وطنا اليوم:تحدث الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” في خطابه الخميس، عن نقاط عديدة، لم يركز فيها كثيرا عن سرد حصيلة العمليات ضد قوات الاحتلال، مؤكدا في الوقت ذاته رفض المقاومة التوصل إلى أي صفقة لتبادل الأسرى دون وقف كامل للعدوان على قطاع غزة.
وبرز في خطاب “أبو عبيدة” الذي تلاه بنبرة “هادئة” الحديث الموجه إلى أهالي قطاع غزة، وشكرهم على صبرهم إزاء العدوان، الذي خلف أكثر من 21 ألف شهيد، وشرد جل سكان القطاع من منازلهم.
وقال “أبو عبيدة”: “يا أمتنا. يا كل أحرار العالم. إننا إنما نقاتل منذ عقود وصولاً إلى طوفان الأقصى من أجل شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، وأقصانا وسط خذلان رسمي مقيت من أنظمة ومجتمع دولي تحكمه شريعة الغاب ويتحكم فيه صهاينة البيت الأبيض”.
وتابع أن “هؤلاء الظلمة القتلة السحرة الذين يريدون أن يقولوا للعالم بأن التاريخ بدأ منذ السابع من أكتوبر، متجاهلين القتل البطيء الصامت لشعبنا منذ سنوات طويلة بالتهويد والاستيطان وتدنيس الأقصى، وحصار غزة، والعدوان على الأسرى وتهجير شعبنا بكل السبل، ثم يتباكون على الصهاينة عندما وجهنا لجيشهم ضربة القرن ودفعناه ثمن جرائمه، وقلنا للعالم بأننا شعب يطلب الحق والحرية والحياة”.
وأردف “فلم نكن يومًا طلاب حروب ودمار، وكان الأولى بالصهاينة الغرب والشرق أن يعترفوا بحقوق شعبنا وينهوا الاحتلال، لكنهم آثروا كسب الوقت لصالح الاحتلال المجرم ليقضي على شعبنا ويصفي قضيتنا، ولكننا كشعب صاحب حق وقضية ورسالة وكمقاومة وفية أمينة على هذه الحقوق واصلنا الإعداد والقتال لأننا نعلم بأن الحقوق لا تسترد إلا انتزاعا، ولأن كل شعوب الأرض التي احتلت انتزعت حريتها بالدماء والأشلاء وبالقتال”.
وخاطب “أبو عبيدة” أهالي قطاع غزة، قائلا: “يا شعبنا المعطاء، يا عنوان الصبر والنصر، إن ما يتقنه هذا العدو الجبان هو التدمير والقتل، محاولاً عبثا ما يكرره منذ عقود إيصال رسالة وقناعة لشعبنا بعدم جدوى المقاومة، لكننا نقول إننا مع شعبنا في ذات الخندق سنبني ما هدمه الاحتلال النازي، وسنتقاسم مع شعبنا لقمة الخبز وشربة الماء”.
وأضاف “وسينكسر ويفشل هذا العدوان بقوة الله عما قريب، وسيخرج شعبنا مرفوع الرأس مكللا بالكرامة والمجد، وستكون كل قطرة دم زكية سالت من شهيد أو جريح في هذه الحرب المقدسة شاهدة على النصر والفتح الكبير والتحرير القادم بإذن الله. ولتطمئنوا يا شعبنا العظيم بأنكم بمقاوتكم وصمودكم وثباتكم وبطوفان الأقصى قد صنعتم نعش هذا الاحتلال المجرم الزائل”.
كما خاطب الناطق باسم “القسام” أهالي غزة قائلا “نحن نشعر بحجم الألم والمعاناة والظلم والهمجية التي يواجهها شعبنا أمام العالم، هذا العالم الرسمي الموزع بين مجرم ظالم ومتفرج عاجز وهو يشاهد قوة جبانة باغية تصب جام غضبها وتراكمات فشلها على الأبرياء والآمنين”.
وقال مطمئنا الشعب الفلسطيني إن المقاومة بخير، وإن المشاهد الموثقة التي تبث بشكل يومي عبر الإعلام ما هي إلا “غيض من فيض من مجمل العمليات على الأرض”.
