وطنا اليوم:من الناحية التاريخية، غالباً ما كان يتم تغييب دور النساء في المجال العلمي خاصة، إما بسبب ضغط التقاليد والمجتمع أو قلة الفرص أو التمييز الجنسي الصريح. وفي حين تم الاعتراف ببعض العالمات المشهورات مثل ماري كوري وجين غودال في النهاية لمساهماتهما في مجالات تخصصهما، تم تجاهل عدد كبير من العالمات عبر التاريخ ببساطة بسبب جنسهن، بل حتى تم نسب اكتشافاتهن لرجال آخرين.
من الرموز المبكرة لبرمجة الكمبيوتر إلى اكتشاف بنية الحلزون المزدوج للحمض النووي وتقسيم الذرة، ادعى الرجال في الغالب أن هذه التطورات تخصهم. لم يسرقوا أفكار النساء فقط، بل قاموا بنشرها بأسمائهم الخاصة وفازوا بجوائز وكسبوا الملايين منها وأصبحوا رجالاً بارزين في عصرهم وأيقونة في الماضي.
اكتشافات المرأة
فيما يلي قائمة بخمس عالمات توصلن لاكتشافات غيرت البشرية ولكن تم نسبها لرجال:
روزاليند فرانكلين: لولب DNA المزدوج
يعتقد الجميع أن الفضل يعود إلى الثنائي العالم واتسون وكريك في الكشف عن تشكيل اللولب المزدوج الذي من شأنه أن يعزز فهم الحمض النووي البشري. لكن الحقيقة المخفية هي أن روزاليند فرانكلين أثناء بحثها في King’s College في عام 1951، هي التي التقطت صور الأشعة السينية لهيكل اللولب المزدوج للحمض النووي.
في الواقع، قدمت فرانكلين الصور للحمض النووي في مؤتمر قبل منشور Watson and Crick المشهور عن لولب الحمض النووي المزدوج، والذي يثبت بحد ذاته أنه لم يكن أول من اكتشفها. فكيف حصل هذا إذاً؟
تقول القصة إن اكتشاف فرانكلين الفوتوغرافي أكد وجود نظرية “الحلزون المزدوج” التي كان واتسون وكريك يحاولان إثباتها، وفقاً لموقع Science History Institute. ونشر الاثنان دراستهما جنباً إلى جنب مع الصورة في عام 1953، دون الاعتراف بمساهمة فرانكلين التي التقطت الصورة التي حولت فرضياتهما إلى حقيقة مثبتة. حتى إنهما حصلا على جائزة نوبل في عام 1962 لدراستهما بعد وقت قصير من وفاة فرانكلين في عام 1958.
آدا لوفليس: تطوير خوارزميات برمجة الكمبيوتر
لعبت آدا لوفليس، ابنة الشاعر الأسطوري اللورد بايرون، دوراً مهماً في تطوير أجهزة الكمبيوتر الحديثة. تعاونت لوفليس مع تشارلز باباج وعملت معه على “الآلة التحليلية”، والتي كانت نموذجاً أولياً للكمبيوتر. عملت لوفليس كمترجم رئيسي له وكتبت ملاحظات مفصلة خلال البحث.
في عام 1843، كتبت لوفليس ملاحظات توضح بالتفصيل كيف ينبغي للجهاز “نسج الأنماط الجبرية تماماً كما ينسج النول جاكار الزهور والأوراق” وهي في الأساس برمجة كمبيوتر، كما ورد في موقع The New York Times.
تمثل أفكارها أول اقتراح مسجل لما سيصبح في النهاية برمجة وخوارزميات الكمبيوتر. بعد سنوات، كان المؤرخون يجادلون في أن لوفليس كتبت بالفعل الملاحظات. وباعتبارها امرأة تركب الخيول وتعزف على القيثارة وتدرس الشعر، فقد قالوا على لوفليس إن لديها ما يسمى: “الاكتئاب الهوسي” حتى من قبل المؤرخ الذي كتب عن باباج، بروس كولير. الحقيقة هي أنه لأطول فترة، لم يرغب العلماء في الاعتراف بأن المرأة يمكن أن تحل مثل هذه المشاكل العلمية الصعبة. على الرغم من أنه بعد دراسة مفصلة للمراسلات، تم الكشف في النهاية عن أن الملاحظات تنتمي إلى لوفليس.
