بقلم: الاستاذ يزيد ابو عامر
المغرب العربي كنموذج بينما تساق بعض الدول العربية إلى التطبيع مع اسرائيل بحكم موقعها الجغرافي وملابسات العلاقات الوطيدة بالقضية الفلسطينية ، تهرع دولا اخرى باستشراف مستقبل خال من الحروب والنزاعات والبحث عن سلام لا قاعدة ارضية صلبة تؤهل بقدومه ، نجد دولا اخرى تبحث عن حل المشاكل المستعصية في السودان الذي يعاني من الحصار الاقتصادي و أخذ يطارد بتهمة الارهاب وجد اليد الامريكية الحانية تقدم له الحل على طبق من فضة والمغرب الذي طال زمن بحثها عن حل لقضية الصحراء المغربية وجدت نفس اليد الحانية تنقذها بجرة قلم من ترامب الرئيس الامريكي الذي صدم العالم بقراره الاعتراف بالسيطرة المغربية على الصحراء المغربية كصفقة ناجحة يحققها قبل الرحيل مقابل ان توافق المغرب على الدخول في تطبيع لطالما استنكرته و بشدة و ادعت انه التفافا على الحقوق الفلسطينية والاشقاء الذين تسكب دمائهم لأكثر من 70 عاما وما زالت الانتهاكات الصارخة ابتلاع الاراضي وتشريد اصحابها الحقيقيين يطردون من اراضيهم على مسمع من العالم ومرأى منه …. هكذا اكد وزير الخارجية المغربي سعد عثماني ولكنه بعد 4 اشهر فقط من هذا الاعلان اصبحت التطبيع ضرورة حتمية اضطرت اليها المغرب لمعالجة مشكلتها الدائمة وهي الصحراء المغربية . مع ان المغرب تعلم جيدا ان لها اليد الطولى على ارض الصحراء المغربية وذلك لأنها تملك اكثر مدن وحواضر الصحراء و تعلم ان مشكله الصحراء في اروقة الامم المتحدة وانها بحاجه الى حل دولي قائم على المواثيق الدولية التي تنص على عمل استفتاء شعبي يقرر فيه سكان المنطقة حق المصير .
إلا انه و كما يبدو فإن المنطقة مقبلة على انقلاب جذري يصبح فيه العدو صديقا والمصالح مغارم ، فهناك ضبابية تغشى أعين أصحاب القرار تجعلهم يعتقدون أن من دار في فلك امريكا واصدقائها يستند على دعامة قوية حتى و إن اضطر لملء وطنيه بالسجون لتكميم الأفواه المعارضة .
هل يتناسى المغرب أن خطوة كهذه قد تجر نزاعات أكبر نطاقا في الاتحاد المغاربي الذي ظل عصيا على النزاعات التي طالت المشرق العربي .
نعلم جميعا أن تفكيك الاتحاد العربي الذي كان قائما قبل عقود تم بطريقة تدريجية دراماتيكية حتى وصلنا إلى تهميش لقضية العرب الاولى فهل سنصل إلى تفكيك المفكك أصلا ومن اجل ماذا ؟!!!! ومن اجل من ؟!!!!
الكل يعلم من تجارب الدول التي اضطرت لعقد معاهدات سلام مع اسرائيل أنها لم تحصل إلا على فتات الفتات فهل ستغدو الأفعى السامة حملا وديعا لأن الحملات الدعائية تسوق لها بطريقة مبهرجة !
العالم العربي يقف مشدوها تتقاذفه أمواج الحيرة بين لقمة عيشه و بين استرداد كرامته ، أما آن لأصحاب القرار في الوطن العربي مواجهة مشاكلهم بطريقة علمية و موضوعية و سيادية لا تأبه لإملاءات صاحب البيت الأبيض الراحل أصلا، و الذي يتخذ قراراته الفردية و العشوائية فيما يخص قضايانا و كأنه صاحب وصاية علينا .