآن لاني اعرف مشاعر الناس ومواقفهم من هذا الموضوع ومدى ما عانوه من الاغلاقات الشاملة التي فرضت مع بداية ظهور الوباء والاغلاقات الجزئية بعد ذلك . وكل ما استطيع ان اقوله او ان اعمله هو ان اتوجه الى الله تعالى بالدعاء على ان لا نندم على ذلك وخاصة بعد ملاحظة الانخفاض الكبير في مستوي الوقاية خلال اول يوم جمعة يرفع فيها حظر التجول . وان ادعو الجميع للتقيد باجراءات السلامة العامة كاملة والتي اقر ان نسبة الالتزام بها قد ارتفعت بشكل ملحوظ ولكن ليس بالدرجة الكافية وخاصة خارج المدن الكبرى حيث لا يزال الكثيرون لا يصدقون وجود الوباء ولا زلنا بحاجة الى نشر المزيد من هذا الوعي بينهم لتحقيق هذه الغاية .
الا انه يوجد ما هو اهم من نشر هذا الوعي وهو التصدي لمحبطات الالتزام به . وهذه المحبطات كثيرة ومتنوعة .
واهم هذه المحبطات هي حملة الشائعات التي رافقت انتشار هذا الوباء منذ البداية والتي كانت تشكك بوجوده اصلاً او ربطه بمؤامرات وهمية لا توجد الا في عقول البعض مثل القضاء على معظم البشرية او التلاعب بجينات البشر حتى يمكن السيطرة عليهم او التحكم بهم او زرع شرائح الكترونية في اجسادهم مما أخر في اقتناع الكثيرين بوجود هذا الوباء وعدم التزامهم بوسائل الوقاية منه ، وبالتالي الانتشار الواسع له .
وكانت هذه الاشاعات تنشر على الاغلب من قبل اشخاص غير مختصين وبعضهم من نجوم السوشال ميديا او من المشاهير في المجالات المختلفة والذين يسعون للفت الانتباه اليهم او من قبل بعض الاشخاص الذين كل مؤهلاتهم هو حيازتهم لهاتف ذكي ودون تقديم اي ادلة علمية ومقنعة على ذلك وان كان بعضهم ممن يعملون في المجالات الطبية لكن اما بعيدا عن مجال الفيروسات او من قبل بعض للاطباء المشكوك بسلامة مسلكياتهم واقوالهم .
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد حيث انه وما ان تم الاعلان عن التوصل لمجموعة من اللقاحات التي تهدف الى تعزيز المناعة في اجساد البشر للتصدي لهذا الفيروس ، حتى تركزت الاشاعات على التشكيك بهذه اللقاحات من حيث انها تحوى مواد قيل انها تساهم في سرعة موت من يتم تلقيحهم بها او تساهم في احكام السيطرة عليهم او تغيير جيناتهم . واضيف اليها انتشار بعض الفيديوهات لاشخاص قيل انهم رؤساء دول او وزارات على غير الحقيقة وهم تجري لهم عمليات تطعيم وهمية وبشكل واضح . او فيديوهات لاشخاص يتعرضون للاغماء اثر تلقيهم لهذه اللقاحات والادعاء انها حالات وفاة . او نشر معلومات كاذبة عن اعراض اصيب بها كثيرون ممن تلقوا هذه اللقاحات خارج نطاق الاعراض المتوقعة والمعلن عنها من قبل الشركات المصنعة لهذه اللقاحات متجاهلين ان جميع العقاقير والادوية واللقاحات الموجودة والمستعملة توجد لها اعراض جانبية ما بين الخفيفة والتي قد تصل للوفاة . او القول ان اشخاصاً اصيبوا في الفيروس بعد تلقيهم اللقاح بفترة بسيطة ، متجاهلين ان المناعة لا تتكون لمن يأخذون اللقاح الا بعد اخذ الجرعة الثانية منه او بعد مرور وقت كاف ليتم اكتساب الجسم المناعة من هذا الوباء ، او الاعلان عن وقوع حالات وفاة لاشخاص كباراً بالسن او لديهم امراض مستعصية بعد تلقيهم اللقاح والادعاء ان الوفاة سببها هذا اللقاح في حين ان سببها الامراض التي يعانون منها اصلاً . بالاضافة الى القول ان هذه اللقاحات انتجت خلال فترة بسيطة ولم يتم اختبارها بدرجة كافية وان اللقاحات السابقة كان يمضي عليها سنوات من التجارب حتى يتم اعتمادها واستخدامها على البشر ، متجاهلين ان العلم في تطور مستمر وان ما كان يحتاج سنوات في السابق اصبح يحتاج الى اقل من ذلك بكثير في هذه الايام ، وان ما يتم انتاجه اليوم مبني على الدراسات والتجارب القديمة دون ضرورة الانطلاق من النقطة صفر . ومتجاهلين ان الشركات التي انتجت هذه اللقاحات من الشركات العريقة والمعروفة في المجالات الطبية وخاصة في مجال الفيروسات واللقاحات وانه يعمل بها عشرات الآلاف الاختصاصيين في هذه العلوم . ومتجاهلين انه لو كان الهدف من اللقاحات هو وضع مواد بها تتحكم بحياة البشر واعمالهم وحياتهم فأنه كان بالامكان ادخال هذه المواد في اللقاحات الجاهزة والمستعملة من قبل جميع سكان الارض من غير حاجة لايجاد وباء جديد وفيروس جديد ونشره في للعالم و تكبيده مثل هذه الخسائر الفادحة في الاقتصاد والارواح . فيما ذهب آخرون الى الادعاء ان اخذ هذه اللقاحات سوف يتسبب لمن اخذها بالامراض مستعصية بعد سنوات من اخذه دون تبيان كيف توصلوا الى ذلك واللقاح لم يطرح الا منذ عدة ايام .
وللاسف ان بعض من يقف وراء هذه المحبطات في مواجهة وباء كورونا هم من الفئات المتعلمة والتي تحمل اعلى الشهادات الجامعية وفي مختلف التخصصات ومن الناشطين في المجالات المختلفة السياسية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والموجودين في مختلف طبقات المجتمع وهم ممن يفترض بهم ان يدركوا الحقائق كما هي مما يدفع الى الشك في دوافعهم من اتخاذ هذه المواقف ومما يوحي ان المؤامرة ان وجدت فهي من خلال مواقفهم وما ينشرونه ولغايات متعددة ومختلفة لديهم مما يتطلب من المسؤولين التدخل وملاحقة من يقوم بنشر هذه الاشاعات واثارة هذه الشكوك بالوباء و باللقاح وايقاع العقوبات الرادعة بحقهم حفاظاً على صحة وسلامة باقي المواطنين .
١٦ / ١ / ٢٠٢١