وطنا اليوم – عربي دولي
يكشف الدكتور حكيم جاب الله، العالم الجزائري المختص في علوم الفيروسات والأورام، عن أبحاث يعمل عليها مع جامعات بالولايات المتحدة الأمريكية، لفهم التطور الجيني لكورونا المستجد و الوقاية منه، إلى جانب استخدام أدوية السرطان في قتل هذا الفيروس، كما يرى المدير السابق لمعهد باستور بكوريا الجنوبية، أن تسويق اللقاحات على نطاق واسع في العالم يتطلب سنتين على الأقل، وهو ما يعني أن العالم سيكون أمام حتمية التعايش مع الجائحة، ليشرح في حوار مطول مع النصر، أهمية استخدام الكمامة و مدى نجاعة الاختبارات السريعة و «الموجة الأولى» إضافة إلى مواضيع عدة.
حاورته: ياسمين بوالجدري
* تخطى عدد وفيات كورونا في العالم، عتبة 1.3 مليون، أما الإصابات فتقارب 54 مليونا. كباحث مختص في علم الفيروسات، هل كنت تتوقع بلوغ هذا المستوى من الخسائر البشرية في ظرف 8 أشهر؟
نعم، هذه الوضعية كانت متوقعة. لقد تركنا الفيروس يخرج من الصين ولم تكن هناك إرادة لوقفه من خلال غلق الحدود و منع السفر والحد من التنقلات، فوصل الفيروس إلى أوروبا وإيران وأحدث كوارث هناك. هنا في الولايات المتحدة رفض الرئيس دونالد ترمب غلق الحدود مع بلدان أوروبا، فكانت هناك عواقب وخيمة خاصة في نيويورك، وهو نفس ما حدث في أمريكا اللاتينية و بلدان أفريقية.
للأسف لم تكن هناك قرارات سياسية لوقف انتشار الفيروس في العالم، شهري ماي و جوان، خاصة جوان الذي كان حاسما لوقف انتقال العدوى. حدثت أيضا مشاكل في تسيير الوضع من طرف منظمة الصحة العالمية، فأصبح كوفيد 19، حرا منذ شهر جويلية، وموجودا في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، كما أعيد فتح الاقتصادات.
العالم ضيع فرصة التخلص من الفيروس شهر جوان
* هناك تضارب بين العلماء بخصوص دخول العالم موجة ثانية من الجائحة. هل بلغناها فعلا؟
بالنسبة لي، لم أر الموجة الثانية بعد، ما أراه حاليا هو أن الموجة الأولى ما تزال متواصلة. من منظور الصحة العمومية و علم الأوبئة لا تحدث الموجة الثانية إلا بعد 3 إلى 6 أشهر منذ بداية الموجة الأولى، تكون خلالها نسبة العدوى 0 بالمئة، أي بعدم تسجيل أية حالة جديدة طيلة هذه الفترة، وفي العالم كله يوجد بلد وحيد لم يعلن عن أية حالة جديدة مؤكدة منذ 200 يوم، وهو تايوان، و قد تصل كوريا الجنوبية و نيوزلندا إلى هذا المستوى.
السلالات التي تنتقل حاليا هي نفسها، و لم تمُت طبيعيا بعد حتى نتحدث عن موجة ثانية. فيروس «سارس» الأول وهو من عائلة فيروسات كورونا، وصل سنة 2002، إلى كندا و أمريكا وهونغ كونغ و الصين، و تم القضاء عليه سنة 2003، ثم انتظر العلماء حتى 2004 للتأكد من انتهاء الموجة الأولى مع عدم تسجيل إصابات جديدة، لكن المشكلة في حالة “كوفيد 19»، أن الحركة الجوية والبرية لم تتوقف، والنتيجة أن فرنسا تسجل اليوم 100 ألف إصابة يوميا، وهو أمر من الصعب تسييره من الناحية الاقتصادية، كما أن الشعوب تعبت من هذا الوضع، لذلك أتوقع أن تسيير الأزمة سيكون أصعب مستقبلا و سيتم فرض شروط جديدة.
