وطنا اليوم – قال الخبير القانوني في التشريعات الإعلامية الدكتور صخر الخصاونة، بأن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الجديد من شأنه تكميم أفواه المواطنين وتحصين المسؤولين من أيّ نقد عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، مطالبين اللجنة القانونية باجراء تعديلات جوهرية على القانون الوارد من الحكومة.
وقال الدكتور الخصاونة خلال استضافته في حلقة جديدة من برنامج “استيديو اليرموك” الذي يُبثّ عبر شاشة قناة اليرموك الفضائية: إنه وبحسب قانون العقوبات، فهناك ذمّ وقدح مباح، وهو ما فسّرته المحاكم الأردنية على أنه “حقّ النقد المباح”، إذ يجيز القانون للمواطن انتقاد أداء السلطات العامة أو الموظف العام أثناء ممارسته عمله، على أن يكون النقد بعبارات ملائمة، وأن يكون بحسن نية ويحقق المصلحة العامة، ولكن وبحكم المواد (15 – 16 – 17) وما تلاها من موادّ في مشروع قانون الجرائم الالكترونية، “لن يكون هناك مجال ولو بنسبة (1%) لانتقاد أداء أي مسؤول أو موظف عام”.
ولفت الخصاونة إلى أنه وبحسب قانون المطبوعات والنشر، فيكفي أن يعتقد الصحفي بصحة ما عزاه حتى يفلت من العقاب، لكن الآن يجب أن يُثبت صحة كلّ خبر ينشره، إذ أن القانون الجديد يضع عبء اثبات عدم وقوع “ذم أو قدح” على عاتق المواطن أو الناشر.
وبيّن الخصاونة أن قانون العقوبات يُحدد متى يتم استثناء الذم والقدح من العقوبة، ولا توقيف بهذه العقوبة، لكن مشروع قانون الجرائم الالكترونية يجيز التوقيف ثم التحويل إلى المحكمة.
وأشار الخصاونة إلى المصطلحات والتعريفات الفضفاضة في مشروع القانون، قائلا إن الخلل في القانون أيضا أنه ذو صبغة جزائية”، مبيّنا أن “كل جريمة يجب أن يكون لها أركان محددة”، متسائلا “عن ماهية الأخبار الكاذبة وتعريفها، ومن يحدد ما هي الشائعة أو الخبر الكاذب؟ وتعريف اغتيال الشخصية وأركانها؟”.
كما تساءل الخصاونة عن تعريف “النعرات وازدراء الأديان الواردة في المادة (17)”، مشددا على ضرورة ضبط المصطلحات.
وشدد الخصاونة على ضرورة أن تكون التشريعات التي تمسّ حرية التعبير والرأي تتماشى وتتوافق مع نصوص الدستور التي تصون الحريات، قائلا إنه وبموجب القانون ستتحول المساحات المتاحة أمام مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي عبارة عن رأي واحد فقط، وهو الرأي الذي يريدون، أما إذا عبّر المواطن عن رأي آخر فسيكون مخالفا لأحكام القانون”.
ولفت الخصاونة إلى أنه وبحسب بنود القانون الجديد، سيكون استخدام برامج “VPN” والنشر على تطبيقات محظورة مثل “تيك توك” مجرّما.
وقال الخصاونة: كان الأولى بالحكومة تبنّي قانونا يوسّع مظلة حق الحصول على المعلومة، وأن تتبنّى تشريعا يُلزمها ويضع عقوبات عليها إذا امتنعت عن نشر معلومات، لافتا إلى أن الحكومة تترك كثيرا من الأحداث التي تمرّ بها البلاد دون توضيح حتى تصل ذروتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعدها يخرج تصريح صحفي مقتضب ينفي أو لا يعطي معلومة كافية للمتابعين.
وأكد الخصاونة ضرورة أن تلتزم الدولة بكفالة حرية التعبير والرأي، وأن تكفل حق الخطأ، وحق المسامحة وتتدرج بالعقوبات.
ودعا الخصاونة مجلس النواب إلى تفعيل نصوص الدستور الاردني بمنح الناس حقوقها الاساسية وعلى رأسها حق حرية الرأي والتعبير الذي يكفل لنا الوصول إلى مدنية الدولة، معبّرا عن عدم تفاؤله في إجراء مجلس النواب أية تعديلات جوهرية على مشروع القانون.
وتطرّق الخصاونة إلى أثر القانون على الحياة السياسية، قائلا: إن جلالة الملك مهتمّ بشكل كبير بمشروع الأحزاب السياسي، والحكومة تحاول ترويج الأحزاب السياسية وتشجيع الشباب على الانتساب لها، وفجأة تُصدر الحكومة نفسها قانونا تمنع فيه الحديث أو ابداء الرأي أو الاعتراض.
واختتم الخصاونة حديثه بالقول إن “هذا القانون عالج بعض القضايا المهمّة، وأقبل (60%) منه، لكن أتحفظ على (40%) منه، وتحديدا المواد التي تنتهك حقّ المواطن في حرية التعبير والرأي”.