هل يصمد الاتفاق السعودي الإيراني ؟!

18 مارس 2023
هل يصمد الاتفاق السعودي الإيراني ؟!

 

محمد داودية

عندما تربط السعودية موافقتَها على الاتفاق مع إيران، بوجود ضامنٍ وكفيلٍ لإيران، فإنّ أبسط استنتاجٍ هو أن النظام الإيراني يحتاج إلى ضامن وكفيل، وأنه يُقر بذلك !!

وينبؤنا طولُ فترة المفاوضات السعودية الإيرانية، التي امتدت لأكثر من سنتين، بوساطات متعددة عراقية وعُمانية وصينية، برئاسة مستشارَين أمنيين هما الوزير السعودي مساعد بن محمد العيبان، والأدميرال الإيراني العربي علي شمخاني، أن الملفات والعقبات وصلت إلى طرقٍ مسدودة مرات ومرات لأنها كانت قاسية ومعقدة.
ومع تقديرنا البالغ لدور الصين الحاسم والمهم في إبرام الاتفاق، فإن الأماني والرغائب غير الحقائق.
فلا أحد يضمن النظامَ الإيراني، لا الصين ولا روسيا ولا أية دولة في العالم، لأسباب أهمها وجود مراكز قوى متعارضة عديدة، تشخّص مصلحةَ النظام وِفق النص الدستوري الذي يعتبر “تصديرَ الثورة” مهمةً إلهية ملقاةً على عاتق النظام الجعفري الإثني عشري، الذي لا يؤمن بالتعددية السياسية ولا بالتنوع الإثني والمذهبي !!
فالمادة 3 من دستور إيران تُرتب لها “حقَّ” مناصرة المستضعفين، أو تحطيم عروش الطواغيت، أو تحرير الأراضي المحتلة !!
فهل يُلغي النظامُ الإيراني النصّ على تصدير الثورة الوارد في الدستور ؟! فيساهم في الانتقال بالمنطقة، من حالة الحروب بالوكالة وبالأصالة، إلى الاستقرار والانفراج الذي تحتاجه شعوبها ؟ أًم هو اتفاق التقاط الأنفاس؟!
يواصل شمخاني اتصالاته العربية فيقول من الإمارات التي يحتل نظامُه جزرَها الثلاث: “يجب أن يحل التعاون والتقارب محل العداء والتباعد” في المنطقة”.

إذا انطبقت قاعدةُ أن السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية، فإن قدرة الاتفاق على الاستمرار ضعيفةٌ جداً، نظراً إلى ما هو معروف عن بنية النظام الإيراني المستقرة الواضحة، التي تتعامل مع الاحتجاجات الشعبية المطلبية والسياسية، بالبطش والعنف والقمع المفرط.
إيرانُ جارتُنا الأبدية، التي لم يدُس أحدٌ من جيرانها العرب، على أي طرف لها منذ أيام الشاه إلى يومنا الحاضر.
وعلاقة العرب مع النظام الإيراني الشاهنشاهي ونظام الملالي، هي على الدوام، علاقة دفاع عن النفس !!
فالعرب سيظلون يقاومون شراهةَ النظام الإيراني وشرَّه، ووقفَ تدخله في شؤون ومصائر لبنان وسورية والعراق واليمن.
لقد قارف المتطرفون والأصوليون الإيرانيون “الكبيرةَ” السياسية حين اقتحموا السفارة السعودية في طهران سنة 2016، لكي يُفشِلوا دبلوماسيةَ روحاني وانفتاحه وبراغماتيته.
ولا ضمانة أن لا يتم الايعاز إليهم مجدداً باقتحام سفارات دولٍ أخرى !!
والحديثُ عن افتراق أو طلاق سعودي- أميركي والانتقال إلى حليف بديل، هو حديث رغائبي، تدحضه الحقائق المادية الاقتصادية الصلبة.
والعلاقات التجارية والاقتصادية هي الأساس بين الدول. وبعيدا عن الرغي والرغبة فإن التصريح التالي يلخص العلاقة الأميركيةالسعودية: (قال الناطق باسم البيت الأبيض إن شركة بوينغ أبرمت صفقتين وصفهما بالتاريخيتين مع شركة الخطوط الجوية السعودية وطيران الرياض، لشراء 121 طائرة ركاب من طراز “بوينغ 787 بقيمة 37 مليار دولار).

للأردن مصلحة في نجاح الاتفاق المؤمل أن ينعكس إيجاباً على المنطقة، لتتوقف الرعاية الرسمية الإيرانية المكشوفة لزارعي ومنتجي وتجار ومهربي المخدرات والسلاح من سورية إلى بلادنا وإلى العربية السعودية ودول الخليج العربي.
لا يُعقل أن يواصل النظام الإيراني نفس السلوك الموسوم بأنه سلوك خارج على القانون والأعراف الدولية، فهو يسيطر على دولٍ، ويحتل جزراً عربية، ويزود المنشقين وأمراء الحروب والمخدرات، بالمُسيّرات والمال والتدريب وبواخر السلاح والدعم الاستخباري اللوجستي !!
والرهان هو على إدراك أن مصلحة إيران من تطبيق الإتفاق، كبيرة جدا، هذا إذا تم تشخيص مصلحة النظام بأنها في احترام سيادة جميع الدول، وأن تصدير الثورة “شغل” ثورات وسلوك عدواني من الماضي !!