* هل ينتظر العالمَ شتاء صعبا؟
سيكون شتاء صعبا جدا. لقد رأينا ما الذي حصل في نيويورك عندما وصلها فيروس كورونا المستجد في فترة ظهور الانفلونزا الموسمية، حيث كانت هذه المدينة تحصي 30 شخصا يدخلون المستشفيات كل شهر بسبب أعراض الانفلونزا، لكن هذا الرقم وصل إلى 3 آلاف حالة في اليوم فقط. لك أن تتخيلي الفرق الشاسع وهذا يعني أنه سيصبح من الصعب التمييز بين أعراض كوفيد 19 و الانفلونزا الموسمية.
الجيد أننا تعرفنا على الفروقات بين المرضين، لكن الإمكانيات بالمستشفيات لم تتغير، و الطواقم الطبية وشبه الطبية في العالم تعبت، لذلك لجأت الولايات المتحدة على سبيل المثال، إلى خدمات عمال الرعاية الصحية المتقاعدين.
ما زلنا نعيش الموجة الأولى من الوباء
* ما هي أهم الاختلافات بين أعراض الانفلونزا الموسمية و فيروس كوفيد 19؟
هناك أمور كثيرة لم يفهمها العلم بعد، لكن أهم ما يمكنه توضيحه في هذا الشأن، أن الأنفلونزا تسبب الحمى المرتفعة لأنها تُحدث استجاب مناعية داخلية، لكن وجدنا أن “كوفيد 19» لا يغير الحرارة. في الانفلونزا تستمر آلم العضلات من أسبوع إلى اثنين، و تكون مصحوبة بجفاف الجسم، لكن في حالة كورونا يكون الألم قويا خاصة في منطقة الخصر و جانبي الظهر، مع وجع في الرأس يجعل المصاب يشعر كأن شخصا يدق عليه.
ما يشترك فيه المرضان تماما، هو انسداد الأنف واحتقان الرئتين، وهي كلها أعراض تحدث في البداية، لكن الوضع يصبح مقلقا و ينذر بأن الأمر يتعلق بكورونا، عندما تحصل تعقيدات صحية بنقص مستوى الأوكسجين في الرئتين، وهو ما يعني أن حالة المريض وصلت إلى درجة الخطورة، لكن في الأنفلونزا قد تسجل تعقيدات لدى أشخاص يعانون من قبل من السل أو الالتهاب الرئوي، غير أنها لا تكون خطيرة بنفس الدرجة، بينما في كوفيد 19 تمتلئ رئتا المريض بالمياه ويصبح غير قادر على التنفس، ما قد يستدعي تدخلا جراحيا.
هذا كله، يجعل من الصعب على الطبيب العام التمييز بين أعراض المرضين، لذلك يجب استشارة طبيب مختص.
* هل صحيح أن فيروس كورونا صار أضعف؟
فيروس كوفيد 19 الذي خرج من ووهان الصينية، تطور بسرعة عندما وصل إلى إيطاليا و إيران، ثم استمر في التطور و خلق تحولات تجعله يعيش في جسم الإنسان لفترة أطول، ليضر به إذا كان الشخص مصابا بمرض آخر، وهو ما يُحتم علينا أخذ الاحتياطات. لقد ارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا وارتفعت معه أيضا الوفيات، ففي الولايات المتحدة مثلا، امتلأت المستشفيات وقاعات الإنعاش خلال الشهرين الأخيرين.
