السفير الامريكي في الاردن : القطاع الحكومي لا بد أن يكون أكثر فعالية

6 أكتوبر 2022
السفير الامريكي في الاردن : القطاع الحكومي لا بد أن يكون أكثر فعالية


وطنا اليوم_ الحديث مع سفير الولايات المتحدة الامريكية لدى الاردن هنري ت. ووستر (وهو عضو مخضرم في السلك الدبلوماسي شغل مؤخرًا منصب نائب مساعد وزير الخارجية للمغرب العربي ومصر، كما شغل قبل ذلك منصب نائب رئيس البعثة الأمريكية في باريس والقائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في عمان.. وغيرها من المناصب).


لذلك لا يمكن اعتبار الحوار الذي دار بحضور عدد من الزملاء رؤساء تحرير وصحفيين واعلاميين وعدد من أركان السفارة وعاملين فيها على أنه مجرد لقاء صحفي مع السفير الأمريكي عنوانه الرئيس ” مذكرة التفاهم الثنائية بين الولايات المتحدة الامريكية والاردن ” لأن حوار المساعدات توسع للحديث عن العنوان الأكبر وهو “الشراكة بين البلدين” في كثير من الامور المحلية بدءا من : رؤى التحديث الثلاث : السياسية والاقتصادية والادارية والتي جاءت مذكرة التفاهم للمساعدات الامريكية من اجل “دعم برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني”، ودعم جميع رؤى التحديث والاصلاحات التي يضطلع بها الاردن.


الحديث لم يكن مجرد سؤال ورد على السؤال، لان كل رد حمل موقف “ورؤية” الولايات المتحدة الامريكية للدور الذي يضطلع فيه الاردن في الاقليم والعالم – حتى ولو عبّر السفير في بعض ردوده عن رأيه كدبلوماسي فرأيه الشخصي لم ولن يختلف بالتأكيد عن موقف بلده.
لذلك فحوار ” الشراكة ” تطرق لقضايا محلية اخرى مثل قضية اللاجئين السوريين، كما انتقل اقليميا للحديث عن سوريا ولبنان والعراق والضفة وغزة والقدس واسرائيل.. وحتى ايران.


لينتقل الحديث موسعا عن “مشاريع التكامل الاقليمي” ودورها واهميتها في تخفيف النزاعات في المنطقة، وليؤكد السفير في رده على سؤال لـ ” الدستور ” دعم الولايات المتحدة الامريكية لمشاريع التكامل الاقليمي الاقتصادية، ويؤكد مرة اخرى عمّا سبق والتزم به في آذار / مارس الماضي بدعم لمشروع ” الناقل الوطني ” بقيمة 300 مليون دولار – ليس من حساب مخصصات المساعدات – اضافة الى 400 مليون دولار اخرى من مؤسسة تنمية التمويل في الولايات المتحدة الأمريكية.


السفير هنري ووستر كان واضحا وصريحا بل ومباشرا جدا في التأكيد على ان المساعدات الامريكية للاردن “ليست مشروطة “، مضيفا بأن جميع ما ورد في مذكرة المساعدات الامريكية الاردنية من اولويات ومشاريع هي بناء على طلب الاردن وليس الولايات المتحدة الامريكية.
الحوار مع السفير الامريكي هنري ووستر باختصار حمل مضامين كبيرة – رغم قصر اللقاء الذي لم يزد على ساعة واحدة – ولو طال الوقت لوصلنا ربما لملفات دولية مثل اوكرانيا وروسيا والصين.. اضافة لملفات كنّا نتمنى ان يسعفنا الوقت للحديث حولها.


مذكرة التفاهم الثنائية حول ” المساعدات “
– السفير الأمريكي اكد ان مذكرة التفاهم الثنائية حول الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الامريكية والمملكة الاردنية الهاشمية والتي تم توقيعها 16 ايلول / سبتمبر 2022 من قبل وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي.. اكد انها تمثل صكا – بل – منصة لتمكين الحكومتين : الاردن والولايات المتحدة من البدء بعملية نقاش وحوار عن مواضيع ذات اهتمام مشترك،
مشيرا ان مذكرة التفاهم ستركز على قطاعين هما: قطاع المياه ( والتي تعتبر مشكلة اقليمية وليس للاردن فحسب ) – والقطاع الحكومي ( تطوير القطاع العام ) والمرتبط تطويره تماما بتمكين عملية البناء والنمو الاقتصادي.


