شهادة ابداعية بحق رواية تفوحُ نارديناً

3 سبتمبر 2023
شهادة ابداعية بحق رواية تفوحُ نارديناً

سامر المعاني
قاص وأديب

حين تكون أمام مثقف حصيف يجيد صياغة الواقع،
يستطيع ان يوظف افكاره ورسالته من خلال العمل الإبداعي فإنك بلا شك ستكون امام حالة متميزة، تنقل الواقع المجتمعي والإنساني بنظرة صادقة دون تكلف ودون مبالغة او إنحياز.
ان المضامين والتصورات الكبرى التي حملتها تفوح ناردينا للصحافية والكاتبة رلى السماعين تحمل في جوهرها الحب والتسامح وكيف لنا ان نترك أثرا طيبا أينما حللنا وارتحلنا والتي جاءت بها كل الرسالات السماوية واستخلفت بها الإنسان على الأرض هذا الإنسان الذي اصبح في هذا التسارع مكبلا بالقيود والقوانين الوضعية الظالمة فلا يحمل قداسة لدماء وارض فأصبح الشر والحقد يملأ الأرجاء من كل حدب وصوب.
استطاعت الكاتبة سماعين ان تجعل ترابطا في مجموعتها القصصية تحت مسمى قصة واحدة غير انها جاءت في خمسة عناوين وخمسة احداث متفرقة أقرب ما تكون للرواية لولا تعدد الشخصيات وتنوع وظيفتها وحركتها في كل قصة تسلط الضوء على بعض القضايا المجتمعية البائسة والظالمة عرفا وقانونا تبحث عن الحب والعدالة والإنصاف وان ينجو الإنسان من كل ذاك الفكر والسلوك المسموم الذي جعل من الحياة في مجتمعاتنا كتلة مركبة من العقد والتي جعلت الفجوة والهوة تتسع بين المجتمعات التي كانت اقرب وانقى في معاملاتها وعلاقاتها العاطفية المجتمعية والإنسانية ايضا.
لم تكن السماعين مقتنصة شخصية وبيئة غير التي عاشتها في محيطها فنقلت في قصصها جوهر مخزونها الفكري والعقدي بصورة واضحة وشفافة كفتاة مسيحية شرقية تعيش كما باقي المجتمع تحمل فكرا عاما وخاصا تنشد الأمل بأن تصفو الحياة من كل ما يعكر صفو الإنسان، مستشهدة بأحداث واقعية ومفاهيم تغيرت وبعيدة عن المأمول والمرتجى، تصلي ليفوح شذى الناردينا علاقتنا ومجتمعنا.
اما من الجانب الفني وبناء العمل القصصي تمكنت السماعين ان تجعل من قصصها قصصا متجانسة ومتناسقة ومشوقة في الإنتقال بالأحداث والتتابع بين الفقرات وحركة الابطال مع الحفاظ على التسلسل الزمني للأحداث بلغة ومفردات قادرة ان تصل للمتلقي بطريقة واضحة غير معقدة ملمة بالتنقلات والمتغيرات التي تطرأ على البيئة المكانية والزمانية في حركات الشخوص والأحداث مبينة التناقضات والمفارقات التي تحدث وحدثت على هذا الكون الذي اصبح بفعل التكنولوجيا له شكلا ونطاقا غير الذي كان قبل فترة قريبة من الزمن.
تجملت هذه المجموعة القصصية بالتنوع الفني في اسلوب الكاتبة فقد كانت غزيرة في البحث عن المكنونات الداخلية في الوجدان والضمير من خلال الإستفهام والإستنكار كما استخدمت الحوار بصورة متميزة وغير مفرطة بشقيه حوار الذات والمناجاة والحوار مع الأخر كما استخدمت الجناس والطباق والسجع والإقتناص بصور متفرقة وجميلة غير مبالغ فيها مما جعلها مجموعة تخلو من الحشو والتكرار، ووظفت ادواتها بشكل يتطابق مع عناصر كتابة القصة القصيرة لتخرج لنا ببناء متماسك ومتناسق وتكون مجموعتها تفوح ناردينا قصة واقعية ذات مدلولات ورؤى وتصورات عالية تسمو بالمجتمعات الإنسانية لتكون رسالتها اينما كنت اترك عطرك وحبك وصدقك يتحدث عنك فهو هويتك اينما كنت وتكون ففي الحب وحده ننتصر على كل هذا الشر.