لما جمال العبسه
يفصلنا عن نهاية العام الحالي اسبوعان تقريبا، ومن المفترض ان تخرج الحكومة خلالهما بجملة قرارات جديدة او ان تؤكد القائم واستمراريته، وهذا الامر محكوم بتسطح المنحنى الوبائي بحسب الحكومة، بالمقابل كان الالتزام بتعليمات السلامة العامة من ارتداء كمامات وتباعد اجتماعي يتزايد يوما بعد الاخر من قبل الناس، في رغبة منهم في حماية انفسهم من الاصابة بعدوى فيروس كورونا، وتجنبا للمخالفات المالية المفروضة على غير الملتزمين، ونتيجة كلا الامرين في الصالح العام.
«عودة الحياة الى طبيعتها» امل يصبو له الجميع ليس في الاردن فحسب بل العالم اجمع وهو صعب على اقل تقدير حتى النصف الثاني من العام المقبل ، ولكن بالمقابل الوضع العام في الوقت الراهن ساهم بحالة من الاحباط، فغابت الابتسامة بالرغم من انخفاض اعداد الاصابات، وفُقد الامل نوعا ما في تغير الواقع بعد سماع تصريح «سندرس» تغيير الاجراءات الاحترازية القائمة، وعدد ليس بالقليل متوجس مما سيحمله العام الجديد من مفاجأت غير سارة في حال استمرار نهج الاغلاق الجزئي يوميا، والكامل في نهاية الاسبوع.
الجميع اصبح متأكدا بأن الوباء قائم ولا مجال للتشكيك فيه والحرص هو السلاح الوحيد للوقاية، الا ان الوباء الاكبر والصعب تفاديه، والذي اقرت الحكومة به ممثلة بوزارة المالية التي وصفته بـ»الهم» الذي يُثقل كاهل الحكومة وهو الارتفاع المتزايد في نسب البطالة بين القادرين على العمل، فمهما كان التشجيع الموجه للقطاع الخاص للابقاء على بقية موظفيه، الا ان نسبة كبيرة منه لا يحقق نتائج مالية ايجابية وسيُجبر على الاستغناء عن موظفيه، اي تضاعف حجم المشكلة وقد تتجه لتصبح هيكلية، ومعها يصعب الحل.
دول مجاورة ادركت ان ركود الاقتصاد سيتزايد بشكل يصعب معه الحل اذا ما ابقت على اجراءات الاغلاق، فلا بد من العودة التدريجية الحقيقية للحياة مع فرض عقوبات صارمة على اولئك المخالفين لتعليمات الصحة والسلامة العامة، لينضبط الجميع مع قرب تحقيق انفراجة اقتصادية في بعضها، لدرجة ان احدى الدول بدأت باستقبال افواج سياحية من الخارج على ارضها لتعويض خسائر هذا القطاع والقطاعات اللوجسيتية المساندة على رأسها النقل الجوي، وبدأ بالفعل شعاع من الامل يصب في صدور الجميع ليزداد معه الامل مع تزايد الانضباط، كما قامت هذه الدول بالعودة الى المدارس التي اثبتت انها ليست بؤرة لانتقال العدوى، ضامنة معها سلامة ابنائها النفسية والجسدية.
ان تعليق ما سيحمله العام المقبل من اجراءات على الوضع الوبائي مع تجاهل ولو جزئيا الاوبئة الاقتصادية جراء جائحة كورونا حتما سيورث هما ليس فقط على صعيد مستوى البطالة غير المسبوق، بل يتعاداه الى ارتفاع غير مسبوق في الفقر والفقر المدقع، وتراجع اكيد في حجم الاستثمار خاصة في قطاع الخدمات والقطاع التجاري مع الانخفاض الكبير في القدرة الشرائية للمواطن، عدا عن الارتفاع في تكاليف المعيشة.. والقائمة تطول.
مرة اخرى ان تعليق الحياة برمتها على وباء كورونا سيخلق اضرارا اكبر من قدرتنا على تحملها، وان دراسة الموقف للعام المقبل يجب ان تركز على الامراض الاقتصادية والاجتماعية وكيفية تفادي تفشيها، وان تُعطى الاولوية ليس على حساب الحالة الصحية ولكن بالتماشي مع التعليمات الوقائية.