التعليم الأردني في ميزان التقويم والتصنيف الخارجي (5–5)

8 أبريل 2023
التعليم الأردني في ميزان التقويم والتصنيف الخارجي (5–5)

الدكتور محمود المساد – خبير تربوي

الحلقة رقم (5)

تعرضنا في سلسلة هذه المقالات من (1-4) إلى خمسة معاييرتقويمية وتصنيفية للدول المشاركة العربية والعالمية التي وصل مجموع بعضها عام 2018 في آخر دورة، وبعضها الآخر 2120 ما مجموعه 140 دولة. وكشفت هذه المعايير عن أن نتائج طلبة الأردن في مجموعها، تؤشر على أن واقع التعليم في الأردن لا يسرّ، حيث تبين أن في التعليم العام عموما الكثير من المشكلات التي قادت إلى تراجعه، وتراجع المجتمع أيضا في قطاعاته المختلفة. وجاءت هذه المعايير على النحو الآتي:

المعيارالأول – قائمة الأسوأ في اللامساواة في توزيع الدخل القومي بين سكان المجتمع.

المعيار الثاني: عمليات النظام والتشريعات الناظمة لها والمسيّرة لأعمالها، حيث  نجد حضورا متوسطا    للمساواة، وغيابا للعدالة والديمقراطية وتكافؤ الفرص.

المعيار الثالث: فقر التعلم والفاقد التعليمي بالنسبة المئوية، وعدد السنوات الدراسية ( فجوة التعلم ).

المعيار الرابع: الاختبارات الدولية التي يشارك بها الأردن معظم دول العالم.

المعيار الخامس: التصنيف العالمي لجودة التعليم – لدول عربية ودول عالمية – مشاركة في التقويم استنادا لمعايير محددة تشكل شكل الجودة ومضمونها بحسب تعريفها الإجرائي.

لا أحد يختلف على أهمية التعليم في أي دولة من دول العالم، والأردن من بينها،وتعرض لتأكيد هذه الأهمية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في أوراقه النقاشية، وخاصة الورقة السابعة، وتعرضت تقارير حالات البلاد الأردنية جميعها  2018 -2021 لهذه الأهمية من جانب آخر، وواقع التراجع الذي أصاب هذا النظام التعليمي مقارنة بالخطط الموضوعة له من مؤسسات النظام نفسه، مع التوصيات للتحسين والتطوير، لكن لا حياة لمن تنادي، حيث كشفت الأرقام والبيانات وبالذات الصادرة عن المؤسسات، والمنظمات الدولية أن هذا التراجع بدأ من بعد الأعوام 2006-2009.

والمعروف عالميّا أن التعليم هو المسؤول عن جميع مشكلات المجتمع في قطاعاته كافة، كما هو في الوقت ذاته المدخل الوحيد للحل. فالطبيب الذي تخرج من هذا النظام هو المعنيّ بمستوى أداء النظام الصحيّ، وكذلك المهندس المدني، ومهندس الطرق، والمعلم والصيدلاني …..إلخ.

ومن هنا تأتي الدعوات من كل الجهات الوطنية صادحة بتحسين أداء التعليم، إن أردنا بصدق تحسين مستوى حياة الناس في هذا المجتمع وتحقيق رفاهه. ولكن الذي نراه فعلا على الأرض هو إصرار تام على الهبوط بالتعليم، والضرب بالحائط لكل هذه الأصوات المحلية والدولية الناصحة؛ من أجل كسب شللي لمال فاسد، أو مناصب زائلة تم قبضها وتم الوعد بها.

وفي هذا الصدد، ومن باب التأكيد على الترابط الكبير بين التعليم ورفاه المجتمع، وأن تقدم المجتمع ورفاهه نتيجة لتطوير التعليم وتحسين أدائه، فقد كشف مؤشر قاعدة البيانات العالمية نامبيو    (NUMBEO) لجودة الحياة في العالم، أن الأردن حلّ بالمرتبة السادسة والخمسين عالميّا، والسادسة عربيّا في جودة الحياة، ( وفقا للمقال الذي أورده موقع وطن نيوز في يوم 5-4-2023 تحت عنوان: ماذا عن الأردن ؟.. مفاجآت في ترتيب الدول العربية بمؤشر جودة الحياة ). حيث أظهر المؤشر وجود 5 دول عربية في المراكز الـ50 الأولى، بالإضافة إلى 4 دول أخرى ضمن التصنيف الذي ضم 84 دولة.
ويصنف “نامبيو” جودة الحياة في دول العالم؛ بناءً على عوامل إحصائية مثل: القوة الشرائية، والأمن، والرعاية الصحية، وتكلفة المعيشة، وأسعار العقارات؛ مقارنة بدخل الناس، والتنقل، والتلوث، والمناخ.
ويعتمد الموقع على استطلاع آراء الناس حول مواضيع مثل: أسعار المستهلكين، ومعدلات الجريمة، وجودة الرعاية الصحية، والإحصاءات الأخرى.

