معالي العين الدكتور محمد داووديه
التظاهرُ حقٌ دستوري مكفول، وهو تعبيرٌ عن غضب أردني مقدس، لم يخفت يوماً ولم يتوقف دفاعاً عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني، شعب الجبارين، في دولته المستقلة.
تظاهر مليون مواطن عبّروا عن مشاعرهم الساخطة على ذبح إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة وفي الضفة الفلسطينية المحتلة، وهتفوا هتافات عظيمة مُفرِحة، منها ما كان مُنصِفاً للموقف الأردني المجيد ووحدة المصير مثل هتاف:
شعبٌ واحد مش شعبين،
دم واحد في الشرايين.
وعاب الشططُ والإنتقاصُ والظلمُ بعضَ الهتافات فجاءت هتافات فصائلية حزبية مثل “كل الأردن حمساوية” و”قائدنا محمد ضيف” وغيرها القليل.
كانت حصيلة نحو شهرين من التظاهر النبيل المجيد، اعتقال 25 شخصاً، لم يكن إعتقال أي واحد منهم لأسباب سياسية، ولم يكن كما ذكرَت إحدى الفضائيات: “السلطات الأردنية تمنع المواطنين من التظاهر تضامناً مع غزة”!!
الكوادرُ المختصة في الأمن العام تقوم بمسح وتمشيط كل الشوارع والساحات التي سيمر بها المتظاهرون، والتي سيعتصمون بها، ثلاث وأربع مرات قبل بدء الفعاليات.
ولن تخلو صفوف أبنائنا المتظاهرين من الذين أطلق عليهم الكاتب الراحل الصديق محمد طمليه لقب “المتحمسون الأوغاد”، وهم الذين يظنون أنهم جنرالات في معركة حطين أو العلمين، ويعتقدون أنهم رامبو وبروس لي وفان دام.
إن كل قيادات الأمن العام الأولى تكون في الشوارع والساحات لإتخاذ القرارات الفورية المناسبة، ومنها محاورة الراغبين في الإعتصام بالساحة الهاشمية وبيان أن رغبتهم تلك تخالف القانون، وإعادة من حاولوا الوصول إلى الساحة الهاشمية، بلينٍ ولطف.
لقد تم في حالات نادرة، التطاول على رجال الأمن العام وشتمهم -تذكرون شتيمة حريمات- وتم إطلاق الألعاب النارية عليهم. وتم تحطيم دراجات ومركبات وتخريب ممتلكات خاصة وعامة وإعاقة السير والمرور.
البعض من العيال المتطاولين تم إهمالهم، والبعض تم تحويلهم إلى الحكام الإداريين حيث تم تكفيلهم، والبعض ممن تعذر الصفح عنهم، تمت إحالتهم إلى المدعين العامين حسب الأصول.
أقبّل جباهَكم الشامخة النشامى أبناء الوطن رجال الأمن العام، وأقبل جباه كل حاملي الشعار، الذين يسهرون على أمننا واستقرارنا.