وطنا اليوم – خاص – بعد زيارة نتنياهو “اللئيمة” على حد وصف سياسي بوزن طاهر المصري و”الخبيثة” على حد وصف نقاشات وطنا اليوم ، يبدو ان الطاولة الاردنية تراكمت عليها مشكلات زيارة رئيس حكومة اليمين الاسرائيلية نتنياهو، و التي يبدو ان الجانب الاردني نفسه تفاجئ بالخطوة التي تلت الزيارة مباشرة بعد ان انطلقت الماكنة العسكرية الاسرائيلية في عملية لاجتياح مخيم جنين ، فيما زاد الموقف تعقيداً عملية القدس الشرقية التي عقدت موقف الدبلوماسية الاردنية ووضعت الخيارات الاردنية في موقف حرج.
ثمة انطلاقة لمستها وطنا اليوم لم تكن موفقة وكان توقيتها ايضاً غير مناسب حين بدأت الاقلام الاردنية بتمجيد الموقف الاردني بعد زيارة نتنياهو الى عمان حيث وصفت الزيارة من قبل بعض الكتاب بانها نصر للموقف الاردني ، في الوقت الذي كان يخطط فيه الجانب الاسرائيلي لخلط الاوراق الاردنية ، هنا كان التأني مطلوب وفرملة الاندفاعة الاردنية او بشكل ادق فرملة حالة التمجيد بالخطوات الاردنية مطلوبة، المسألة الاسرائيلية ليست كما يتخيلها البعض، حيث تحتاج الى تدقيق وتدوير لزوايا الحالة الاردنية الاسرائيلية وليس كما اعتقد البعض .
ثمة خطأ اخر وقعت فيه اللعبة الدبلوماسية الاردنية حين كشفت او كشف كتابها كل اوراق اللعب الاردنية شرقاً وغرباً، فيما كان الخبث الاسرائيلي يكمن في التوقيت، حيث كانت الدبلوماسية الاردنية تحقق تقدم في كافة خيوط اللعبة، حتى جاءت زيارة نتنياهو “الخبيثة”، وبعدها يعلن عن عملية عسكرية في جنين ليستفز بها الشارع المقاوم الفلسطيني وحدثت بعدها بساعات عملية القدس الشرقية ، ونشرت الماكنة الاعلامية الاسرائيلية صور العملية وركزت على صور الاطفال والنساء وبثت القناة الاسرائيلية العاشرة تقريراً باللغة الانجليزية عشية العملية في القدس الشرقية ، هنا اردت حكومة نتنياهو ارسال رسالة موجهة للغرب من اجل سحب البساط من تحت اقدام عمَان لانها تدرك ان الاردن يريد الضغط على اسرائيل من خلال استغلال ورقة الموقف الغربي لدفع اسرائيل لوقف التصعيد الدبلوماسي والعسكري، الا ان اسرائيل نجحت بهذه الخطوة في كسب التعاطف الغربي تجاه ضحايا العملية في القدس الشرقية وانتزعت الضوء الاخضر لتنفيذ عملية عسكرية في جيوب المقاومة وفي غزة تحديداً.
وهنا ايضاً يبدو ان حكومة اليمين الاسرائيلية التي كانت تعيش ازمة داخلية مركبة وانتقادات واسعة تتعلق بتغييرات طالت السلك القضائي، كانت تخطط لذلك وتريد ذلك حيث يُعرف عن العقيدة الاسرائيلية انها تتقن فن تصدير الازمة ، ويبدو انها نجحت بتوجيه الانظار عن ازمتها الداخلية التي تعيشها الى الالتفات الى عملية عسكرية بدأتها حكومة اليمين في جنين وتخطط لتوسيعها باتجاه تخوم غزة.
ضمن هذا السيناريو تكون حكومة اليمين الاسرائيلية قد نجحت في كسب التعاطف الغربي من ناحية ، ونجحت ايضاً في تصدير ازمتها الداخلية التي كانت تعيشها ، وفرملة الموقف الاردني الذي بات يحتاج الان الى وقفة وتدقيق في الخطوة التالية دون الالتفات الى عبارات التمجيد التي خطتها اقلام بعض الكتاب بعد زيارة نتنياهو مباشرة ، ليبقى المشهد الابرز الأن هو الحاجة الاردنية الماسة للتأمل والتأني في انتقاء الخيارات التي يمكن من خلالها ممارسة الضغط على اسرائيل التي نجحت في كسب الجولة الاولى من الصراع الدبلوماسي الاردني – الاسرائيلي.