وطنا اليوم:لليوم الخامس على التوالي، تستمر الاشتباكات الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تجري الكثير منها في مناطق وأحياء سكنية، لتلتهم نيرانها مبان مأهولة وأسواق كانت في القريب عامرة.
ويدفع المدنيون الثمن الأغلى في هذه الاشتباكات المستمرة، فإلى جانب مقتل وإصابة الكثيرين منهم برصاص طرفي الصراع، فإن ألسنة اللهب أصبحت تلتهم بيوتهم وأسواقهم، وهو ما وثقته الكاميرات.
هذه النيران، أصبحت بمثابة مشهد متكرر يظهر في مختلف مناطق البلاد، فيما يبحث المدنيون عمن يقوم بإطفائها، في ظل الخروقات المستمرة للهدنة، التي كانت من المفترض أن تشكل نافذة ضيقة يتنفسون من خلالها.
وأظهر مقطع فيديو، اندلاع النار في أحد المباني المدنية بالخرطوم، بعد سقوط مقذوف عليها، في ظل استمرار القتال بالقرب من مقر قيادة الجيش
وارتفع عدد القتلى، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، إلى 300 قتيل على الأقل منذ تفجر الصراع مطلع الأسبوع الحالي مع تواصل فرار آلاف المدنيين من الخرطوم.
وأفادت مصادر بحركة نزوح كبيرة من الخرطوم بحري نحو مدن أخرى بسبب الاشتباكات.
يأتي ذلك فيما هز إطلاق النار المتواصل وقذائف المدفعية والغارات الجوية، العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، فيما وقعت اشتباكات حول مقر قيادة الجيش والمناطق المتاخمة لمطار الخرطوم.
جثث في الشوارع
في السياق ذاته، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، إن 300 شخص على الأقل قتلو منذ اندلاع القتال يوم السبت، دون توضيح أعداد القتلى من المدنيين والجنود، لكن نقابة أطباء السودان التي تسجل الإصابات، قالت الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 174 مدنيا قتلوا وجرح المئات.
لكن يعتقد أن عدد القتلى الحقيقي يتجاوز هذا العدد بكثير، حيث يتعذر الوصول إلى الجثث في الشوارع بسبب كثافة الاشتباكات.
وسار الآلاف من النساء والأطفال، الأربعاء، باتجاه المحافظات خارج الخرطوم، متقدمين بين الجثث التي بدأت تنبعث منها روائح قاتلة، بحسب شهود لوكالة “فرانس برس”.
إضافة إلى ذلك، توقفت العشرات من مرافق الرعاية الصحية القريبة من الاشتباكات في الخرطوم والبؤر الساخنة في أنحاء البلاد عن العمل، نتيجة للأضرار التي لحقت بها، أو تم إخلاؤها لأسباب تتعلق بالسلامة.
قصف يطال المستشفيات
إلى ذلك، أدت الاشتباكات بين الجانبين إلى تضرر تسعة مستشفيات في الخرطوم. وفي المجمل، خرج 39 من أصل 59 مستشفى في المناطق المتضررة جراء القتال عن الخدمة أو أُجبرت على الإغلاق، وفق ما أفاد أطباء، سواء بسبب نفاد المعدات أو احتلال المقاتلين لها أو بسبب عدم تمكن أفراد الطواقم الطبية من العودة إلى تولي مهامهم.
أما مخزونات المواد الغذائية – وهي محدودة تقليديا في بلد يشهد في الأوقات العادية تضخما مرتفعًا جدًا – فهي تتلاشى، إذ لم تدخل أي شاحنة مؤن إلى العاصمة منذ السبت.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة يعاني أكثر من ثلثهم من الجوع، يقول العاملون في المجال الإنساني والدبلوماسيون إنهم لم يعودوا قادرين على أداء عملهم بعد مقتل ثلاثة موظفين في برنامج الأغذية العالمي في دارفور، غرب البلاد، فيما تندد الأمم المتحدة بنهب مخزونها ومنشآتها.
اقتتال دامٍ
يذكر أن هذا الاقتتال الدامي بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد كان انطلق الأسبوع الماضي، بعد أيام من دفع قوات الدعم السريع بنحو 100 آلية نحو قاعدة مروي في الولاية الشمالية، فضلاً عن بعض الآليات بمراكزها بالخرطوم، ما استفز الجيش الذي أكد أن تلك التحشيدات غير قانونية، وتمت دون تنسيق معه.
لكن قوات الدعم السريع أكدت أنها نسقت مع القوات المسلحة، رافضة سحب تلك الآليات، ليندلع القتال لاحقا، في بلد لا يزال منذ 2019 يحاول تلمس طريقه نحو حكم ديمقراطي جديد، يطوي صفحة الرئيس المعزول عمر البشير.
إلا أن مصادر مطلعة كانت أكدت سابقا أن الطرفين بدآ بالتحشيد العسكري قبل أسابيع