هكذا يمكن التفريق بين أعراض كورونا والانفلونزا
لقد رأينا أشخاصا عالجوا من كوفيد 19 و غادروا المستشفى، ثم ماتوا بسبب مشاكل في القلب أو أمراض أخرى. كان هناك خلط في البداية واليوم تعلمنا أن الكثير من الذين يفارقون الحياة لم يموتوا بسبب كورونا بل بمرض آخر وتعقيدات ثانوية غير متصلة مباشرة بالفيروس. كوفيد 19 ليس مثل فيروسي “سارس» و «ميرس» اللذين يمسان كل أعضاء الجسم، فقد اكتشفنا حالات لم يكن الفيروس موجودا فيها على مستوى الأنف و الفم، فتكون نتيجة الاختبار سلبية، لكنه في الحقيقة متجمع و ما يزال حيا ونشيطا في الكبد والمخ و الرئتين.
بالحديث عن الاختبارات، ما يزال الجدل قائما في الوسط الطبي حول مدى موثوقيتها. ما رأيك في هذا الأمر؟
سؤال جيد، في الوقت الحالي الاختبار الوحيد الذي يقدم نتائج موثوقا فيها هو اختبار «بي سي آر» و ذلك بنسبة 99.99 بالمئة. اختبارات المصل وتلك السريعة ليس لها معنى لأن عائلة فيروسات “بيتا كورونا” تعيش معنا منذ سنوات، لذلك تشكلت في أجساد البشر أجسام مضادة طبيعية بسبب تعرضهم للعدوى منذ 20 إلى 30 سنة، لكن دون أن تكون لها علاقة بالفيروس الجديد.
لكن سعر فحص «بي سي آر» ما يزال باهظا لو أخذنا الجزائر كمثال، حيث يكلف 18 ألف دينار بما يعادل قرابة 120 أورو للاختبار الواحد، فما الحل؟
بالفعل، ولهذا السبب تجب الاستعانة بالخواص والجامعات لفتح المجال لإجراء هذا التحاليل بدل ترك كل الصلاحيات الرقابية لمعهد باستور.
* أظهرت الأبحاث أن هناك أشخاصا أصيبوا بكورونا للمرة الثانية، إلى أي مدى تصل درجة الخطورة في هذه الحالات؟
لقد وجدنا سنة 2015 في حالة فيروس «ميرس» وهو من نفس عائلة كورونا، أن أشخاصا مرضوا به تماثلوا للشفاء وبعدها مرضوا به مجددا، و بالنسبة لـ “كوفيد 19»، سجلنا شهري فيفري و مارس مصابين خرجوا من المستشفى بعد تعافيهم، لكنهم عادوا عقب أسابيع قليلة بعدما مرضوا مجددا و بنفس درجة الخطورة، ومنهم من فارقوا الحياة.
الفيروس خلق تحولات جعلته يعيش في الجسم لفترة أطول
لقد وجدنا في الولايات المتحدة خلال الشهرين الأخيرين، أنه ورغم تشكل الأجسام المضادة في بلازما المصابين الذين أخذت منهم تحاليل، إلا أنهم أصيبوا مجددا وهو أمر حدث أيضا في أمريكا اللاتينية و كوريا الجنوبية وأستراليا. هذا راجع ربما إلى كون المناعة ضد كوفيد 19 ليست فعالة ولا تدوم لفترة طويلة، فبعد شهرين من انتقال العدوى يكون هناك احتمال كبير للإصابة مجددا.
* أعطى اللقاح الأمريكي الألماني، الذي أعلنت عنه شركتا فايزر وبيونتك، آمالا كبيرة لشعوب العالم، حيث يعمل بتقنية حديثة تجعل الجسم يفرز أجساما مضادة بنفسه، على عكس اللقاحات التقليدية، فما مدى نجاعته إذا كانت الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم طبيعيا، لم تحمه من الإصابة مرة ثانية؟
يجب أن نعلم أولا أن هناك 312 لقاحا في العالم يخضع للتجارب السريرية، بين لقاحات تقليدية وحديثة و أخرى تعتمد على تكنولوجيا جديدة مثل لقاح فايزر و بيونتك. كل هذه اللقاحات باستثناء اللقاح الصيني وعدد قليل آخر، تهاجم بروتين “سبايك» الموجود في الجزء الخارجي والأساسي من فيروس “كوفيد 19»، وهو الذي يلتصق بخلية الانسان، كما أن أغلب الأجسام المضادة لدى المتعافين تتعرف على هذا البروتين. بالمقابل، اتضح أن هذه الأجسام لن تكون فعالة لو أصيب الشخص مرة ثانية و دخل المستشفى وتعرض لمشاكل تنفسية.
