وطنا اليوم:منذ بداية الوباء وما نتج عنه من اضطرابات في سلاسل توريد السيارات الجديدة، أدت في البداية إلى ارتفاع الأسعار، سجلت أسعار السيارات المستعملة أكبر زيادة سنوية لها على الإطلاق، بزيادة 45٪ خلال الاثني عشر شهرا التي انتهت في يونيو/ حزيران 2021.
ويأتي تلك الزيادة وفقًا لمؤشر أسعار المستهلك، قبل أن تتأرجح وتعاود الانخفاض لمدة 12 شهرا بعد ذلك، بنسبة 8.8٪ في أحدث قراءة لشهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويمثل ذلك أكبر انخفاض في 12 شهرا في أسعار السيارات المستعملة منذ يونيو/ حزيران عام 2009، عندما كانت شركات جنرال موتورز وكرايسلر في إجراءات إفلاس، وكان الاقتصاد ينزف نصف مليون وظيفة شهريًا.
وقال إيفان دروري، مدير الرؤى في Edmunds.com Inc، وهي مورد عبر الإنترنت لمخزون ومعلومات السيارات: “لقد كانت تلك الزيادة فاحشة جدا”.
وتظهر بيانات Edmunds متوسط سعر شراء سيارة مستعملة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بلغ 29533 دولارا، بانخفاض بنحو 1600 دولار من أعلى مستوى قياسي بلغ 31095 دولارا في أبريل/ نيسان عام 2022، كما أن متوسط سعر السيارة المستعملة اليوم هو نفس متوسط سعر السيارة الجديدة في عام 2010.
في حين أن أسعار الموديلات الحديثة من السيارات المستعملة انخفضت بنسبة 5٪ فقط عن ذروتها وفقًا لبيانات Edmunds، فقد انخفض سعر السيارات القديمة المستعملة منذ خمس سنوات أو أكثر، بنسبة 15٪ أو أكثر من أعلى مستوياتها في بداية عام 2022.
ويقول الخبراء إن أسباب التراجع تشمل معدلات فائدة أعلى، تجعل تمويل شراء السيارة أكثر تكلفة، مما يحد من الطلب.
وحذرت شركة CarMax (KMX)، أكبر شركة لبيع السيارات المستعملة في البلاد من أن الجمع بين الأسعار المرتفعة وأسعار الفائدة المرتفعة يخلق مشكلة القدرة على تحمل التكاليف للعديد من المشترين، مما يضر بالطلب الكلي.
لكن السبب الرئيسي لانخفاض أسعار السيارات المستعملة، هو زيادة المعروض من السيارات الجديدة، حيث أدى نقص مخزون السيارات الجديدة، إلى ارتفاع الأسعار. كما أن نقص قطع الغيار خاصة شرائح الكمبيوتر، أدى إلى وقف إنتاج السيارات الجديدة في معظم عام 2022، مما تسبب في حدوث أدنى مستوى لمبيعات السيارات الأمريكية طوال السنة، منذ عام 2011.
وأدى انخفاض المعروض من السيارات الجديدة إلى قفزة أكبر في متوسط سعر السيارات المستعملة، حيث تحول المشترون الذين كانوا سيشترون سيارات جديدة إلى سوق السيارات المستعملة.
وقال جريج ماركوس، نائب الرئيس التنفيذي لشركة AutoLenders، الشركة الأم لأكبر سلسلة لبيع السيارات المستعملة في نيوجيرسي: “في مرحلة ما، بدا أن كل من كان سيشتري سيارة جديدة انتهى به الأمر إلى المستعمل”.
وشمل ذلك شركات تأجير السيارات التي كانت قبل الوباء تشتري عادة حوالي 10٪ أو المزيد من السيارات الجديدة كل عام.
ومع وجود مخزون محدود من السيارات للبيع، توقف صانعو السيارات بشكل أساسي عن إجراء المبيعات منخفضة السعر، كما أن شركات تأجير السيارات اضطرت إلى اللجوء إلى سوق السيارات المستعملة.
كل ذلك بدأ يتغير في الأشهر الأخيرة، إذ تحدث صانعو السيارات عن المزيد من الإمدادات من الرقائق التي يحتاجونها، ويقومون بإنتاج وبيع المزيد من السيارات، فارتفعت المبيعات بنسبة 9٪ في الربع الرابع من 2022، مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، وبزيادة بنحو 6٪ مقارنة بالربع الثالث، وفقًا لشركةCox Automotive. ومع عثور المزيد من المشترين على السيارات الجديدة التي يريدونها، فإن هذا يعني انخفاض الطلب على السيارات المستعملة.
ويقول الخبراء إن جزءا من الانخفاض في أسعار السيارات المستعملة هو أن الزيادات في الأسعار لم تكن مستدامة، وكانت مدفوعة جزئيًا بمن يشترون في مزادات السيارات المستعملة، والذين دفعوا مبالغ زائدة مقابل العرض المحدود للسيارات المستعملة. وقال ماركوس: “لم يكن هناك مفر أمام الأسعار إلا أن تنخفض”.
وقد يكون هناك المزيد من الانخفاضات في أسعار السيارات المستعملة في الأشهر المقبلة، حيث تستمر مخزونات السيارات الجديدة في الارتفاع. إلا أن هناك أمر واحد يمكن أن يضع حدا أدنى لأسعار السيارات المستعملة، ومن احتمال أن يكون هناك نقص في المعروض من السيارات المستعملة من الطرازات الأحدث نظرا لتراجع إنتاج السيارات الجديدة على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأوضح ماركوس: “لا تزال قضية الإمدادات قاتمة”. وأضاف أنه بسبب ذلك “لا أعتقد أننا سننزل عن مستويات 2019”.
وشكل ارتفاع أسعار السيارات المستعملة دافعا رئيسيا لمعدل التضخم الإجمالي في البلاد، حيث أضاف حوالي نقطة مئوية كاملة إلى الزيادة الإجمالية في أسعار المستهلك من أبريل/ نيسان 2021 حتى مايو/ أيار 2022. والآن، فإن وتيرة التضخم هي عامل يساعد في خفض معدله، مما يقلل أكثر من ثلث نقطة من المعدل العام في ديسمبر/ كانون الأول.
وبات من الواضح أن هذه أخبار جيدة للذين يريدون أو يحتاجون إلى شراء سيارة مستعملة، رغم أنه يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على مشتري السيارات من خلال تقليل قيمة السيارة التي يأملون في تداولها.
ويظهر مؤشر Edmunds أن متوسط قيمة التداول في ديسمبر/ كانون الأول انخفض بنحو 3000 دولار، أو 11٪، إلى 22605 دولارات، مقارنة بالرقم القياسي في يونيو/ حزيران 2022.
ويمكن أن يشكل الانخفاض في قيمة التجارة الإضافية أيضا ريحا معاكسة لأسعار السيارات من خلال تقليل ما يمكن للمشترين دفعه