بدأت هذه المرحلة كما بدأت بها الكثير من الدول حول العالم التي أسـست أول نواة للجمعيـات التعاونية من طلبة المدارس وكانت تُسمى بالأسرة، حيث يجمع الطلبة فيما بينهم النقود ليوفروا حاجياتهم داخل المدرسة، ثم انتشـرت في المدارس تحت إشراف المدرسين وتوجيهاتهم، وكانت تعمل على خدمة أعضائها وبث روح التعاون بين طلبة المدرسة وتدريبهم على ممارسة شؤونهم بأنفسهم، “فالتعلم في الصغر كالنقش على الحجر”.
بدأ نشاط التعاونيات في الأردن يأخذ مساراً جديداً، حيث تأسست جمعيات تعاونية زراعية لتطوير زراعتهم ومكننتها واصلاح الأراضي وزيادة محاصيلهم وتنوعها، الا انها تقلصت كثيرا لغياب الدعم وتسويق وتصنيع المنتجات الزراعية بشقيها الزراعي والحيواني، مما تسبب في كساد المنتج وتكبد المزارع خسائر كبيرة وفاتورة ديون باهظة.
ومع التمدد والتطور العمراني وانكفاء الشباب عن العمل في الزراعة والاعمال الحرفية، لغياب التشجيع والدعم وبث روح العمل الجماعي، اتجه الشباب نحو البحث عن وظيفة مهما كان دخلها، وهذه من المظاهر السلوكيـة التي مثلت إرهاصات للحركة التعاونية .
ولكي تعود التعاونيات الى مسارها وأصل فكرتها، نحتاج الى مبادرة لخلق أجيال تمتهن السلوك التعاوني وتبدأ بترسيخ تعاونيات المدارس وتطوير فكرتها وهي في المدارس والجامعات كبيئة مثالية لتطبيقها نظراً لوحدة المكان والأهداف والروابط، مما يرسخ مفهومها لدى الطلاب ويفرز أجيالا تعاونية قادرة على ممارسة العمل التعاوني بإيمان ووعي ينعكس إيجابيا على نمو الحركة التعاونية على مساحة الوطن وبشراكة إستراتيجية مع الوزارات والموسسات ذات العلاقة .
واضافة لذلك، يتوجب على الحكومة أن تتخذ من التعاونيات سياسة تنموية وركيزة أساسية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعمل على تعزيز الحركة التعاونية وتطويرها ونموها ودعمها والمحافظة عليها استرشادا بالقيم والمبادئ التعاونية كدعامة من دعائم التنمية المستدامة، وذلك من أجل الارتقاء بالعمل التعاوني وتوسيع مجالاته ومساهمته في الاقتصاد الوطني، ويكون الهدف الإستراتيجي للحكومة والداعي إلى تطوير العمل التعاوني وكذلك المتابعة المستمرة لتنفيذ الخطط المتعلقة بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للعمل التعاوني والتأكد من تحقق مؤشراته .
ولا يمكن الاستغناء عن مشاركة مركز البحوث الزراعية بقيادة الدكتور نزار حداد مع فريقة المميز والمؤسسة التعاونية ومؤسسة الاقراض الزراعي، من خلال مبادرة ترويج وتنويع التعاونيات ونبدأ في القطاع الزراعي الذي هو مطلب ورؤى ملكية، بإقامة الندوات التوعوية والتعريفية بماهية العمل التعاوني بأنواعه وطرق تمويله، واقامة دورات تدريبية مختلفة لتطوير المنتج الزراعي واساليب وقايته وتصنيعه والتقليل من الكلف التشغيلية .
ولدعم هذه الغاية، نستطيع بناء فريق لتحفيز المجتمعات على العمل الجماعي وله رؤى سلوكية تُعنى بتطبيق نظرية التحفيز على السلوكيات التعاونية للعمل في مختلف القطاعات التنموية والتشغيلية الزراعية والصناعية والتسويقية، واقكار في التدريب والابتكار وتطوير المهارات .