جدل في مصر بعد حديث السيسي عن شروط جديدة للزواج

29 ديسمبر 2022
جدل في مصر بعد حديث السيسي عن شروط جديدة للزواج

وطنا اليوم:في الوقت الذي تشهد فيه مصر أزمة اقتصادية طاحنة وموجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار، دفعت المصريين إلى تقليل الإنفاق، وإطلاق مبادرات لترشيد تكاليف الزواج، فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين، بوضع شرط لاتمام الزواج يتمثل في دفع الرجل، مبلغا ماليا في صندوق يحمل اسم دعم الأسرة المصرية، إضافة إلى إجراء الشاب والفتاة تحاليل طبية، ومنح لجنة برئاسة قاض حق الموافقة على اتمام الزواج من عدمه.
السيسي قال إن الدولة طرحت صندوقا يتكفل بدعم الأسرة في أوقاتها الحرجة خاصةً عند نشوب الخلافات، وإن الصندوق سيحصل على الدعم من قبل الحكومة والمتزوجين، إذ تساهم الحكومة في دعم الصندوق بنفس القدر الذي سيساهم به المقبلون على الزواج.
وأوضح السيسي، في تصريحات له قبل أيام على هامش افتتاح مصانع في محافظة الجيزة، أن صندوق دعم الأسرة المصرية يأتي في إطار سعي الدولة إلى حماية الأسر أوقات الخلافات التي تعد أمرا واردا، قائلا: فترة الخلافات الزوجية من سيتكفل بالأبناء، الأطفال يضيعون وسط النزاعات.
وتابع: الدولة مسؤولة لإصدار نظم تحقق مقاصد الدين، فمثلًا الدين يدعو لإكرام اليتيم، ويجب على الدولة اتخاذ مقاصد وإجراءات تدعم ذلك الاتجاه.
ووجه السيسي، حديثه للمقبلين على الزواج: حضرتك مقدم على الزواج، ضع في صندوق دعم الأسرة مبلغا ليس كبيرا، كل الناس تستطيع دفعه.
وزاد: تقيموا الأفراح، وتختلفوا على قيمة الشبكة، وعندما يأتي الحديث على صندوق دعم الأسرة، تقولوا هذا كثير.
وطالب السيسي المقبلين على الزواج، بتأجيل الإنجاب لمدة عامين، حتى لو فشلت الزيجة لا يدفع الأطفال الثمن.

لجنة للموافقة على الزيجة

ولفت إلى ضرورة خضوع المقبلين على الزواج للكشف الطبي، وأن من سيوافق على إتمام الزواج، لجنة برئاسة قاض تعرض عليها نتائج الكشف الطبي عن طريق وزارة الصحة، ستعطي قرارا بسلامة التحاليل.
وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً لمتابعة أعمال اللجنة المسؤولة عن إعداد مشروع القانون.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي وجه بأن ينص القانون الجديد على إنشاء صندوق لرعاية الأسرة، ووثيقة تأمين لدعمها مادياً.
وقال المتحدث الرسمي إن الاجتماع استعرض بنود مشروع القانون، الذي يتضمن منح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة، إلى جانب وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة، فضلاً عن استحداث إجراءات للحد من الطلاق، والحفاظ على الذمة المالية لكلا الزوجين، ونصيب كلٍ منهما في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج، إضافة إلى إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان في حال الزواج أو الطلاق، إلى جانب توثيق الطلاق كما هي الحال في توثيق الزواج، وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.

188 مادة

وبحسب المتحدث الرئاسي، فإن لجنة إعداد مشروع القانون، عقدت 20 اجتماعاً، ووضعت الصياغة الأولية لعدد 188 مادة، وجارٍ استكمال المسودة الأولى لمشروع القانون، وخصوصاً ما يتعلق بوضع الإجراءات ومسائل الولاية على المال، لافتا إلى أن «المسودة تراعي في طياتها شواغل الأسرة المصرية من خلال الاعتماد على الإحصائيات الرسمية للدولة، ودراسة واقع القضايا والمشكلات المتكررة، التي مثلت عاملاً مشتركاً خلال العقود الماضية، فضلاً عن الارتكاز على العلوم الاجتماعية والطبية والنفسية في المسائل ذات الصلة كلها، مثل مشكلات الرؤية، ومسكن الحضانة، والاستضافة، وأحكام الخطبة.
من جانبه، قال المستشار عمر مروان وزير العدل المصري، إنه عرض ملامح مشروع قانون الأحوال الشخصية بصفة عامة على السيسي، ولكن سيتم الانتهاء من الأحكام التفصيلية للمشروع على مدار الشهر المقبل، و”عندما ننتهي سنبدأ في الفور على طرحها في الحوار المجتمعي، وسندعو إليه جميع فئات المجتمع”.
وأضاف: سنطرح الأحكام والأساس التي بُنيت عليها سواء كان علميا، إحصائيا، أو رأيا فقهيا، وجميع الأحكام التي وُضعت في نصوص القانون وإسنادها سواء من الناحية العلمية، الإحصائية، أو شرعية، وسنستمع إلى وجهات نظر الجميع، بحيث أنه من الوارد أن يكون هناك تعديلات أو وارد أن يتقبل الناس المشروع المطروح.

