بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
السباق المحموم الذي ينشط ويتزايد يوما بعد يوم ، سواء لغايات استقطابية ، أو لغايات ترويجية أعطى للحياة السياسية نكهة إيجابية ، وأضفى حركة شعبية واجتماعية نشطة غير مسبوقة ، كان لها أثرين أحدهما إجتماعي والآخر إقتصادي ، فبالنسبة للأثر الاجتماعي عمل على زيادة المودة والتلاحم الإجتماعي والتعارف على مستوى أعضاء الحزب الواحد الذي يجمعهم من مختلف مناطق المملكة ، بالإضافة إلى أن عزز علاقات التواصل بين القاعدة الشعبية والقمة الهرمية من المسؤولين ، حيث أن معظم أمناء الأحزاب العامين هم مسؤولين سابقين سواء كانوا وزراء أو نواب سابقين، أو من الطبقة الاقتصادية الاستثمارية ، وهؤلاء المسؤولين كانت فرصة لهم لزيارة والتعرف على كافة مناطق المملكة من أحياء شعبية وقرى نائية وبوادي وبلديات ومحافظات ، ودواوين عشائرية ، تعرفوا خلالها على هموم أهالي هذه المناطق الجغرافية والشعبية، واستمعوا لمطالبهم وقضاياهم ، وهذا يؤهلهم حينما تتاح لهم فرصة النجاح في مجلس النواب ، أو إعادة توزيرهم وتوليهم مواقع مسؤولية مختلفة أن يكونوا على إطلاع كامل لقضايا ومشاكل ونواقص هذه المناطق ، وبذلك يمكنهم تبنيها في السعي لمحاولة إيجاد الحلول التنموية والخدمية السريعة لها .
أما الأثر الإيجابي الثاني لسباق الأحزاب فيتمثل في تنشيط الحركة الاقتصادية للمملكة من خلال جولاتهم وزياراتهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم مما يتطلب الإنفاق المالي الواسع على هذه الأنشطة ، من مصاريف محروقات وتنقل ، واتصالات هاتفية، ومصاريف ضيافة وطعام ومشروبات سواء عصائر أو مياه، وأحيانا حجز قاعات أو صالات أو بناء صواوين للاجتماعات الحزبية ، وهذا كله ينشط الحركة التجارية للمطاعم والمحلات التجارية المختلفة ، وهذا النشاط السياسي سوف يستمر على مدار العام الحالي والقادم ، وسيزداد حدة مع دخول أجواء الانتخابات النيابية في العام القادم ، وهذا كله يعود بالإيجاب على دخل التجار، وينعكس إيجابيا على النشاط التجاري للمستثمرين عموما، وعلى النمو الاقتصادي للدولة الأردنية ، كما أنه سوف يطفئ كل الحراكات السياسية والشعبية التي كانت تتم في الشوارع والساحات العامة لأنها أصبحت الآن تتم داخل الأحزاب السياسية من خلال الحوارات والنقاشات الحزبية عبر مؤسسات الحزب الداخلية والفرعية ، وأي قضية وطنية خدمية أو مطلبية يمكن تبنيها من قبل الأحزاب ومتابعتها مع الجهات الرسميه المعنية ، وبذلك يكون التحديث السياسي حقق مبتغاه وأهدافه ، وللحديث بقية.