وطنا اليوم:أوضحت تقديرات خبراء ومؤسسات اقتصادية دولية أنه لا بشائر طيبة يحملها العام الجديد للحالمين بتحسن اقتصادي عالمي، وتتوقع أن يكون هذا العام أصعب من سابقه، سواء لأصحاب الأعمال أو للناس العاديين الطامحين فقط إلى سد احتياجاتهم الأساسية.
وتابع برنامج “للقصة بقية” (2023/1/9) معاناة شعوب عديدة من ارتفاعات قياسية في أسعار السلع والخدمات في ظل موجة تضخم عالمية هي الأسوأ منذ عقود، يُرجعها خبراء إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج واختناقات سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا.
وبينما تترقب المنطقة العربية ودول والعالم الإجابة عن خطورة آثار التضخم، فإن صندوق النقد الدولي رسم سيناريو قاتما للاقتصاد العالمي خلال عام 2023.
وذلك في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي لمحركات النمو العالمي الرئيسية، الولايات المتحدة وأوروبا والصين، ومعدلات تضخم عالمية بلغت مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
تحذير دولي
وفي هذا السياق، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من أن ثلث الاقتصاد العالمي سيتعرض لحالة ركود خلال هذا العام، وتضاعف معدل التضخم عام 2022 ليصل إلى حدود 9% بعد أن كان 4.7% 2021.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة التضخم 6.5% خلال هذا العام، وأن تتراجع في العام المقبل إلى حدود 4%. كما تنبأ الصندوق بتراجع معدل النمو العالمي هذا العام إلى 2.7% بعد أن كان 6% عام 2021.
وعلى المستوى العربي، قال جواد العناني، نائب رئيس الوزراء الأردني السابق للشؤون الاقتصادية، إن دول العالم العربي عليها التفكير في حل مشكلاتها من خلال تفاهمات إقليمية لتجاوز الأزمة الاقتصادية، موضحا أن اقتصادات الدول العربية التي كانت تعاني سابقا من مخلفات الحروب تأثر اقتصادها بشكل أكبر، كما هو الشأن بالنسبة لسوريا ولبنان والعراق.
وأشار إلى أن الدول النفطية أقل ضررا من التضخم الاقتصادي، لأنها قادرة على تعويض نفسها بسب ارتفاع صادراتها من النفط والغاز، معتبرا أن دول الخليج استفادت من الوضع الاقتصادي العالمي رغم أنها لم تكن تسعى إلى ذلك.
جذور الأزمة
وعن جذور الأزمة الاقتصادية في العالم، قال مصطفى يوسف، الباحث في الاقتصاد السياسي ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية والإستراتيجية، إن تدهور المعيشة في دول العالم يعود بالأساس إلى ارتفاع أسعار الطاقة وكذا ارتفاع أسعار المواد الغذائية وسلاسل الإنتاج والاستيراد.
كما اعتبر أن حلحلة الأزمة بين أميركا والصين وكذا تقليل التوتر في حرب روسيا على أوكرانيا من شأنه أن ينعكس إيجابا على انخفاض الأسعار، موضحا أن الجهة المستفيدة من مد الحرب العبثية في أوكرانيا هي شركات السلاح وشركات النفط الكبرى التي تستفيد من ارتفاع سعره في السوق.
أما بخصوص أوروبا، فرأى يوسف أن الدول الأوروبية يجب عليها حلحلة أزمتها مع روسيا هذا العام، لأنه تم إدارة الصراع معها بطريقة خاطئة وعقوبات غير مسبوقة.
كما ذهب إلى أنه على الدول العربية محاربة الفساد ووضع خطط تنموية تهتم بالإنسان بدل البنى التحتية، معتبرا أن جعل الإنسان منتجا يجعل الدول العربية تحقق نسبا جيدة من الاكتفاء الذاتي، خاصة في حال تم الاستخدام الأمثل للموارد ودعم الصناعات الصغيرة.
أرقام مخيفة
ورغم التفاؤل ببعض مؤشرات أداء الاقتصاد الأميركي الجيدة، فإن التقديرات لمعدل النمو لأكبر اقتصاد عالمي جاءت متشائمة، إذ يبلغ 1% فقط هذا العام، بعدما وصل إلى نحو 6% عام 2021.
أما بالنسبة للصين ثاني أكبر اقتصاد عالمي فالتوقعات تتنبأ بنسب نمو تتجاوز 4% للعام الجاري، بعد أن سجلت نموا بأكثر من 8% عام 2021.
كما سيكون التراجع الأكبر لمعدلات النمو المتوقعة من نصيب منطقة اليورو، إذ قـدّرت نسبة النمو المتوقعة هذا العام بـ0.5% فقط، وكان النمو في المنطقة اليورو قد سجل أكثر من 5% عام 2021.
ومن المتوقع أن تشهد اقتصادات المنطقة العربية نموا بنسبة 4.5% هذا العام، لكن هذا النمو سينخفض إلى أكثر من 3% العام المقبل، وكان قد سجل 5% العام الماضي.
وقد ارتفعت مستويات الفقر في المنطقة العربية لتصل إلى 30% من السكان، في ظل ارتفاع التضخم الذي وصل معدله إلى 14% العام الماضي، بحسب الجزيرة