إن نظام التعليم الأردني حاليا يواجه أعتي موجات التحدي في تاريخ تراجعه الذي مرّ عليه ما يزيد على عقد ونصف، فقد بات مكشوفا بلغة البنوك في رأس ماله الفكري والوجداني، وغلبت عليه السلبية والجفاف، دون جهد يذكر في البحث عن مخارج حلول، كل من قياداته يريد فريقه بما حمل متذرعا بأن الحال العام يسير هكذا……. (عدّ رجالك)!! .

والمحزن في كل المعادلة أن فقر التعلم الذي بلغ بين صغارنا البريئة 52% لم يتغير، لا قبل جائحة كورونا ولا بعدها، مع أن الجائحة كشفته أكثر، كما أن فجوة التعليم التي كشفت كل مستور عن طريق النتيجة التي وصلت إليه من أن الطالب الأردني بعد مروره بالمدرسة 12 عاما دراسة منتظمة بنجاح، يعادل بالميزان العالمي 7,7 سنة، وهذا يعني أن الطالب الأردني خريج الثانوية العامة يعادل فيما اكتسبه من تعلم  خلال 12 عاما 8 سنوات فقط .

لهذا كله، كيف لنا أن نتحدث عن جودة التعليم الأردني ونحن نمارس هواية التحزير من قيادات ليس لها تلك المعرفة بالتعليم، ولا رؤية في التعليم  بشيء، فهل من عقلاء يبدأون التطوير من نتائجه إلا من تقصدوا مخالفة الناس والمنطق، أو أتى لديهم خطة لاستمرار الحافلة بالتهور، كيف لنا أن نبدأ التطوير بامتحان الثانوية العامة، ونطور ماذا؟ الامتحان أم التعليم؟ وهل الامتحان إلا أداة قياس كاشفة لمستوى اكتساب الطلبة لما خطط لهم لاكتسابه من معارف ومهارات وقيم تشكل مضامين التطوير، بوصفهم هدف النظام الرئيس. وعليه، فمن فاتتهم هذه البدهيات لهم أن يعرفوا كم الجهالة التي وقعوا بها.

ومن الجدول التالي ( جدول رقم 6 ) علينا أن نكتشف بسهولة أين نحن من العالم الذي كنا في صفوفه الأولى؟ والآن نكاد نكون في المجموعة قبل الأخيرة … !! ورغم ذلك كله، يمكننا الوقوف والتامل والتقدم على جميع المؤشرات التعليمية والمجتمعية، لكن هذا يحتاج نظرة مختلفة، ومعايير مختلفة لاختيار فرسان التغيير مع تفويضهم باتخاذ القرارات من رؤوسهم، وفكرهم، ووطنيتهم الصادقة، وغيرتهم على الجيل، ومستقبل الوطن وازدهاره. إضافة إلى وضع خطة شاملة للتطوير لكامل النظام تتسق مع طموحات الدولة، في المنَعة والاستقرار، والازدهار الضامن لتحقيق الأردن الدولة الحديثة المستقلة.

جدول رقم  ( 6 )

يبيّن الجدول معايير التقويم الدولية التي ظهر فيها تصنيف الأردن في مجال التعليم العام

متسلسل المعيار التصنيف العربي التصنيف العالمي ملاحظات

الأسوأ في عدم المساواة 11 80 إضافة إلى غياب العدالة وتكافؤ الفرص

الفجوة التعليمية 7,7 – الفجوة التعليمية بطول 4 سنوات. أي أن الطالب الأردني بعد 12 سنة دراسة ما تعلمه يعادل مستوى صف ثامن

فقر التعليم %52 – =

4 الاختبارت الدولية

( هذه متوسطات نتائج طلبة الأردن ولم يذكر التصنيف هنا ) علوم…….. 429 رياضيات…. 419 قرائية………400 النتائج في جميع الاختبارات ( علوم؛ رياضيات؛ قرائية)، دون المتوسط الدولي

5 جودة التعليم 5 45 عدد الدول المشاركة في التقويم والتصنيف 140 دولة

بحسب إحصائيات المنتدى الاقتصادي في دافوس لعام 2023

وحتى نكون في مستوى الحدث الجلل، لا بد لنا من القول الفصل: لن تستقيم الأمور حتى تقترن المسؤولية بالمساءلة، وكفى الأردن ما حلّ به من تشويه لسمعته التعليمية، والتربوية التي كان فيها أحد أبرز العناوين العربية، وهذه لا تحتاج لشهود، حيث يشهد بها كل منصف من داخل الأردن، ومن خبراء التربية والتعليم في الدول الشقيقة. المال جيد ولازم، ولكن الأهم هو الفكر والرؤية، والقيم، والوطنية والانتماء، وتغليب المصلحة العامة، والسمعة الطيبة المتراكمة