وطنا اليوم:لعلّ الرئيس العراقي الراحل صدام حسين سيكون الأكثر حُزناً على حال بلاده المُتردّي بعد سُقوط نظامه، واحتلاله من قبل الأمريكيين، وهو يُشاهد لعلّه من العالم الآخر حال العراقيين مع الحكومات العراقيّة المُتعاقبة، وحال الجيش العراقي الذي كان يُصنّف من أقوى الجيوش العربيّة قبل حلّه، وجلب جيش شكلي، لا يبدو أن حاله قد تحسّن بعد 20 عاماً، على الأقل هذا ما عاينه وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، وبات حاله مصدوماً من حال الجيش العراقي البائس.
أحسن وزير الدفاع العراقي بذلك التفقّد الذي جاء على غفلة، وبدون تحضيرات مُسبقة، يقوم بها كما الحال في الدول العربيّة المسؤولون عن المكان الذي يزوره المسؤول وتلميعه، ولإبراز صُورة مُغايرة للواقع، ولكن الوزير العباسي الذي أراد فيما يبدو التعرّف على حال النقاط الأمنيّة وقطاعات الجيش في بلاده، سيكون مسؤولاً أمام الجيش، والشرطة، والشعب عن تغيير حالهم بعد مُعاينته الواقع، وحتى لا يُقول البعض (انتقادات طالته) بأن زيارته استعراضيّة أو تمثيليّة كون جرى تصويرها من قبل شخص كان يُرافق الوزير في الخلفيّة خلال جولته التفقّديّة المُفاجئة.
تخفّى العباسي وزار قطاعات الجيش في العاصمة بغداد بسيّارة تاكسي، وتحديدًا الفرقة السّادسة من الجيش العراقي المُنتشرة قطاعتها في بغداد، وحال الثكنات كما أظهر مقطع فيديو الزيارة مُؤسف، ومُتردّي، وبائس، ولا يسكنه بشر، ما يطرح تساؤلات حول بقيّة قطاعات الجيش العراقي في باقي المُدن والمُحافظات، إذا كان هذا حال “الفرقة السادسة” في العاصمة العراقيّة.
ويطرح تساؤلات أخرى عن عدم اكتراث المسؤولين العراقيين المُتعاقبين بحال ثكنات جيشهم، الذي من المُفترض أن يحمي البلاد، وماذا كان يفعل وزراء الدفاع المُتعاقبين إذا كان هذا حال ثكنات الجيش، فكيف بأدائه القتالي، ومعدًاته العسكريّة، وصُموده أمام المُعتدين.
علامات الدّهشة الشديدة كانت باديةً على قسمات وجه وزير الدفاع العراقي، حيث توجّه بالسّؤال لأحد الجنود في الثكنة: “يا عمّي شلون عايشين، شلون ترضاها كيف تقبلون هذه العيشة، ما أحد يعيش هذي العيشة”، وليُؤكّد بأنهم إذا قبلوا بها، هو لا يقبل على جُنوده هذه العيشة كما قال.
وتساءل الوزير العباسي خلال جولته: “هذا حال الجيش العراقي معقولة، وطرح سُؤال آخر: “المليارات وين رايحة؟”، وأضاف: “هذي منامة جنود، هذي منامة بشر”.
ويطرح الوزير العباسي هُنا سُؤالاً حول أين تذهب المليارات، والإجابة برسم الحكومات العراقيّة المُتعاقبة، ووزراء الدفاع المسؤولين الذين سبقوه عن ميزانيّة الوزارة، وللمُفارقة مثلاً تدّعي حكومات عراقيّة مثل حكومة الكاظمي، بأنها الحكومة الوحيدة التي لم تسمح بهدر المال العام، فيما تُلاحقها وغيرها تهم فساد كبيرة.
وتجربة وزير الدفاع العراقي العباسي التفقّديّة المُفاجئة، يرى البعض بأنه يجب عدم الحُكم السلبي عليها، والدخول في النوايا، وانتظار ما سينتج عنها، وبالعودة إلى حساب الوزير ثابت العباسي على “تويتر”، أكّد الأخير في تغريدة بأن زياراته التفقّديّة مُستمرّة لقطعات الجيش في جميع المُحافظات، مُؤكّدًا توجيهه بضرورة تغيير الوضع في الأفواج، وتحسين منام الجنود، والأرزاق بما يليق كما قال بالجيش العراقي الباسل.
وكان عُيّن الوزير ثابت العباسي في منصبه 27 تشرين أوّل 2022 وزيرًا للدفاع في حكومة محمد شياع السوداني، وهو حاصل على بكالوريوس في العلوم العسكريّة، وحصل وزير الدفاع على منصبه بترشيح تحالف “عزم” (نحو 20) نائباً، وهو ثاني أكبر تحالف “سني” في البرلمان، بعد تحالف السيادة برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
ويُحاول وزير الدفاع العباسي إثبات نفسه في منصبه فيما يبدو، ويُشاع صيت اسمه بين جنوده، حيث طالته الانتقادات عند تعيينه لافتقار سيرته الذاتيّة لوزير الدفاع العراقي إلى التخصص العسكري الفائق، وتقاعد من الجيش وهو برتبة مقدم، إلى جانب قلّة خبرته، وغياب الخدمة العمليّة، أو الرتبة العسكريّة، كما هو الحال مع وزراء الدفاع العراقيين الذين سبقوه.
يبقى السّؤال، هل ينجح الوزير العباسي في مهمّاته التفقّديّة، وينجح على الأقل في تحسين ثكنات جنود جيش العراق كخطوة أولى في طريق عودة الجيش العراقي إلى سابق عهده تسليحيّاً وعسكريّاً، خاصّةً أن الوزير تساءل مُستفسرًا أين تذهب المليارات، أم أن جيش عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي خُلِقَ ليبقى في صُورته الصّادمة، والتي لخّصتها قسَمات وجه وزير الدفاع العراقي المصدومة، وهو يزور ثكنات جنود بلاده