لقد أقرت الولايات المتحدة العلاج باستعمال الأجسام المضادة المأخوذة من بلازما الأشخاص المتعافين وهو ما اعتمدته شركتا “إيلي ليلي” و “ريجنيرون»، لكن هذه التقنية لن تكون ذات جدوى إذا استدعت حالة المريض، الاستشفاء. بالمقابل، هناك 10 إلى 11 شركة تحرز تقدما في مجال تطوير لقاحات ضد كورونا، غير أنه ستكون لها الكثير من الآثار الجانبية مثلما يحدث مع لقاح الانفلونزا الموسمية، لكن النتائج التي تم التوصل إليها جيدة، إذ تركز على استهداف بروتين “سبايك».
«بي سي آر» الأكثر صدقا والاختبارات السريعة ليس لها معنى
* قالت شركة “فايزر” إن لقاحها فعّال بنسبة تفوق 90 بالمئة، ما معنى هذا الرقم؟
الإعلان عن هذا اللقاح تم بطريقة تسويقية ليست علمية. لم تُقدم نتائج علمية بعد وحتى نسبة 90 بالمئة لا نعلم ما المقصود منها، وهي تدخل ضمن الخطاب السياسي، فشركة فايزر انتظرت حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية لتعلن عن منتجها، وهي تعلم أن بايدن المرشح الفائز، صرح سابقا بأن اللقاح سيقدم مجانا.
* ما مدى فعالية هذا اللقاح وهل ستكون الحصص المنتجة كافية لكل سكان العالم على المدى القريب؟
مطورو اللقاح قاموا بتجريبه على 45 ألف شخص، و وجدوا أن من أخذوا الجرعة الأولى منه تعرضوا للعدوى، ثم أعطيت لهم جرعة الإعادة و الدواء الوهمي فلم تظهر عليهم أية أعراض، وهذا لا يعني أن الشخص لم يمرض، بل لم تظهر عليه أعراض و لم يتم نقله للمستشفى.
الملفت، أنه و بعد يوم من الإعلان عن لقاح فايزر، أعلنت روسيا أن لقاح “سبوتنيك” الذي طورته، فعّال بنسبة 92 بالمئة، وهذا يدل على حالة التنافس الموجودة لتحقيق عائدات مالية وإمضاء عقود البيع، والكل يعلم أن حكومات العالم مستعدة للدفع.
كل الشركات التي تطور حاليا لقاحات ضد كورونا، لم تُجر ما يسمى بتجارب التحدي، بسبب مشكلة متعلقة بالأخلاقيات، فهذه التجارب هي التي تؤكد أن اللقاح يحمي فعلا من كورونا، لكنها تتطلب استخدام أشخاص يقبلون أخذ حقنه بالفيروس بعد تلقيحهم، في حين أنه لا يوجد بعد دواء لعلاج كورونا المستجد، بما يعني أنه سيتم تعريضهم للخطر.
الإعلان عن لقاح فايزر تم بطريقة غير علمية
* متى سيكون لقاح فايزر متوفرا لكل سكان العالم؟
الولايات المتحدة تحتاج لوحدها إلى 330 مليون وحدة لقاح، و أوروبا إلى 30 مليون جرعة، بينما لم تنتج فايزر إلى الآن سوى 30 ألف جرعة، وقدرتها تصل لـ 1 إلى 5 ملايين جرعة سنويا، والأمر نفسه بالنسبة للشركات الأخرى، في حين أن العالم تعيش به 9 ملايير نسمة ستكون كلها بحاجة للتطعيم، وهذا يعني أن على كل الشركات أن تتعاون لإنتاج لقاح واحد بوضع تجهيزاتها ومخابرها الخاصة تحت تصرف فايزر، وهذا أمر صعب التطبيق بالنظر للتنافس.