تحليل مخدرات

إلى ذلك، بدأت النائبة عن حزب مستقبل وطن الذي يمثل الغالبية في مجلس النواب هالة أبو السعد، جمع توقيعات للتقدم بمشروع قانون يلزم المقبلين على الزواج بإجراء تحليل المخدرات.
وقالت أبو السعد، إن مشروع القانون يأتي في وقت ترتفع فيه حالات ونسب الطلاق الناتجة عن تعاطي الزوج المخدرات، وإن إجراء التحليل قد يحد من نسب الطلاق.
وأوضحت النائبة في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، أن قانون الأحوال المدنية ينص في المادة 31 على أن يشترط لتوثيق عقد الزواج، أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج، للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، وإعلامهما بنتيجة الفحص، على أن يصدر بتحديد تلك الأمراض وإجراءات الفحص وأنواعها والجهات المرخص لها بقرار من وزير الصحة، بالاتفاق مع وزير العدل، على أن يعاقب تأديبيا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام تلك المادة.
وبموجب مشروع القانون الذي تقترحه يتم إضافة مادة تشترط لتوثيق عقد زواج أمام المأذون أو جهة التوثيق إجراء تحليل مخدرات لكل من الزوجين، للتأكد من عدم تعاطي أي منهما لأي عقار مخدر لما في ذلك من تأثير على الحياة الزوجية مستقبلًا.
وينص مشروع القانون على أنه في حالة ثبوت إيجابية عينة تحليل المخدرات دون وجود مقتضى طبي لذلك لدى أي من الزوجين، وجب إخطار الطرف الأخر فورًا بذلك، ولا يجوز في هذه الحالة للموثق إتمام إجراءات التوثيق إلا بعد إقرار الطرف الآخر بعلمه بذلك.

عبء جديد على الشباب

الاشتراطات الجديدة للزواج أثارت ردود فعل واسعة، وقال مأذون شرعي مصري، إنه ينصح المقبلين على الزواج في مصر بإتمام زيجاتهم في خلال شهرين حتى لا يخضعوا للشروط الجديدة.
وأضاف: بالنسبة للكشف الطبي والتحاليل هذا أمر ضروري ومفروغ منه، أما الشق الآخر الخاص باللجنة، فهل الحكومة متمثلة في القاضي ستعرف مصلحة البنت وإن الشاب مناسب لها من عدمه أكثر من أهلها وأكثر من البنت نفسها، هنا وكأن الزواج بعد ما كان اتفاق إرادة طرفين، دخل طرف تالت في علاقة من المستحيل أن يبقى فيها أكثر من إرادتين، ما يعني أن الشاب سيطلب الفتاة من أسرتها مرة ومن الحكومة مرة أخرى.
وأكد المأذون أن إجبار المقبل على الزواج على دفع مبلغ مالي لصندوق دعم الأسرة، عبء جديد على الشباب.
في المقابل يرى مؤيدو الإجراءات الجديدة أن مشروع القانون سيحد من معدل الطلاق الذي ارتفع في مصر في الآونة الأخيرة.
ووفقاً لتقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، أغسطس/ آب الماضي، ارتفعت نسبة الطلاق في مصر عام 2021 بنسبة 14.7 في المئة، مقارنة بعام 2020.
وبحسب التقرير، بلغ عدد حالات الطلاق نحو 255 ألف حالة عام 2021، مقابل نحو 222 ألفا عام 2020.

الطلاق الشفهي

إلى ذلك أعاد مشروع قانون الأحوال الشخصية، قضية وقوع الطلاق الشفهي من عدمه، وهي القضية التي أثارت جدلا بعد طرح السيسي لها قبل 4 أعوام، ورفض الأزهر لتصريحات السيسي، وتأكيده على وقوع الطلاق الشفهي.
وبحسب تصريحات وزير العدل، المستشار عمر مروان، حول موافقة الأزهر والأوقاف والإفتاء بشأن توثيق الطلاق الشفهي، فإن الأزهر انتصر في المعركة، حيث أرسل الأزهر ودار الإفتاء المصرية موافقتهما على صحة وقوع الطلاق الشفهي، وأن هذا الطلاق يقع ولا جدال في ذلك، لكن آلية تنفيذ هذا الطلاق وفق ما يراه المشرع.
بدأت أزمة الطلاق الشفهي عام 2017، عندما تحدث السيسي عن ضرورة ألا يقع الطلاق إلا أمام مأذون – أي حظر الطلاق شفويا، وردت هيئة كبار العلماء بالأزهر في بيان قالت فيه إن وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي، دون اشتراط إشهاد أو توثيق