إحالة إلى التقاعد

16 ديسمبر 2020
إحالة إلى التقاعد

 

فراس طلافحة

إذا أردت أن تقتل موظفًا يعشق عمله. لا تُطلق الرصاص عليه، ولا تضع له السُم ليموت. فقط قُم بإحالته على التقاعد. وستقرأ نعي موته في الصُحف خلال أقل من عام.

 

إستهلال لا يُبشر بخير أبدًا للحكومة بإحالة أعضاء مجلس نقابة المعلمين إلى التقاعد. وقرارًا لا أعتبره إلا تعسفيًا وبه من الظُلم الكثير. وخاصة أنه جاء بوقت كنا نتمنى به على الحكومة الجديدة والتي يقودها رجل دبلوماسي توسمنا به الخير الكثير. لتغيير النهج الذي كان سائدًا منذ سنوات. وإعادة الثقة بالحكومة وقراراتها من قبل الشعب. لكن ما هو واضح أن الأمور ستبقى على ما كانت عليه ولا يمكن إعادة بناء جسور هذه الثقة وحُسن الظن من جديد.

 

المعلمون هم أنبل الناس بعد الشهداء. وهم كالشموع التي تحرق نفسها لتنير الدروب للآخرين، وبدونهم ما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولم يجلس أحدنا على كرسيه وتسيد من خلال منصبه الناس ليقتلهم بقراراته. المعلمون كانوا دائمًا مع الوطن. وأول من علمنا كيف نعشق الوطن، ونحني هاماتنا أمام العلم. والأمم التي قادت ركب الحضارة والتطور. كانت أولى إهتمامتها هو المعلم. لكن حكومتنا للأسف تمثلت ونفذت ما جاء ببيت الشعر “أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي. وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافي فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجـانِي” فكان منها الرد سريعًا ولم تجتهد بحل المشكلة وتصويب ما إرتكبته الحكومة السابقة بحقهم بل أتمت ما بدأت به وأحسنت ذبحهم.

 

المعلمون لم يسرقوا الوطن يومًا. ولم تُسجل بحق أحدهم قضية فساد واحدة. هم لم يبيعوا مقدرات الوطن وجعلوا اثمانها بحقائبهم وغادروا بها إلى الخارج ليعشوا برفاهية ويبنون القصور و ويُقيمون بالجزر وناطحات السحاب. هم بقوا على ثباتهم ولم يحنثوا بقسمهم الذي أجادوا نطق كلماته وعملوا به.

 

ما قامت به الحكومة. هي رسالة شديدة اللهجة. لكل موظف حكومي ولكل من تسول له نفسه منهم وإن ظُلم وتجبر به صاحب السلطة. أن يصمت عن حقه ولا يُطالب به. وإلا سيكون مصيره كما هو مصير من تمت إحالتهم على التقاعد ويموت بعد ذلك.

 

في النهاية أقول: أكبر عار على أي حكومة في العالم. هو: أن يموت الشرفاء ببلدانهم من الجوع والقهر.