هناك مشكلة أخرى تتعلق بالأسعار، صحيح أن منظمة الصحة العالمية أطلقت مبادرة “كوفاكس» لتوفير اللقاح مجانا بمساهمة بيل غيتس و غيره من أصحاب المال، لكن “فايزر» أجرت الأبحاث على اللقاح بأموالها الخاصة وهذا يمنحها الحرية للتحكم في الأسعار، دون الحديث عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الاختلافات السياسية بين الدول، وقد يكون اللقاح وسيلة ضغط.
كوريا الجنوبية مثلا طلبت ضمانات من الولايات المتحدة و ألمانيا و انجلتزا بخصوص الحصول على لقاحات كورونا، لكن إجابة هذه البلدان كانت بسيطة وهي أن لأولوية لمواطنيها.
أعتقد أن تلقيح سكان الولايات المتحدة لوحدها قد يستغرق من عامين إلى ثلاثة، أما سكان العالم فيصلهم اللقاح جميعا خلال 3 إلى 4 سنوات، و تتوقف هذه المدة أيضا على اتفاقيات الشراء المبرمة بين البلدان و مدى توفر المادة الأولية التي أصبحت كل دولة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها وهذه مشكلة أخرى.
* يتطلب لقاح فايزر شروط حفظ خاصة، إذ يجب ألا تقل درجة حرارته عن 70 درجة تحت الصفر. هل هذا البروتوكل قابل فعلا للتطبيق، خاصة لو تحدثنا عن البلدان التي لا تتوفر على إمكانيات التبريد اللازمة؟
عندما تم تطوير هذا اللقاح، تم الأخذ بعين الاعتبار لوجيستيك التوزيع و التطعيم، فهناك مستشفيات لا توجد بها ثلاجات تتلاءم مع المعايير الجديدة للحفظ، فلو تم إخراج اللقاح من درجة 70 درجة مئوية تحت الصفر، سيكون لزاما تقديمه خلال يوم أو اثنين وإلا لن يكون فعالا، وهذا سيحدث مشكلة، خاصة أنه سيقدم على جرعتين بينها مدة لا تقل عن 4 أسابيع و يجب ألا تزيد عن 3 أشهر.
المناعة الجماعية غير قابلة للتطبيق مع كورونا
* كم من الوقت سيحمي هذا اللقاح، الجسم من فيروس كورونا؟
من الصعب إعطاء رقم دقيق، لكن لو قارناه باللقاح التقليدي فقد تصل مدة الوقاية إلى 10 سنوات، لكنها تختلف حسب الشخص و السنّ.
* راهنت بعض الدول في بداية انتشار الوباء على المناعة الجماعية، لكن النتائج كانت مخالفة للتوقعات. ما هو السبب؟
فكرة المناعة الجماعية لا يمكن أن تكون صالحة للتطبيق في حالة فيروس كورونا المستجد مثلما هو الأمر بالنسبة للانفلونزا، ولقد رأينا ما الذي حصل في السويد التي طبقتها، إذ أصبحت اليوم البلد الثاني في العالم من حيث نسبة الوفيات، بعد الولايات المتحدة، وهو ما حصل أيضا في انجلترا، لكن سرعان ما تخلت عن هذه الاستراتيجية بسبب الارتفاع المتزايد لعدد الإصابات.
فيروس “ميرس» وصل إلى المملكة العربية السعودية سنة 2012، و لليوم لم تتشكل مناعية عند البشر بل عند الإبل! من الصعب أن يحدث ذلك في بلدان ذات كثافة سكانية كبيرة دون مراقبة، و أقوى مثال على ذلك ما حصل في البرازيل والهند.
