بقلم:رمضان الرواشدة
طويت اول من امس الثلاثاء صفحة من الخلافات العربية – العربية وذلك في اجتماع القمة الخليجية في مدينة العلا السعودية التي انتهت بالمصالحة بين دول الخليج الثلاث ” السعودية والامارات والبحرين” ومصر من جهة وبين دولة قطرمن جهة مؤذنة بحقبة جديدة من الوئام في ركن اساسي من اركان الامة العربية حيث عادت الامور الى طبيعتها وفتحت الحدود بين هذه الدول وانتهت الاغلاقات والحملات الاعلامية وسمح للطيران القطري بالعبور.
البيان الختامي للقمة والتصريحات الصادرة من امير قطر تميم بن حمد ال ثاني ومن وزراء خارجية الدول الخليجية والاستقبال الدافىء الذي لقيه امير قطر من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وغيرها من اجواء ايجابية تؤشر على عمق جديد في العلاقات الخليجية والعربية وتفتح الباب لتعاون اكبر بين هذه الدول مستقبلا.
اهم ما في المصالحة الخليجية انها ستعمل مستقبلا على الحد من تدخلات القوى الاقليمية في المنطقة في دول عربية مثل اليمن والعراق وسوريا وليبيا ولعل الانجاز الاكبر الذي سيلحق بهذه المصالحة سيكون تأثيراتها على الاوضاع الداخلية في اليمن وامكانية التوصل الى حل سلمي يجنب هذا البلد العربي الاصيل مصيره المجهول نتيجة الصراع بين الحكومة اليمينة الشرعية مدعومة بالتحالف العربي وبين الحوثيين مدعومين بايران.
الاردن من جانبه وعلى لسان وزير الخارجية ايمن الصفدي رحب بالاجواء الايجابية التي سادت قمة العلا وما اثمرت عنه من مصالحة تاريخية ” والتوصل الى اتفاق نهائي يحقق التضامن الدائم ويعزز الاستقرار في منطقة الخليج ويسهم في تعزيز الامن العربي الشامل لمواجهة التحديات المشتركة” .
والحقيقة ان الاردن كان من اول الدول العربية والاجنبية الذي ايد مبادرة امير الكويت الراحل صباح الصباح لحل الخلاف الخليجي حيث لعبت الكويت دورا هاما من يومها وحتى اليوم بقيادة الامير نواف الصباح للوصل الى ما تم الاتفاق عليه في القمة الخليجية.
ومنذ بداية الازمة عام 2017 بقيت علاقات الاردن مع الدول الخليجية متميزة خاصة مع السعودية والأدل على ذلك حجم الدعم السعودي للاردن والتميز بالتنسيق معها وكذلك مع الامارات والبحرين واهمها القمة الثلاثية التي جمعت الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بقادة الامارات والبحرين في ابو ظبي قبل شهر . وكذلك بقيت الخطوط مفتوحة مع قطر وتطورت الى الاحسن واكبر مثال زيارة الامير تميم امير قطر الى الاردن في شهر شباط 2020 وهي الزيارة التي لاقت ردودا ايجابية والاعلان القطري عن توفير فرص لحوالي 10 آلاف اردني تم زيادتها بعد الزيارة الى عشرين الفا.
المسألة الاخرى التي يجب التاكيد عليها هي ان الاردن لطالما كان يبتعد وينأى بنفسه عن كل الخلافات العربية -العربية ويقيم علاقاته العربية وفق المصلحة الاردنية العليا ووفق سياسة رسختها القيادة الاردنية منذ تأسيس المملكة تقوم على عدم التدخل في القضايا الداخلية والبينية العربية واستثمار كل ما لدى الاردن من اجل التوافق والتضامن العربي وبذل كافة السبل لانهاء اي خلاف بين الاخوة والاشقاء.
ومن هنا فان علاقة الاردن بالسعودية والامارات والكويت وسلطنة عمان هي علاقة مميزة وتندرج تحت مظلة العمق العربي للاردن وان امن الخليج هو من امن الاردن ولذا نجد ان الملك عبدالله الثاني وبحنكة قوية يدير هذه العلاقات بدون اي اشكالات ممكن ان تحدث .والاردن يتحدث مع الجميع بنفس الخطاب وليس لديه اي ازدواجية في الخطاب السياسي مع هذه الدول. وقد كان هاجس الاردن دوما هو اهمية نبذ الخلافات والتوحد لمواجهة الدول الاقليمية الطامعة بالوطن العربي ومواجهة كل مخططاتها وكذلك الامر بالوقوف في وجه الاطماع الصهيونية وكل محاولات القيادة اليمينة الاسرائيلية الرامية لالغاء الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
قمة العلا بداية جديدة لمسار من التوحد العربي حول قضايا تهم الشعوب وبنفس الوقت تعطي اشارة الى الدول الاقليمية بان الدول العربية ليست لقمة سائغة وان التضامن العربي مهما بلغت الخلافات يبقى هو الاساس.
awsnasam@yahoo.com