نضال العضايلة
لا فواصل تحدد نهاية عام وبداية آخر، إنما خطوط وهمية، ولايوجد عام حلو وآخر شرير، الأمر نسبي، وربما يميل البعض إلى اعتبار الأعوام كأنها فى النازل، هناك من يحسبها بشكل متدرج، نقول هذا وقد دخلنا العام 2021.
كالعادة يبدأ البعض عملية جرد ليصدر حكما أو يبدى تخوفا، ومن يقرأون التاريخ يكتشفون أن هذه المشاعر كانت دوما موجودة، وفي كل عصر نقم ومخاوف وتنبؤات، لكن ربما تكون سنواتنا الأخيرة كلها كبيسة تزدحم بالتفاصيل والصراعات والطموحات والأحلام.
وكانت هناك تنبؤات خلال العام الماضي عن أنه العام الذى سيشهد نهاية العالم، وطبعا انشغل محترفو الانشغال «بالاشتغالات»، ونشر البعض ما زعم أنه توصيات يفترض أن يأخذ بها المواطن فى العالم استعدادا لنهاية العالم.
استغلت بعض الدول الحدث، وأعلنت عن وباء الكورونا الذي يفترض أن حمله العالم وهو داخل على نهايته، وهناك جماعات فى الغرب تبنت فكرة اقتراب نهاية العالم، سواء باصطدام الكواكب أو الشمس بالأرض، أو سقوط نيزك عملاق على الأرض، وبعض الدعاة المتخصصين فى نهاية العالم وجدوها فرصة لإعادة نشر تخاريف عن العلامات الصغرى والكبرى، ويخلطون بين القيامة ونهاية العالم.
مرت السنة ولم تنطلق صفارة نهاية العالم، لكن هذا العام شهد كوارث لابأس لكنها لم تأتي بنهاية العالم ليبدأ المنظرون برسم توقعاتهم حول وفيات وانتصارات وانكسارات وفوز وهزائم، في العام الجديد وهى عملية عادة ما تتسلي بها الفضائيات ومواقع التواصل ويحقق منها خبراء التنبؤات التافهة أرباحا.
ويطلق كل واحد أو واحدة على نفسه ألقابا مثل نوستراداموس أو هيكساداموس ليروج بضاعته التى يختلط فيها الكثير من الهزل بالكثير من الجد، لكنه يجدا آذانا صاغية، من باب النميمة أو الفضول أو الفراغ، أو التسلية.
ولا أحد يتوقف ليختبر توقعات المنجمين السابقة ليعرفوا نسبة الهزل فى التنجيم، لكن هناك دائما من هم مستعدون لتصديق نبوءات «نهاية العالم غدا، أو توقعات مرئية للسنة القادمة». وربما تكون نهاية العالم السنة الجديدة.
المهم أن العالم لم ينته كما توقع علماء الفلك، وفي المقابل قطع العلم مسافات أوسع واكتسحت ثورة التكنولوجيا العالم، وفى الطب كان أبرز تجريب هو عمليات انتاج لقاح للحد من انتشار الفيروس اللعين، وأعلنت أمريكا وروسيا والصين عن نجاحها في اختراعات اللقاحات التي ستنقذ العالم مما هو فيه.
لكن أوساطاً طبية حذرت من أن لهذا اللقاح أعراضاً قد تؤدي إلى موت المتلقي لهذا المطعوم وربما ينتهي العام الجديد ونحن نسمع العديد من المتنبئين، لتتحقق نبوءات وأحلام فى مواجهة كوابيس ماتزال تفرض نفسها على العالم.
وما بين مقتل الأمريكي الاسود جورج فلويد، وانفجار مرفأ بيروت، وسلسلة الحرائق التي اجتاحت العالم، والحرب التي اندلعت في ناغورني كارباخ، وفوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، ووفاة أسطورة كرة القدم دييجو مارادونا، ونهاية عضوية بريطانيا في الإتحاد الأوروبي، وظهور مذنب نيو وايز، يقف العالم ليبدأ من جديد العرافون في طريقهم للمستقبل، ونحن نردد من ورائهم كذب المنجمون ولو صدقوا.