– يشار الى ان مذكرة التفاهم الموقعة بين الولايات المتحدة والاردن الاخيرة هي الرابعة حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين حيث كانت الاولى في العام 2010 تلتها الثانية في العام 2015 ثم الثالثة في العام 2018 والرابعة 2022.
– ويذكّر السفير بأن الولايات المتحدة تعتبر اكبر مزود للمساعدات الخارجية للاردن وهذا منذ 1946 ” ونحن نقوم بهذا الدور منذ نحو 75 عاما تقريبا وخلال هذه الفترة تم تقديم نحو( 17 مليار دولار) على شكل مساعدات.


– الأهم من كل ذلك – وقبل كل شيء – يؤكد السفير الامريكي لدى الاردن بشكل واضح وصريح -كما كرّر- بأن المساعدات الامريكية للاردن ” غير مشروطة “، ولا توجد اية شروط في ” مذكرة التفاهم “.


– السفير الامريكي خلال حديثه كان حريصا على الايضاح بأن المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للأردن – سواء ضمن مذكرة التفاهم او خارجها – فجميع المساعدات انما تهدف لدعم الاولويات التي قامت حكومة الاردن بتحديدها ووضعها، ومن المهم جدا – يؤكد السفير الامريكي – فهم هذه الحقيقة لان هذه الاولويات في مذكرة المساعدات وضعها الاردن وليس الولايات المتحدة الامريكية.


– لذلك فان في مقدمة تلك الأولويات الأردنية دعم الاصلاحات ورؤى التحديث الثلاث ومن هنا يقول السفير بأن مذكرة التفاهم تهدف لدعم وتعزيز رؤى التحديث الاقتصادي والسياسي والاداري وكل هذه الافكار والمقترحات وضعتها الحكومة الاردنية.
– وبكل وضوح يقول السفير الامريكي ” ” تهدف حكومة الولايات المتحدة لدعم رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني و الاولويات التي يراها الأردن”.


” المياه “… ومشروع الناقل الوطني
* حول قطاع المياه قال السفير الامريكي لدى الاردن :
– ” قطاع المياه “.. مهم للغاية، ولذلك فسوف يتم تغطية أمور عديدة متعلقة بالقطاع من خلال مذكرة التفاهم، في حين سيتم تغطية مشاريع أخرى تتعلق بالقطاع بتمويل منفصل عن مذكرة التفاهم ومن أهم تلك المشاريع ” الناقل الوطني ” – تحلية مياه البحر – الذي ذكّر السفير بتعهده خلال مؤتمر عقد في آذار / مارس الماضي وبحضور وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، ووزير المالية د. محمد العسعس، حيث تعهد السفير الامريكي – خلال المؤتمر – بتقديم منحة بقيمة ( 300 مليون دولار) كمنحة لمشروع الناقل الوطني و أخرى بقيمة ( 400 مليون دولار) من مؤسسة تنمية التمويل في الولايات المتحدة الأمريكية.
اللاجئون السوريون


– في الحديث عن اللاجئين السوريين أعرب السفير الامريكي هنري ووستر عن بالغ الثناء والتقدير للموقف الأردني من استضافة اللاجئين السوريين مؤكدا أن هذا الدور ” تقدره الحكومة الامريكية ” على الصعيد السياسي وعلى صعيد المساعدات “، مشيرا الى ما تحمله الأردن من وجود من يمثلون ( 30%) تقريبا من تعداد سكانه لا تقوى على تحمله دول صناعية كبرى.


وبالعودة الى الارقام – قال السفير – ان الولايات المتحدة الامريكية قدمت ما مجموعه ( 12.2 مليار دولار) كمساعدات انسانية منذ بداية الصراع في سوريا.. ومن بين هذا المبلغ قدمت ( 140 مليون دولار) كاستجابة لوباء كورونا خلال الازمة.