“ضربة القرن”
وصف الناطق باسم كتائب “القسام” عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي بأنها “ضربة القرن” بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي.
وقال “أبو عبيدة” إن هذه المعركة وضعت الاحتلال الإسرائيلي على طريق الزوال والانكسار، مضيفا أن “طوفان الأقصى” ستبقى محفورة في ذاكرة الشعب الفلسطيني والعالم، كعلامة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت إلى أن العدوان المستمر منذ 83 هو محاولة إسرائيلية لتغيير “هذا الأثر الهائل بصورة انكسار الاحتلال وجيشه المجرم”.
وأضاف: “لم نكن يوماً طلاب حروب ودمار، وكان الأولى بصهاينة الغرب والشرق أن يعترفوا بحقوق شعبنا وينهوا الاحتلال، لكنهم آثروا كسب الوقت لصالح الاحتلال المجرم ليقضي على شعبنا ويصفي قضيتنا”، مؤكدًا أنّنا شعب صاحب حق وقضية ورسالة ومقاومة”.
وتابع بأنّ “كل شعوب الأرض التي احتلت انتزعت حريتها بالدماء والأشلاء والقتال، ولنا في فيتنام وأفغانستان وجنوب أفريقيا والعراق والجزائر ولبنان وغيرها خير شاهد وبرهان”.
تجربة عالمية ومستوى مرتفع
الكاتب الأردني أحمد أبو خليل، اعتبر أن كلمة “أبو عبيدة” الخميس “تعتبر البيان السياسي الثاني بعد كلمة قائد القسام محمد الضيف في 7 أكتوبر”.
ولفت أبو خليل في منشور عبر “فيسبوك” إلى أن كلمة “أبو عبيدة” تشير إلى رفع مستوى ومحتوى خطاب المقاومة، قائلا إن “الجميل أن هذا يحصل تحت النار وفي أثناء القتال، وليس مجرد كلمات محلل أو مفسر أو معلق عن بعد، ولا هو استنتاج لاحق”.
وركز أبو خليل على أن التأكيد الجديد في خطاب أبو عبيدة هو أن المعركة تحمل طابع التحرر الوطني في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال إن “الكفاح الحالي في غزة وفلسطين هو تجربة عالمية جديدة تضاف أو تماثل تجارب شعوب الدنيا التي وقعت تحت الاستعمار”.
وقال أبو خليل إن توجيه “أبو عبيدة” حديثه إلى أهالي غزة دلالة على اعتبارهم “كشريك وفاعل رئيسي في المقاومة”.
وأضاف: “جسدت الكلمة احتراما عميقا وعرفانا تجاه الشعب والجمهور، ولعل هذا يشكل ردا على محاولات التشكيك بين الجانبين الجارية خارج فلسطين وبعض داخل فلسطين”.
خطاب مختلف
الكاتب الفلسطيني عوني بلال، اعتبر أن خطاب “أبو عبيدة” مختلف عن سابقه من خطابات، مضيفا أن “التحية التي أداها “أبو عبيدة” لأهالي غزة ولصبرهم الذي لا يوازيه صبر ولتضحياتهم الكبرى سيكون نصا أثيرا في أدبيات الثورة الفلسطينية”.
وأضاف في تدوينة عبر “إكس”: “لا أذكر بيانا عاديا واحدا ألقاه أبو عبيدة من قبل، لكنّ هذا البيان تحديدا كان فوق كل ما سبق؛ لغةّ وقوةً ووجداناً وحتى نبرةً ووتيرة”.
بدوره، قال الكاتب السعودي موسى السادة إن كلمة “أبو عبيدة” كانت “إحدى أكثر الكلمات تألقًا وتثبيتًا بأن هذه المقاومة تقدم لنا نموذجا حضاريا عربيا جديدا لحركة تحرر من الاستعمار خطاباً وعملاً”.
وأضاف أن الكلمة تدلل على “حاضنة شعبية غزاوية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً صموداً وإيماناً وتضحية وقوة وبأسا”.