بقلم حمزة “محمد خير” الصباغ
مرت ستة سنوات منذ الورقة النقاشية الأولى في كانون الأول (2012)، وحتى الورقة النقاشية السابعة في نيسان (2017)، ومرت بعدها سبعة سنوات آخرى حتى اليوم. ثلاثة عشر عاماً وهذه الأوراق وما تحتويه من أفكار بين أيدينا، فهل فهمنا حقاً طموح جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله؟ وهل استوعبنا الدرس؟
حين كان الملك يجلس وراء مكتبه، ويمعن النظر بعمق لقراءة المشهد الأردني، فيعيد قراءة هذا المشهد مرات ومرات، ليخرج بفكرة، تستند على نظرة مستقبلية طموحة، وكأنه يصعد بأفكاره سلماً نحو المستقبل. ففي الورقة النقاشية الأولى بعنوان (مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة) كان جلالته يقف أمام مشهد استعداد الأردن للدخول في مرحلة التحول الديموقراطي، تحول سيكون فيه لكل مواطن ولكل صاحب صوت دور أساسي في بث الحياة من جديد في مسيرتنا الديمقراطية. وحين نقف عند هذه الفكرة تحديداً؛ لماذا لا نرى خارطة الطريق التي كان ولا زال سيد البلاد يرسمها لنا؟ الفكرة التي تحمل التوجه بأن التنافس يجب أن يكون من أجل هدف أسمى؛ ألا وهو شرف تحمّل المسؤولية، مسؤولية اتخاذ القرارات التي تمس مصير الأردن وجميع الأردنيين. وبين جلالته أن ما نحتاجه هو تطوير الممارسات التي ترتبط بمفهوم المواطنة الصالحة، والتي تشكل الأساس لديمقراطية نابضة بالحياة، ممارسات يجب أن تتجذر في سلوكنا السياسي والاجتماعي. وحتى نبني النظام الديموقراطي يجب أن تكون هذه الممارسات مبنية على أربعة مبادئ، أولها احترام الرأي الآخر ليشكل أساس الشراكة بين الجميع، وثانيها أن المواطنة لا تكتمل إلا بممارسة واجب المساءلة، وثالثها أننا قد نختلف لكننا يجب أن لا نفترق، فالحوار والتوافق واجب وطني مستمر، ورابعها أننا جميعنا شركاء في التضحيات والمكاسب. ويرى جلالته أننا يجب أن نتأكد أننا نسير على الطريق الصحيح (وهذا تفكير استراتيجي، يرصد التغذية الراجعة، ويعيد بناء خطة المستقبل الاستراتيجية من منطلق تقييم التجربة)، وهذا الطريق سيرى النجاح طالما التزمنا بمبادئ الديمقراطية، من أجل الوصول إلى بلورة إحساس جمعي بالكرامة والاعتزاز بما ننجزه سوياً كشعب واحد، ومن أجل تنمية إحساس وطني بالإنجاز، مستمد من التغلب على التحديات، والتسلح بالروابط والتضحيات المشتركة، والإيمان بأن طريقنا نحو الازدهار والأمان ينطلق من ديمقراطيتنا التي يجب أن تتعزز يوماً بعد يوم، ومن أجل المشاركة بقوة في صناعة مستقبل الأردن من خلال التصويت في الانتخابات، والالتزام بالديمقراطية كنهج حياة.
وإلى لقاء في المشهد الثاني من فكر جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله من خلال تحليل الأوراق النقاشية. وحتى ذلك الموعد سلام عليك يا أردن أينما كنت، فأنت لست مجرد وطن جغرافي تحده حدود جغرافية شرقاً أو غرباً؛ شمالاً أم جنوباً، بل أنت فكرة متجذرة في الوجدان، فسلام عليك أينما كنت، وأينما تجذرت كفكرة في القلوب، فكرة الأردن الأقوى والأجمل.