* رغم تأكيد العلماء في كل مرة على أهمية استخدام الكمامة، إلا أن هناك من يعتقدون أنها غير مجدية و يقولون إنها لا تحمي الشخص كلية، مع الحديث عن أضرار صحية محتملة بسببها. كيف تردّ على هذه الاعتقادات؟
الكمامة هي الوسيلة الوحيدة المتبقية لنا للوقاية من كورونا، فهي تمنع دخول الفيروس إليها و تحول دون خروجه من الشخص المصاب إلى المحيطين به. المشكلة تكمن في أن كثيرين لا يدركون بعد كيفية استعمالها، إذ يرتدونها فيغطون الفم و يتركون الأنف، أو يضعونها تحت الفم.
بالنسبة لمن يتحدثون عن أشخاص ارتدوا كمامات لكنهم أصيبوا بكورونا، تم فعلا تسجيل حالات بهذا الخصوص لكن فقط وسط الأطباء الذين يعملون بمصالح الاستعجالات والذين يعاينون مرضى كل 5 دقائق تقريبا، فتمتلئ أسطح كماماتهم بالفيروس إلى درجة تصبح غير واقية، وهو أمر لاحظناه بمستشفيات نيويورك، ما تطلب تغيير بروتوكول ارتداء الأقنعة.
* بصفتك مختصا في علوم الفيروسات والأورام، بدأت في إجراء أبحاث حول فيروس كورونا مع مخابر و جامعات أمريكية تعمل معها منذ نحو 6 أشهر. هلا قدمت لنا تفاصيل عن هذه الأبحاث؟
أعمل حاليا على 3 أبحاث، أولها بحث مع جامعة نيو ميكسيكو نسعى لإتمامه نهاية السنة، حيث نستخدم فيه تقنية الذكاء الاصطناعي لإجراء محاكاة لكيفية تطور فيروس كوفيد 19، وفهم التغيرات الجينية التي تحدث على مستواه.
أجري أبحاثا لفهم التغيرات الجينية في الفيروس
البحث الثاني نعمل عليه مع جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، من أجل التوصل لوسائل وقاية توقف عدوى كورونا، ولقد بدأنا التجارب على الحيوانات و ربما ستكون نتائجها جيدة جيدا. سنتحدث عن تفاصيل أكثر عن هذا الأمر في الأسابيع القادمة بعد إنهاء ترتيبات تتعلق ببراءة الاختراع.
أما البحث الثالث الذي أعمل عليه مع جامعتي نيو ميكسيكو و كولومبيا، فهو مهم جدا، إذ ندرس فيه كيف يهاجم الفيروس الخلية، بالرجوع إلى مرض السرطان، فهذا الأخير قد لا يقتل الإنسان إن ظل في عضو وحيد كالكبد، لكن إذا انتشر إلى أعضاء أخرى مثل البنكرياس أو القلب فإنه يصبح خطيرا. على هذا الأساس نستخدم الأدوية المستعملة من قبل في علاج السرطان لقتل الخلايا المصابة بفيروس كورونا. هذا البحث ما يزال في بداياته لأنه يحتاج تمويلا من الحكومة الفيدرالية.
* متى ستنتهي أزمة كورونا؟
الإجابة على هذا السؤال أمر صعب. لا أعتقد أننا سنتخلص من كورونا بسرعة. علينا التكيّف مع العيش بهذا الفيروس، مثلما تعايش هو مع أجسامنا التي أصبحت خزانا له. سنعيش في عالم جديد إلى غاية تسويق لقاح فعال، لذلك أؤكد مرة أخرى أن الكمامة تبقى حاليا، الوسيلة الوحيدة للوقاية.
الفيروس لن يختفي غدا ولا يوجد علاج فعال له لليوم، لذلك فالوقاية هي أفضل ما يمكن القيام به.
المصدر : وكالات