وطنا اليوم:توعَّد قادة النقابات المهنية والعمالية الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بـ”أم المعارك” بسبب مشروع إصلاح نظام التقاعد في البلاد، والذي يسمح للعمال والموظفين بالتقاعد عن عمر 62 عاماً، حسب ما ذكرته صحيفة “The Times” البريطانية.
كان ماكرون قد أعلن خلال ترشحه لولاية رئاسية ثانية أنه يعتزم رفع سن التقاعد إلى سن الرابعة والستين، وهو الأمر الذي سوف تكشف عنه الحكومة الفرنسية الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني على الأرجح، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.
فيما شجب اليسار الفرنسي هذا القرار المرتقب ووصفه بأنه “قاسٍ” وغير مقبول من قِبل النقابيين، الذين يهددون بإيقاف البلاد وشلها بالإضرابات والاحتجاجات في محاولة لإجبار الرئيس ماكرون على العودة عن هذا الأمر.
كما حذر رئيس نقابة “القوة العاملة”، فريديريك سويو، المعارض لهذا الإصلاح على غرار كل المنظمات النقابية والمعارضة السياسية باستثناء اليمين، من أنه “إذا كان إيمانويل ماكرون يريد جعل ذلك أُم إصلاحاته، فإن ذلك سوف يكون بالنسبة إلينا أُم المعارك”.
شهدت فرنسا منذ نحو ثلاثين عاماً سلسلة إصلاحات كبرى لأنظمة التقاعد لديها للاستجابة لتقدم سن الشعب والتدهور المالي في خزينتها، وفي كل مرة يعلن فيها عن تمديد سن العمل، تنظم حركات اجتماعية في بلد تعتبر فيه نسبة توظيف كبار السن متدنية بشكل خاص.
تأتي مبادرة ماكرون في أعقاب نشر تقرير رسمي في الخريف أظهر أن الإنفاق السنوي على معاشات التقاعد الحكومية سيتجاوز مساهمات الموظفين وأرباب العمل على مدى العقود الخمسة المقبلة، ما سوف يضيف مئات المليارات من اليوروات إلى الدَّيْن الوطني، الذي وصل إلى حافة 2.9 تريليون يورو.
بينما أشار تقرير مجلس التوجيه للتقاعد إلى أن فرنسا كان لديها 2.1 عامل لكل متقاعد في العام 2000، بيد أن هذه النسبة أضحت 1.7 عامل في العام 2020.
حسب “التايمز” فإنه بحلول العام 2070، حيث من المتوقع أن يكون متوسط العمر 90 عاماً للنساء و87 عاماً وستة أشهر للرجال، فسوف يكون لدى فرنسا 1.2 عامل فقط لكل متقاعد ما لم يوافق الفرنسيون على رفع سن التقاعد.
في رسالته عشية رأس السنة الجديدة، قال ماكرون إن نظام التقاعد الحكومي معرض لخطر الانهيار، وبالتالي يجب التكاتف والعمل على تفادي حدوث هذا الأمر.
مع ذلك، فإن محاولات إصلاح نظام التقاعد لا تحظى بشعبية كبيرة، إذ سبق لماكرون أن حاول تنفيذ إصلاح مماثل في العام 2019 خلال فترة ولايته الأولى، لكن ذلك أثار أسابيع من الاحتجاجات والإضرابات في القطاع العام قبل التخلي عن الخطة، خاصة مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
يقول المراقبون إن البلاد أصبحت أكثر اضطراباً الآن، مع أزمة تكلفة المعيشة التي تأكل ميزانيات الأسرة، في حين يواجه النظام الصحي الوطني صعوبات تسببت في قلق واسع النطاق.
كما أظهر استطلاع للرأي نُشر الأسبوع الماضي أن 68٪ من الفرنسيين عارضوا رفع سن التقاعد حتى سن 64 عاماً.
حتى رجال الأعمال، الذين يشكلون حجر الأساس لدعم ماكرون، قلقون من رفع سن التقاعد، وهنا يقول رئيس شركة أدوية يدعى، ديفيد فان أكير (44 عاماً)، إن الإصلاح “جرى تفسيره بشكل سيئ” وكان توقيته غير مناسب؛ لأنه جاء “بعد وباء كوفيد مباشرةً وفي خضم أزمة اقتصادية”.
أضاف: “هذا رأيي ليس فقط كرئيس لشركة، ولكن أيضاً كمواطن سيجد نفسه مرة أخرى مضطراً لتحمّل عواقب الإضراب الذي سيؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب بالفعل”