‏بعد 11 شهراً ..فُرصه لنصارح أنفسنا

9 يوليو 2023
‏بعد 11 شهراً ..فُرصه لنصارح أنفسنا

‏حسين الرواشدة
‏بقي نحو 11 شهرا ،وتدخل “المملكة الرابعة ” اليوبيل الفضي (حزيران 2024 ) ، استدعاء هذه المناسبة ، بهذا التوقيت المبكر ، مهم لطرح سؤالين ،الأول: ما هي السردية التاريخية التي يفترض أن نقدمها للأردنيين ،لمصارحتهم بما فعلناه خلال السنوات المنصرفة ، سواء فيما يتعلق بما أنجزناه ، أو واجهناه، او أخفقنا فيه، الثاني : كيف ستكون المرحلة القادمة، وما المشروعات التي يمكن أن نطلقها تزامنا مع هذه المناسبه ، هل سننتقل ،فعلا ، من مرحلة “التعزيز ” إلى مرحلة “التحديث ” ، وكيف ؟

‏لكي تبدو هذه الأسئلة ،وغيرها ، وجيهة ، أسجل ملاحظتين ، احدهما ان نحو 65% من الأردنيين من فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم ال 30 عاما ، هؤلاء فتحوا أعينهم على المملكة الرابعة، وبالتالي فإن اغلبية الأردنيين هي من جيل لا يعرف كثيرا ما عاصرناه في مرحلة ما قبل الألفية الثالثة، الملاحظة الثانية : تتزامن هذه المناسبة مع انطلاق تنفيذ مشروعات التحديث الثلاثة ، حيث من المتوقع ان نشهد العام القادم إجراء أول انتخابات برلمانية ، وفق القوائم الحزبية، وربما نشهد ثاني حكومة حزبية أيضا.

‏أترك مهمة الإجابة على أسئلة الأردنيين لمن يهمه الامر ،وربما اقترح أن يتولى تلك المهمة نخبة من المعنيين ، القادرين على وضع رواية دقيقة و مقنعة بما جرى خلال السنوات الماضية ، لكنني أشير ،فقط، إلى سؤالين لإنعاش الذاكرة ،الأول: كيف صمدنا فيما مضى على الرغم مما واجهناه من تحديات وأزمات وعواصف ، وما جرى حولنا من تحولات و مفاجآت ؟ الثاني : متى كانت ظروفنا أفضل منذ تأسيس الدولة وحتى الآن ؟ ربما تبدو المقارنة بين أوضاع المملكة في العهود المختلفة مقارنة غير دقيقة ، نظرا لكثير من التغيرات والمستجدات و اختلاف أحوال العالم ، والأردنيين أيضا، لكن لا بأس أن نستحضر التاريخ لفهم واقعنا، وأخذ ما يلزم من دروس وعبر ، وصولا لرؤية المستقبل الذي نريده .

‏أعرف أن لدينا كتلة كبيرة من الأردنيين ما تزال غارقه بالإحباط ، أعرف ،أيضا ،أن فجوة الثقة بين الدولة ومؤسساتها وبين المجتمع توسعت ،ولا تجد حتى الآن من يجسرها ، أعرف ،ثالثا ،أن معظم إدارات الدولة لم تقدم للأردنيين سردية متكاملة عن المسيرة التاريخية للبلد ،و أنها اكتفت باتباع نظام العمل ب”المياومة ” ، أعرف ،رابعا، أن الجيل الجديد -جيل الألفية الثالثة – يكاد لا يعرف عن تاريخ بلده إلا النزر اليسير ، وأنه فتح عيونه على عالم متغير، وانشغل بالمقارنة بين ما هو فيه ،وما وصل إليه هذا العالم ، أعرف ،خامسا ، ان ما حولنا في الإقليم تغير أيضا ،فقد سقطت حواضر وانكفأت أخرى ، وأصبحنا وحيدين بعد أن انقطعت شرايين الدعم و المعونات ، و تضخم عدد السكان بسبب التهجير ، وفقدنا الكثير من الأدوار .. الخ، وبالتالي فإن معادلات اليوم ،لم تعد كما كانت بالأمس .

‏هذه الاعترافات التي يمكن لأحدنا أن يسترسل فيها يجب أن تذكرنا بمسالة مهمة ، وهي وجوب النظر بعينين لما أنجزناه، ولما أخفقنا به،انتصاب الميزان ضروري لكي لا نقع في فخ اليأس ، أو التغطية على الخطأ ، ولكي نكون منصفين لأنفسنا وبلدنا، الأهم من ذلك أن نفكر بما سنفعله بالمستقبل ، الإجابة على سؤال المستقبل أفضل بكثير من الاستغراق بالماضي ، تمجيداً له أو انتقاصاً منه ، المستقبل -هنا – هو أبناؤنا الذين نريد أن يعيشوا أفضل منا، وان لا يواجهوا ما واجهناه من نكسات وخيبات.

‏ بقي أن أقول : ستدخل المملكة الرابعة يوبيلها الفضي بعد 11 شهرا ، وهي أشد عوداً، وأقوى شكيمة، و أكثر تصميما على تحديث بناها ومؤسساتها، و الأهم الإنسان الأردني، وما يحتاجه من حريات وعدالة وعيش كريم ، فعلى مداميك الهمّة والأمل ننهض، إدارات الدولة والمجتمع معا ، لإكمال المسيرة بإيمان وعزيمة لا تلين ،إن شاء الله