إليزابيث ماجي فيليبس: لعبة مونوبولي
لعبة المونوبولي-Monopoly- الشهيرة والمفضلة لدى الكثيرين كلعبة عائلية بالدرجة الأولى، اخترعتها امرأة تدعى إليزابيث ماجي فيليبس، وفقاً لموقع The New york Times.
أطلق على اللعبة التي اخترعتها فيليبس في البداية اسم “The Landlord’s Game”. هدفت لعبتها على اللوح إلى إظهار فوائد نظام هنري جورج لاقتصاديات الاستيلاء على الأراضي والاحتكار الاحتكاري.
قدمت شركة فيليبس طلباً للحصول على براءة اختراع للعبة، ولكن عندما أصبحت اللعبة شائعة بين الدوائر المتخصصة، تدخل تشارلز دورو وحصل على حقوق طبع ونشر لنسخته “المحسّنة” التي أطلق عليها اسم Monopoly، وقد تضمنت نسخته بعض الاختلافات التي جعلت من السهل اللعب بها. ثم باع دورو لعبته لشركة Parker Brothers، وضاع اسم فيليبس المخترعة الأساسية للعبة الأصلية في التاريخ.
ليز مايتنر: الانشطار النووي
كانت العالمة الألمانية ليز مايتنر هي التي اكتشفت إلى جانب شريكها في المختبر أوتو هان كيفية تقسيم الذرات. لكن للأسف، كان هان هو الذي أخذ كل المجد للاكتشاف.
مع صعود النازيين إلى السلطة خلال الثلاثينيات من القرن الماضي، اضطرت مايتنر، التي كانت يهودية بالولادة، إلى الفرار من وطنها. واصلت التعاون مع هان من موقعها الجديد في الدول الإسكندنافية.
وفي أوائل الأربعينيات من القرن الماضي، اكتشفوا ظاهرة الانشطار النووي. يقال إن مايتنر نفسها كتبت أول تفسير نظري لعملية الانشطار بعد الاكتشاف. لكن هان اختار حذف اسم شريكته أثناء نشر بحثهما. وهكذا لم يتم الاعتراف بمايتنر على الإطلاق لمساهماتها، وكان هان هو الوحيد الذي حصل على جائزة عام 1944 في الكيمياء من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.
على الرغم من أن مايتنر كانت تُعرف بعد الحرب العالمية الثانية باسم “أم القنبلة الذرية”، دافع هان مراراً لاستبعادها من الجائزة وعدم نسب أي من الإنجازات لها.
كانديس بيرت: نتائج علم الأعصاب
اكتشفت كانديس بيرت، عندما كانت طالبة دراسات عليا في جامعة جونز هوبكنز، أكثر الأشياء المرغوبة في ذلك الوقت في أبحاث الدماغ: مستقبلات تسمح للمواد الأفيونية بالحبس في الدماغ. كان هذا الاكتشاف كفيلاً بتغيير كبير وتقدم ملحوظ في مجال علم الأعصاب، حيث أدى إلى اكتشاف عنصر أساسي في كيمياء الدماغ.
كان الاكتشاف مهماً للغاية، لدرجة أنه حصل على جائزة ألبرت لاسكر المرموقة، والتي كانت في الغالب مقدمة لجائزة نوبل. للأسف لم تُمنح الجائزة لبيرت، وكل الفضل في النتائج التي توصلت إليها أخذها أستاذها الدكتور سولومون سنايدر، وبالتالي تم منح الجائزة له فقط. في الواقع، عندما كتبت بيرت رسالة احتجاج إلى لجنة الجوائز بسبب تجاهل مساهماتها، أخبرها الدكتور سنايدر رداً على ذلك: “هذه هي الطريقة التي تُلعب بها اللعبة”، وفقاً لموقع The New York Times.
هذه مجرد خمسة أسماء من بين عدد كبير من المكتشفات اللاتي تم إغفالهن عبر التاريخ لمجرد جنسهن. نظراً لأن المجتمع لم يأخذهن على محمل الجد، وجد العديد من الرجال فرصاً لسلب اكتشافاتهم وأخذ الجوائز عليها ليخلدهم التاريخ، بينما ظلت مساهمات هؤلاء النساء منسية. ولكن حديثاً بدأت أسماء هؤلاء النسوة تخرج من ظلال التاريخ ليعرف الجيل القادم أسماء المساهمين الحقيقيين وراء أهم الاكتشافات في العالم.