كما قدمت ( الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية – USAID) قروضا ومنحا بنحو 22 مليون دولار من خلال برنامج الاغذية العالمي اضافة لمبالغ اخرى قدمت للاجئين.
رؤى التحديث
– الحوار حول الاصلاحات ورؤى التحديث السياسي والاقتصادي والاداري كان حاضرا وتكررت حوله الاسئلة وكان السفير واضحا منذ البداية بأن الولايات المتحدة الامريكية تدعم الاصلاحات وتدعم رؤى التحديث التي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني، لكنه في التفاصيل كان اكثر وضوحا حين قال : نحن ندعم رؤية التحديث السياسي لكننا كولايات متحدة امريكية لا ندعم حزبا معينا مقابل احزاب اخرى ولا نقف في صالح اية جهة لكن ” الرؤية السياسية” تتماشى مع قيم الديمقراطية في الولايات المتحدة ورؤية الملك خطة جريئة وتحظى باحترام كبير في جميع الدوائر والاوساط الامريكية وهي مليئة بالتحديات وتحظى باحترام شديد..خصوصا وأنها تهدف للتحديث خلال عشر سنوات وهذه خطوة جريئة.. وهذا ما يتطلع الاردن لتحقيقه.


– وعن رؤية التحديث الاداري (خارطة طريق تحديث القطاع العام) قال السفير انه تابع الحوارات التي جرت وسمع عن أمور مثل الغاء وزارة العمل والتاكيد على عدم الاستغناء عن العاملين.. وغير ذلك، موضحا ان هناك نقاشات وحوارات تمت مع الحكومة الأردنية وتعرفنا من خلالها على الاولويات واهدافها وافاق الحكومة..لكن دورنا – يقول السفير – مساعدة القطاع العام ليكون فعالا ولينعكس تحديثه على القطاع الاقتصادي.
دورنا تقديم المشورة – يقول السفير – لأن دورنا استشاري ولا نفرض رأينا.. فالخطة وقرارات التنفيذ للحكومة الاردنية والاردن دولة ذات سيادة.


– وبالنسبة لرؤية التحديث الاقتصادي وما يمكن ان تواجهه من تحديات قال : نحن ندرك بان أي خطة يضعها البشر تتاثر بالطريقة التي يتم تنفيذها بها، لان الانسان في النهاية وحتى المؤسسات سواء حكومات او مؤسسات هم من سيقومون بتنفيذ الخطة والفاعلية ستكون مرتبطة بقدرة اولئك الاشخاص على التنفيذ.


– ويوضح السفير ان مشاورات و” عمليات مراجعة ” تتم بين السفارة الامريكية والحكومة الاردنية لمدى التقدم الذي يتم احرازه في مذكرات التفاهم و برامج المشاريع المشتركة اضافة لمشاورات تتم دون تخطيط مسبق وبقضايا متعددة ووفقا للمستجدات والحاجة، وجميعها بلا شروط مسبقة بل هي ” عملية مراجعة ” وتشاور.

ووفقا للسفير فإن هذه المذكرة تركز على قطاعين أساسيين الأول قطاع المياه والثاني القطاع العام، موضحا أن هذين القطاعين اليوم من الأولويات التي تركز عليها الحكومة، حيث إن هناك أزمة حقيقية في هذا المجال سواء في الأردن أو المنطقة، أما القطاع الحكومي فلا بد من أن يكون أكثر فعالية ليصبح أداة تمكن وتدعم عملية النمو الاقتصادي


– أشار السفير الى أنه شخصيا لم يتفاجأ من ردود فعل لم تتوافق مع رؤى التحديث – فهذا امر طبيعي – والحكومة الاردنية مدركة بالتاكيد لهذا الامر ومن الطبيعي ان تكون هناك تحديات.. ولكن في النهاية هناك ما يستوجب المضي قدما في الاصلاحات.


التكامل الاقتصادي.. وأمن الاقليم
-” الدستور ” في سؤالها ربطت بين المساعدات الامريكية للاردن – وفي تفاصيلها دعم لمشاريع اقليمية – وبين الامن والتنمية في المنطقة انطلاقا من خطابي جلالة الملك عبد الله الثاني الاخيرين في الامم المتحدة وقمة جدة،حين اشار جلالته الى امن وتنمية المنطقة من خلال : مشاريع التكامل الاقتصادي بين ” الاردن ومصر والعراق ثم الامارات والبحرين وربما المملكة العربية السعودية، ومن خلال ضرورة اشراك الفلسطينيين في مشاريع المنطقة، هذه المنطقة ” المضطربة ” بملفات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والملف السوري، وكذلك العراق…فأين الولايات المتحدة من كل ذلك ؟


السفير الامريكي في الاردن هنري ووستر أجاب على هذا السؤال باسهاب قائلا :
ان فكرة التكامل الاقليمي وغاياته ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية وكانت الفكرة انه عندما يكون هناك تكامل اقليمي تكون فرصة حدوث النزاعات اقل بكثير، والتكامل في الاصل اثبتت السياسات وحسب التاريخ انه كلما كان التكامل اكثر، كانت النزاعات اقل.


