وطنا اليوم:اعتبر رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين أن الأحداث الأخيرة في تبليسي تدل على أن واشنطن حرمت جورجيا من سيادتها، وسط مخاوف من احتمال زجها بهذا البلد في نزاع مدمر مع روسيا.
وكتب المحلل السياسي ألكسندر نازاروف أنه في ظل التصعيد المستمر في جورجيا، ليس أمام النظام الحاكم خيارا آخر سوى السقوط أو تلبية إرادة واشنطن بخنوع.
وحسب نازاروف، فإن سبب ما يحدث في جورجيا، وكيفية تعامل واشنطن معه واضح، هو الموقف المحايد لجورجيا من أحداث أوكرانيا، إضافة إلى كون حكومة جورجيا مؤيدة لأوروبا أكثر منها موالية للولايات المتحدة.
وأشار المحلل إلى أن واشنطن لا تحاول دفع جورجيا إلى المسار المطلوب فحسب، وإنما تسعى لفتح جبهة ثانية في الحرب الأمريكية ضد روسيا، معتبرا إن إطلاق هتاف “سوخومي” في مظاهرات تبليسي دليل على التوجه لتبديل أجندة الاحتجاجات، وتحويلها من قانون “العملاء الأجانب”، إلى استقالة الحكومة والهجوم على أبخازيا، استغلالا للمشاعر الانتقامية القوية التي تسود البلاد منذ 2008.
وذكّر نزاروف بأن روسيا لديها معاهدات تحالف مع الجمهوريتين، تتعهد بموجبها بحمايتهما، وأي هجوم جورجي عليهما سيعني تلقائيا انخراط روسيا في الحرب.
ورغم أن الاشتباكات بين السلطات في جورجيا ومعارضين محتجين على قانون يخص الجمعيات التي تتلقى تمويلا أجنبيا يبدو شأنا داخليا، فإن متخصصين في الملف الروسي يعتقدون أنه تحضير لصنع بؤرة ساخنة جديدة على حدود روسيا لإرباكها بجانب حرب أوكرانيا.
ويفند مدير مركز خبراء “رياليست” في موسكو، عمرو الديب، أسباب قلق الكرملين بشأن الاحتجاجات التي تشهدها جورجيا، الجارة الجنوبية لروسيا، منذ أيام، محذرا من “اشتعال بؤرة صراع مجمدة منذ سنوات”.
والخميس، عبر الكرملين، عن قلقه من الاشتباكات العنيفة بين الشرطة ومحتجين على مدى ليلتين بسبب اعتزام البلاد طرح مشروع قانون “الوكلاء الأجانب” الذي يلزم الجمعيات التي يكون أكثر من 20% من تمويلها من الخارج بالتسجيل في سجل خاص يصنفها كـ”عملاء أجانب”.
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، “إنها دولة مجاورة ورغم عدم وجود علاقات مع جورجيا في حد ذاتها، لا يمكن إلا أن يثير الوضع هناك قلقنا”، مضيفا أن روسيا ليست لها علاقة بطرح مشروع القانون.
يشير بيسكوف بذلك لاتهامات صدرت من معارضين في جورجيا بأن لروسيا يدا في طرح المشروع الذي يشبه قانونا تتبعه للتضييق على التمويل الأجنبي، خاصة من جهة الجمعيات التي تتلقى تمويلا من دول بأوروبا أو الولايات المتحدة.
يقول الديب، وهو أستاذ في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بجامعة “لوباتشيفسكي” الحكومية الروسية في “نيجني نوفغورود”، إن القلق الروسي يرتبط بالخوف من تكرار “السيناريو الأوكراني في جورجيا”.
يرجع ذلك لكون أساس الاحتجاجات هو الوقوف ضد قانون “العملاء الأجانب”، والذي تقدم به حزب يقال إنه مرتبط بشكل ما بروسيا، وتقليدا لقانون مشابه تعمل به موسكو، وذلك رغم أن قانونا مشابها أيضا تعمل به الولايات المتحدة.
الاحتجاجات يمكن أن تزيد المشاعر السلبية ضد كل ما هو روسي، بحسب الديب، الذي يصف ذلك بـ”الأمر الخطير”، وقد يحرك صراعا مجمدا بين روسيا وجورجيا.
في عام 2008، خاضت روسيا وجورجيا حربا استمرت 5 أيام؛ نتيجة تأييد موسكو استقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا.
يتحدث الديب عن محاولة الغرب “خلق نقطة ساخنة جديدة على الحدود الروسية؛ ما يزيد من قلق موسكو بشأن الأوضاع في جورجيا”.
نأت جورجيا بنفسها عن الاشتراك في تحالفات حرب أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، وهو ما يدفع الديب لترجيح “وجود رغبة غربية في زيادة التوتر هناك للتخلص من الحكومية الحالية، وقدوم حكومة تهدد مصالح روسيا في القوقاز”.
على ذلك، يقول مدير مركز خبراء “رياليست” الروسي إن ما يحدث في جورجيا “موجه في الأساس لروسيا، وليس مجرد غضب من القانون”.
يستدل بكلمة وجهها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، للمحتجين قال فيها: “ما من أوكراني لا يتمنّى لجورجيا الصديقة النجاح، النجاح الديمقراطي، النجاح الأوروبي”، ويعتبرها كلمة تساعد على فهم “اتجاه وأسباب هذه الاحتجاجات”.
لطالما مارست جورجيا، التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، “عملية توازن بين مشاعر مواطنيها المؤيدة لأوروبا، والأهداف الجيوسياسية لجارتها القوية روسيا، حسب “سي إن إن”.
يعتقد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ECFR وهو مؤسسة فكرية، أن حزب الحلم الحاكم يقود جورجيا نحو “مجال نفوذ روسيا”، حسب تقرير نشره في ديسمبر 2021.
لكن عمرو الديب، ينفي ذلك، ويقول إن “الحديث عن تدخل روسي في جورجيا بعيد عن الصحة”.
الخميس، أعلن الحزب الحاكم أنه سيسحب مشروع القانون من البرلمان، ورغم ذلك تعهدت المعارضة باحتجاجات جديدة