وطنا اليوم:اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد في أول تعليق له على موجة الاعتقالات التي تنفذها شرطة بلاده منذ أيام، الثلاثاء 14 فبراير/شباط 2023 بعض المعتقلين في الأيام القليلة الماضية بأنهم المسؤولون عن نقص الغذاء وارتفاع الأسعار في البلد بهدف تأجيج الأوضاع الاجتماعية، متعهداً بالمضي قدماً بنفس القوة والتصميم “لتطهير البلاد”.
حيث اعتقلت الشرطة منذ السبت عدداً من الشخصيات البارزة التي تربطها صلات بالمعارضة أو بمنتقدين لسعيد، ومن بينهم سياسيون بارزون ورجل أعمال له نفوذ ورئيس محطة موزاييك إف إم الإذاعية التي تبث انتقادات للرئيس.
الرئيس التونسي قال: “الإيقافات الأخيرة أظهرت أن عدداً من المجرمين المتورطين في التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي هم وراء أزمات بتوزيع المواد الغذائية ورفع أسعارها”. ودعا سعيد في لقاء مع وزيرة التجارة من وصفهم بالقضاة الشرفاء إلى اتخاذ القرارات المناسبة ضد “الخونة الذين يسعون لتأجيج الأزمة الاجتماعية”.
فيما يعاني التونسيون منذ شهور من نقص في عدة سلع أساسية على أرفف المتاجر مثل السكر وزيت الطهي والقهوة والحليب والزبدة، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أسوأ أزمة مالية.
يقول خبراء اقتصاديون إن أزمة نقص السلع الغذائية ترجع بشكل رئيسي إلى الأزمة المالية العامة في البلاد التي توشك على الإفلاس في ظل عجزها حتى الآن عن الحصول على قروض خارجية للتخفيف من أثر الأزمة الاقتصادية.
كان المفوض السامي لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة فولكر تورك قد عبر الثلاثاء، عن قلقه إزاء ما وصفه “بتفاقم القمع تجاه المعارضين السياسيين وممثلي المجتمع المدني في تونس، لا سيما من خلال التدابير التي اتخذتها السلطات والتي لا تزال تقوّض استقلال القضاء”.
لكن وزير الخارجية نبيل عمّار رفض هذه الاتهامات وقال: “إن تصريحات بعض الجهات الأجنبية بخصوص الإيقافات الأخيرة متسرّعة وغير دقيقة ومجانبة للصواب وتمس من استقلالية القضاء التونسي”.
وأضاف في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن الاعتقالات الأخيرة كانت بسبب قضايا خطيرة تتعلق بالأمن القومي للدولة التونسية ولا علاقة لها بالنشاط السياسي أو الحقوقي أو الإعلامي.
من جهة أخرى، تقول المعارضة إن حملة الاعتقالات تهدف إلى إسكات المعارضة وترسيخ نظام ديكتاتوري والتستر على فشل سعيد في إدارة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة.
مخاوف من تمادي قيس سعيد في سياساته
في سياق متصل، يخشى منتقدو سعيد من أن الاعتقالات تعني أن خطابه الناري الذي يتهم خصومه بالخونة يتجه للانزلاق إلى أفعال وتحركات قاسية يسهّلها تكديس السلطات، بما في ذلك السيطرة على السلطة القضائية بعد عزل عشرات القضاة وتعيينه لمجلس أعلى جديد للقضاء.
حيث تبدي المعارضة قلقاً متنامياً مما تصفها بتحركات واضحة من جانب سعيد لاستمالة الجيش ومحاولة إقحامه في الحكومة، مشيرين إلى تعيين مسؤول بارز في الجيش وزيراً للزراعة.
قال نجيب الشابي المعارض السياسي البارز: “استخدام الرئيس للمؤسسات العسكرية في الحياة السياسية يضر بالبلاد وبحياد الجيش وسمعته العالية”.
كما أشارت المعارضة إلى استخدام السلطات المتزايد للمحاكم العسكرية للنظر في القضايا السياسية منذ سيطرة سعيد على السلطة في عام 2021.
مع ذلك، يقول محللون ودبلوماسيون إنه لا توجد مؤشرات على أن الجيش يسعى بنشاط للحصول على أي دور سياسي. ولكن مصدر القلق الأكثر إلحاحاً للمعارضة هو قوات الأمن؛ أي الشرطة وغيرها من الأجهزة الداخلية المسؤولة عن الاعتقالات منذ يوم السبت.
فيما لا يزال العديد من التونسيين يذكرون الانتهاكات التي تعرض لها المعارضون قبل ثورة 2011. وفي بيان صدر الثلاثاء، حذرت أربعة أحزاب سياسية، وهي التيار الديمقراطي والتكتل وحزب العمال والقطب، من أن الاعتقالات تشير إلى “انحراف خطير من الشعبوية السلطوية نحو الديكتاتورية”