وأضاف : – فكرة التكامل الاقليمي لنفس الاسباب التي ذكرتها تعتبر هدفا للولايات المتحدة منذ عقود طويلة ولا يقتصر على ادارة معينة وهي هدف استراتيجي بشكل عام… فنحن في الولايات المتحدة عندما نشاهد تكاملا اقتصاديا في منطقة، فذلك يعني أن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والنمو والازدهار بشكل افضل ونواصل دعمنا لذلك.. ونحن نعرف انكم في اقليم مضطرب بما يحيطكم سواء في غزة و الضفة والقدس وسوريا والعراق… وسط محيط مضطرب وهذا بالتأكيد يفرض تحديات..كما أننا نحاول أيضا قدر الامكان الحد من تأثيرات ايران في المنطقة.


– ومضى قائلا : لدينا امور أخرى ومشاريع اقليمية في قطاعات المياه والمناخ والنقل.. وكلها مرتبطة مع بعض لا يقتصر عليكم فقط بل على الجميع.


– من هنا فان جميع التحديات التي ذكرتها سواء في الاردن أوغيرها تتطلب تعاونا اقليميا، فلا تستطيع دولة أن تنجح لوحدها، حتى لو كان لديها قاعدة اقتصادية أو عسكرية كبيرة.. فالنقل والتجارة والمياه، تحديات لأي بلد.
حتى ننجح في التكامل نحن بحاجة للعلاقات بين الدول ” على الاقل اذا مش بنحب بعض نحترم بعض ” -كمّا قال السفير-.


قضايا الاقليم : ( لبنان وسوريا )
– قضايا الاقليم كانت حاضرة أيضا على طاولة الحوار ( الذي جرى في الهواء الطلق بحديقة السفارة الأمريكية في عمّان)..وردا على سؤال في قضية تهم الاقتصاد الأردني – حول مشروع الغاز المصري عبر الاردن وسوريا الى لبنان، اضافة الى ايصال الكهرباء من الأردن عبر سوريا الى لبنان وتأخر تنفيذ المشروع وموقف الولايات المتحدة من ذلك قال السفير الامريكي لدى الاردن :


– فيما يتعلق بلبنان فالحكومة الامريكية تنتظر الترتيبات المالية مع لبنان، ومن هي الجهة التي ستدفع كلفة مشروع تمديد الكهرباء والغاز.. بانتظار رد البنك الدولي وهل ستكون منحا او قروضا للبنان فنحن لن نقدم على اي خطوة – يقول السفير الامريكي – ولن نقوم بأي اجراء قبل ان نحصل على قرار البنك الدولي.. فالعقوبات ليست على لبنان أو الأردن أو مصر، وانما على سوريا.


– وحول سوريا قال السفير الامريكي :
– الطريقة الوحيدة للتوصل الى حل دائم ومستدام للصراع القائم في سوريا هواللجوء لآلية سياسية يتم من خلالها اشراك جميع الاطراف بها وليس النظام السوري لوحده وذلك وفقا لقرار مجلس الامن رقم 2254 المتعلق بهذه المسألة… و”نحن نتابع حوار الاطراف في جنيف ولكننا لا نرى أي تقدم” -كما يقول السفير، الذي أشار أيضا الى أن هناك تواجدا عسكريا امريكيا في سوريا لمحاربة داعش و”هذا التزام نقوم به جنبا الى جنب بالتعاون مع القوات المسلحة الاردنية وقوات التحالف “، اضافة للمساعدة بوصول المساعدات الانسانية التي تتم عن طرق الامم المتحدة.


– وحول ” قانون قيصر ” قال : قانون قيصر تم وضعه عن طريق المشرعين و الكونغرس والهدف من فرض العقوبات جعل الامور اكثر صعوبة على النظام السوري و الضغط عليه للجلوس الى طاولة المفاوضات.


– وقال إن من الامور الاساسية والمهمة في السياسة الامريكية تحميل المسؤولين عن خرق القوانين الانسانية في سوريا.. و”المجتمع الدولي على معرفة تامة بكل هذه التجاوزات وليس وحدنا فقط”.